نشر موقع مجلة "كريستيان ساينس مونيتور" مقالا لأستاذ العلاقات العامة في جامعة كولومبيا الدكتور كريستوفر ساباتيني، يناقش فيه المخاوف من تهديد إسلامي فعلي من دول
أمريكا اللاتينية.
ويقول الكاتب إن "هناك تهديدا إسلاميا في العالم الغربي، لكن إن سيطر هذا الهاجس على عقول صناع السياسة أكثر مما يجب، فإن هناك خطرا من تنفير شركائنا في المنطقة، ما يجعل من الأصعب تأمين تعاونهم للحفاظ على سلامة مواطني الولايات المتحدة".
ويضيف ساباتيني: "غادر أشخاص من الدول الكاريبية للانضمام إلى
تنظيم الدولة في سوريا والعراق، ما أثار مخاوف عودتهم بصفتهم إرهابيين مارقين، مثل العديد من الذين وقفوا خلف عدد من الهجمات التي ذهب ضحيتها مدنيون في أوروبا، كما كانت هناك تفجيرات 1992 و1994 في الأرجنتين ضد السفارة الإسرائيلية وجمعية (إسرائلي ميوتشوال ايد)، التي اتهمت فيها
إيران وحزب الله، بالإضافة إلى اعتقال ومحاكمة محمد حمدار في بيرو، الذي كان يبحث بهدوء عن أهداف محتمله في ذلك البلد، وهناك أيضا سلسلة من الاتهامات بأن طارق العصامي، الذي أصبح نائب الرئيس في فنزويلا مؤخرا، كان ولا يزال على علاقة بحزب الله".
ويتابع الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، قائلا إن "هناك تهما أكثر تطرفا، لكن ثبت من مصادر موثوقة عدم صحتها، مثل: وجود مناجم يورانيوم تسيطر عليها إيران على ضفاف نهر أورينوكو في فنزويلا، ووجود معسكر تدريب لحزب الله في جزيرة مارغاريتا في فنزويلا، ووجود معسكرات تدريب لحزب الله في منطقة الحدود الثلاثية بين الباراغواي والبرازيل والأرجنتين، ونصب صواريخ أرض جو في شبه جزيرة باراغوانا في فنزويلا، وكلها غير صحيحة".
ويمضي ساباتيني قائلا إن "تقريرا لمركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن عام 2012 فند هذه الشائعات، وقال إن إيران، وسعيا منها لإثبات وجودها عالميا، فإنها عملت على إقامة علاقة تجارية وصناعية مع بعض دول المنطقة الديمقراطية وبعض الديكتاتوريات المعادية لأمريكا، فاستثمرت في صناعات، مثل صناعة المركبات الزراعية ومزارع الألبان ومصانع الإسمنت والنفط والمناجم، وكلها غير مربحة بالنسبة لإيران، أما بالنسبة لادعاءات التعاون الإيراني الفنزويلي في مجال استخراج اليورانيوم، فأشار التقرير إلى أنه لا يبدو أن فنزويلا لا تملك كميات اليورانيوم التي تملكها إيران، ولا تملك إمكانيات تخصيب مثل إيران، فما هو المنطق خلف التعاون المزعوم؟".
ويشير الكاتب إلى أن التقرير وصل إلى الاستنتاج بأن "النشاطات الإيرانية في الغرب تثير عددا من المخاوف، قد يكون بعضها لافتا للأنظار.. فإعطاء التهديد الإيراني المحتمل أكبر من حجمه قد يقود إلى ردات فعل تكون أكبر ضررا من أي شيء يمكن أن تفعله إيران في تدهور العلاقات مع الحكومات الجارة".
ويورد ساباتيني أن "تقريرا مفصلا آخر قامت به منظمة (بروبابليكا) للصحافة الاستقصائية، كشف بأن هناك جهودا فعلية لمشاركة المعلومات الاستخبارية بين حكومتي الرئيسين السابقين هوغو تشافيز ومحمود أحمدي نجاد، لكن التقرير يعطي الانطباع بأن الحكومة الأمريكية مسيطرة على الوضع، وأن وزارة المالية أدرجت دبلوماسيين فنزويليين على قائمة الإرهاب بتهمة جمع أموال لحزب الله، ومناقشة عمليات إرهابية مع ناشطين في الحزب، ومساعدة متطرفين على السفر من فنزويلا للتدرب في إيران".
