أثارت زيارة الرئيس الفلسطيني
محمود عباس للعاصمة
اللبنانية بيروت، تساؤلات كثيرة حول أهداف هذه الزيارة المفاجئة، التي التقى خلالها بمسؤولين لبنانيين على مدار ثلاثة أيام، دون أن يلتقي الرئيس ولا وفده أي مسؤول في
مخيمات اللجوء الفلسطينية في البلاد.
وتعد زيارة عباس لبيروت؛ الأولى لرئيس عربي بعد انتخاب العماد ميشيل عون رئيسا للبنان في أواخر تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي. ورافق الرئيس الفلسطيني وفد "رفيع المستوى" ضم كلا من عضو اللجنة المركزية عزام الأحمد، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، مما طرح علامات استفهام كبيرة حول وجود هذا الأخير ضمن أعضاء الوفد.
نفوذ دحلان
وكشفت مصادر فلسطينية في لبنان لـ"
عربي21" عن أن عباس طلب من عون السماح للجيش اللبناني بدخول المخيمات الفلسطينية لوقف نفوذ القيادي في الحركة محمد دحلان داخلها.
وقال الصحفي الفلسطيني الذي تابع زيارة الرئيس عن كثب، وسام محمد، إن "الرئيس محمود عباس عرض على الرئيس اللبناني مشروعا أمنيا قدمه مدير المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، يسمح من خلاله ببسط سيطرة قوات الجيش اللبناني على كافة المخيمات الفلسطينية في لبنان، كما جرى ذلك مسبقا في مخيم نهر البارد".
وأضاف محمد لـ"
عربي21" أن "القيادي دحلان يحظى بشعبية واسعة في المخيمات الفلسطينية، وخصوصا في مخيم عين الحلوة، ويعود ذلك إلى إشراف دحلان على تنفيذ مشروعات للبنى التحتية، وتقديمه مكافآت مالية للشباب الفلسطيني بهدف الانضمام إلى ما بات يعرف بالتيار الإصلاحي في حركة فتح، وهو الأمر الذي أثر بشكل كبير على تراجع شعبية الرئيس عباس ومنظمة التحرير داخل المخيمات".
ولم يصدر أي تعقيب رسمي من قبل
السلطة الفلسطينية على هذه التسريبات، ولكن عزام الأحمد قال في مقابلة مع قناة الميادين اللبنانية على هامش زيارته للعاصمة بيروت، إنه "لا مشكلة لدينا إذا قرر الجيش اللبناني السيطرة على أي مخيم فلسطيني، مثل مخيم نهر البارد".
السلطة تتحفظ
وحاولت "
عربي21" التواصل مع مسؤولي السلطة الفلسطينية للتعقيب على مدى دقة هذه الأنباء، إلا أنهم تحفظوا عن الرد حتى عودة الرئيس الفلسطيني من جولته الخارجية.
ولكن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، قال لـ"
عربي21" إن "زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس جاءت تلبية لدعوة من الرئيس اللبناني، وتم خلال هذه الزيارة التباحث في مجموعة من الملفات التي تخص الجانبين، وعلى رأسها ملف
اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، والتنسيق المشترك لعقد القمة العربية بالعاصمة الأردنية عمان في آذار/مارس القادم، بالإضافة إلى الموقف الفلسطيني الرافض لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس".
ورفض أبو يوسف التعقيب بشكل واضح على ما تناقلته وسائل الإعلام حول طلب الرئيس عباس من نظيره اللبناني السماح بدخول الجيش للمخيمات، قائلا إن "الأشقاء اللبنانيين يدركون أهمية بقاء المخيمات الفلسطينية آمنة؛ لما لذلك من مصلحة قومية للجميع".
ويشكل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان ما نسبته 10 بالمئة من مجموع اللاجئين المسجلين لدى الأونروا، وقد وصل عددهم حتى نهاية الشهر المنصرم إلى 250 ألف لاجئ، يتوزعون على 12 مخيما، أبرزها عين الحلوة ونهر البارد وصبرا وشاتيلا.
وتناط مسؤولية حفظ الأمن في هذه المخيمات للجنة الأمنية الفلسطينية العليا بلبنان، وتضم هذه اللجنة فصائل منظمة التحرير وحركة حماس وباقي الفصائل الفلسطينية في لبنان.
وقبيل زيارة عباس لبيروت، شهد مخيم عين الحلوة للاجئين توترا بعد اشتباكات بين أنصار حركة فتح ومسلحين مجهولين، نجم عنها مقتل اثنين من المدنيين، ما دفع الحركة إلى الانسحاب من اللجنة الأمنية المشتركة، بحسب ما أشار إليه اللواء صبحي أبو عرب، قائد قوات الأمن الفلسطيني في لبنان.
لبنان يرفض
من جانبه؛ أكد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني من لبنان، عبدالكريم يعقوب، أن "زيارة الرئيس عباس تناولت قضية تحجيم دور القيادي المنافس له في الحركة داخل المخيمات".
وقال لـ"
عربي21" إن "زيارة عباس لم تكلل بالنجاح؛ بسبب تفهم القيادة اللبنانية لقوة ونفوذ محمد دحلان لدى قادة دول الخليج، وخصوصا دولة الإمارات والمملكة السعودية، إضافة إلى أن الفلسطينيين لن يقبلوا بهذا الطرح، فهم يعتبرون أن دخول أية قوات عسكرية غير فلسطينية داخل المخيم بمثابة احتلال وإعلان حرب".
وأضاف أن طريقة تعاطي السلطة الفلسطينية مع قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان "سلبية إلى أبعد الحدود، وفي كل مرة تخرج تصريحات ظالمة بحق المخيمات الفلسطينية، تجرّم الفلسطيني، وتدعو إلى تجريده من سلاحه، وبسط السيطرة اللبنانية على المخيمات".
وتساءل يعقوب: "بدلا من هذه التصريحات المشبوهة التي تجعل من الفلسطيني موضعا لتصفية الحسابات السياسية؛ لماذا لا تتم مطالبة السلطات اللبنانية بمنح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم المدنية؟".