نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن الجدل الذي نشب في بلدة "فار" بجنوب
فرنسا، بسبب تدريس
اللغة العربية في إحدى
مدارس البلدة، وهو ما دفع رئيس البلدية للتقدم بدعوى قضائية ضد الحكومة الفرنسية لوقف هذه الدروس.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن بلدة "فار" تمر منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بحالة من الاحتقان بسبب ما راج حول
تعليم اللغة العربية في إحدى المدارس، ووصلت إلى القضاء، حيث يواجه النائب ورئيس بلدية فار، جون سيباستيان فيالات، ممثلي الحكومة في المنطقة، بسبب تدريس اللغة العربية في مدرسة "راينيي".
وبدأ الجدل بعدما نشرت والدة تلميذة في المدرسة، يوم 25 تشرين الثاني/ نوفمبر، صورة على حسابها في فيسبوك، لرسالة تذكّر من خلالها إدارة المدرسة الأهالي بإمكانية تسجيل أبنائهم في دروس للغة العربية، حيث جاء في الوثيقة: "يجب توقيع الوثائق المطلوبة من أجل الإسراع في تدعيم المراحل الابتدائية بدروس في اللغة العربية..".
وسببت هذه الصورة التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الذعر في صفوف بعض السكان الذين لم يخفوا توجسهم من أن تتحول هذه الحصص إلى دروس إجبارية.
في المقابل، ردت وزيرة التربية الفرنسية عن هذا الخبر قائلة: "هذه الدروس ستدخل في النظام التعليمي اللغوي، أو ما يسمى بثقافة المنشأ الذي أسس سنة 1997، ويهدف إلى تعليم أبناء المهاجرين العاملين بفرنسا"، مضيفة أن "المبدأ الذي يرتكز عليه هذا النظام التعليمي، هو وجوب التمكن أولا من اللغة الأم قبل اكتساب القدرات في لغة أجنبية أخرى"، وفق ما نقتله عنها الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن فرنسا وقعت سابقا عدة اتفاقيات مع تسعة دول مختلفة لتوظيف مدرسين لتقديم دروس بلغات أجنبية، وهذه الدول هي: الجزائر وتونس والمغرب وتركيا وإسبانيا وإيطاليا وكرواتيا والبرتغال وصربيا.
وبيّنت الصحيفة أن هذه الدروس موجهة أساسا إلى التلاميذ الذين تنحدر أصولهم من هذه الدول، وهي ليست دروسا إجبارية، بل تندرج ضمن المواد الاختيارية للتلميذ في المرحلة الابتدائية.
وقال مدير مدرسة "راينيي": "بكل بساطة، دخلنا الأقسام وطلبنا من التلاميذ الذين يريدون الاشتراك في تلقي دروس في اللغة العربية، بأن يرفعوا أيديهم لكي يملؤوا استمارة التسجيل".
وعلق أحد الممثلين عن حزب الجبهة الوطنية المتطرف؛ بقوله: "للمرة الثانية على التوالي، يتلقى أولياء تلاميذ مدرسة راينيي وثيقة لتوقيع مذكرة تسجيل أبنائهم لتلقي دروس في اللغة العربية".
من جانبه، بعث فيالات ببرقية احتجاج للمتفقد العام لأكاديمية نيس يبلغه فيها امتعاضه، قائلا:"لن أوقع أبدا على أي وثيقة تفتح أبواب المدرسة أمام التلاميذ لحضور دروس في اللغة العربية خلال فترة العطل الرسمية، وهي الفترة التي أتحمل مسؤولية كل ما يحصل فيها، وكل ما يقلقني هو إعطاء أحد المسؤولين السامين في وزارة التربية الضوء الأخضر لانطلاق هذه الدروس التي يتخللها تعاليم إسلامية".
ويرى مسؤولون في وزارة التربية هذا الإدعاء مجرد تضليل، حيث ردت وزيرة التربية الفرنسية، نجاة بالقاسم، مؤكدة أن آلية سير هذه الدروس ستمكن التلميذ من تلقي مهارات لغوية فقط.
وبيّنت الصحيفة أنه بعد مرور شهرين على تراجع حدة الجدال حول هذا الموضوع، قدم والي إقليم فار طعنا قضائيا لدى المحكمة الإدارية في تولون؛ يدعو فيه إلى إيقاف قرار رئيس بلدية "فار" الذي منع استخدام أقسام المدرسة لتعليم اللغة العربية.
وتجدر الإشارة إلى أن الوالي دخل في "حرب قضائية" مع رئيس بلدية "فار"، خاصة بعد أن أستنجد هذا الأخير بالشرطة البلدية لإيقاف أول حصة في دروس تعلم اللغة العربية يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ثم بعث خلال الحصة الثانية، برسالة عن طريق شرطة البلدية بيّن فيها رفضه المضي بالدروس، مما أجبر المعلم على إلغائها.
ويقول فيالات: "لا تتمثل القضية في معاداة العرب، وإنما في تحمل المسؤوليات، ومهمتنا الدفاع عن الإرادة العامة. بإمكان الدولة استغلال أوقات العطل الرسمية لتعليم اللغة العربية، لكن أنا أيضا بإمكاني استغلال هذا الوقت لتحفيز التلميذ على تعلم لغة أخرى غير العربية".
وتحدثت الصحيفة عن تلاعب فيالات بالكلمات، خاصة عندما أراد أن يجعل من أوقات توقف الدروس "قضية جدول زمني"، في حين أن مسألة تحديد أوقات الدراسة والعودة المدرسية والعطل هي من مسؤولية وزارة التربية الفرنسية، والتي من اختصاصها أيضا دروس تعليم أطفال الأجانب العاملين في فرنسا.
وتجدر الإشارة إلى أن فيالات كان قد أدين سنة 2014 بتهمة التحريض على الكراهية ضد الأجانب، وأُجبر على دفع غرامة مالية قدرت بـ2000 يورو.