وتفيد المجلة بأن كاتب مقال بعنوان "التهديد الإسلامي في أمريكا اللاتينية" في صحيفة "ناشيونال إنترست" زعم ثلاثة أمور رئيسة؛ الأول بأن منطقة الحدود الثلاثية بين البرازيل والأرجنتين وباراغواي أصبحت مركز تمويل وتدريب لحزب الله.
ويعلق الكاتب قائلا إن "فكرة وجود هذه البؤرة تم تكرارها لعقود، لكن تم دحضها دائما، وربما تكون المنطقة أكثر المناطق التي ركزت عليها المخابرات الأمريكية، وتظهر ويكيليكس رسالة حكومية عام 2007، تختصر مؤتمر أجهزة الاستخبارات المختلفة في باراغواي، حيث تم التوصل إلى أن معظم اللبنانيين من سكان منطقة الحدود الثلاثية يؤيدون
حزب الله، وربما يجمعون له التبرعات ليقوم بعملياته في مناطق أخرى، لكن المنطقة ليست قاعدة للإرهابيين للانطلاق منها وشن هجمات على أمريكا".
ويلفت ساباتيني إلى أن "النقطة الثانية فهي بشأن اتهام ما يسمى قوات القدس الإيرانية بمحاولة استئجار مهربي مخدرات ليقوموا بقتل السفير السعودي في واشنطن حينها عادل الجبير، وقاد ذلك إلى توجيه وزارة العدل الأمريكية تهما لدبلوماسسين إيرانيين، فهذه صحيحة، وهناك أدلة، إلا أن هناك مشكلتين؛ الأولى أنه ليس هناك تعاون من تجار المخدرات، فممثلو قوات القدس لم يجتمعوا بتجار مخدرات بل بعملاء مخابرات أمريكية، والمشكلة الثانية هي أن الخطة الإيرانية لم تكن لا بالحجم ذاته ولا النوعية ذاتها، التي كما يشير إليها المؤلفان في مقاليهما، فلم يكن هجوما ضخما يهدد المواطنين أو البنية التحتية، لكنه كان مجرد مخطط لاغتيال سياسي".
ويستدرك الكاتب بأن "آخر اتهام في مقال (ناشيونال إنترست)، والمتعلق باحتمال وجود علاقات بين حزب الله ونائب رئيس فنزويلا الحالي طارق العصامي فقد يكون مبررا أكثر".
ويقول ساباتيني: "لا نقول بعدم وجود اتصالات وأنشطة من الإسلام المتطرف في المنطقة، بالإضافة إلى أن هناك أدلة على أن نائب الرئيس الفنزويلي العصامي، وهو من أب سوري وأم لبنانية، كان ناشطا في حزب الله في شبابه، وهذا أمر مؤكد، ما يثير مخاوف بشأن العلاقة بين حزب الله وتجارة المخدرات عندما فر وزارة الداخلية، لكن السؤال هو كيف ستستغل إيران وحزب الله نفوذهما؛ لأن هجوما إرهابيا كبيرا ضد المصالح الأمريكية سيؤدي إلى رد سريع ومؤلم للحكومة الدينية".
ويجد الكاتب أن "الخطر الأهم يأتي ممن انضموا إلى تنظيم الدولة، وقد يعودون للقيام بأعمال إرهابية فردية، وهؤلاء تتابع المخابرات بالتعاون مع الدول التي سافر منها الأفراد تحركاتهم".
ويخلص ساباتيني إلى القول إن "النظر إلى المنطقة من منظور الخطر الإرهابي فقط سيؤدي إلى عدم اهتمام بمصادر قلق أمريكا اللاتينية، كالنمو الاقتصادي والتغير المناخي والجريمة".