في يوم من أيام السبت المثلجة، قام الكندي جيم إستيل بطرق أبواب جيرانه، عارضا عليهم إزالة الثلج من مداخل وطرقات المنازل مقابل المال.
وكان وراءه مجموعة من اللاجئين السوريين، الذين جاءوا نازحين إلى مدينة جيلف الكندية جنوب غرب أونتاريو. إستيل، الذي يعمل رئيسا تنفيذيا لشركة "دانبي" للأجهزة، والتي تقدر قيمتها بملايين الدولارات، تصرف وكانه مندوب مبيعات ممثل لهذه المجموعة من اللاجئين، حيث استطاع مساعدتهم في الحصول على 50 وظيفة في إزالة الثلوج.
وبحسب تقرير صحيفة "الغارديان" البريطانية، الذي ترجمته "عربي21"، فإن هذا التصرف يشير إلى العلاقة التي تشكلت اتخذ إستيل قرار نشر الأخلاق منذ عام، بعدما أنفق حوالي 1.5 مليون دولار كندي لجلب 200 لاجئ سوري إلى كندا.
وتقول الصحيفة إنه في صيف عام 2015، وبعد أن تأثر بالعناوين الإخبارية التي تتحدث عن أزمة سوريا التي قال إنها "أكبر الأزمات الإنسانية في عصرنا هذا"، بدأ إستيل العمل لتحديد عدد العائلات التي يستطيع مساعدتها في إطار برنامج الرعاية الخاص في كندا، والذي عمل فيه قبل 35 عاماً بعد حرب الفيتنام، وجلب أكثر من 275 ألف لاجئ إلى كندا.
وتقول الصحيفة إنه يسمح البرنامج لبعض المواطنين التكفل باللاجئين والترحيب بهم، طالما التزموا بتغطية نفقات السنة الأولى لإقامتهم، وتقديم المساعدة للوافدين الجدد لتسهيل حياتهم الجديدة.
واعتبر إستيل أن مبلغ 30 ألف دولار كندي كاف لدعم أسرة من 5 أشخاص في مدينة جيلف، وأن بإمكانه دعم ما يقرب من 50 أسرة.
ونقلت الغارديان عن إستيل قوله: "لم أرى الأمر صعب. فمدينة جيلف يصل عدد سكانها 120 ألف شخص، و50 عائلة من اللاجئين سيكون عددهم حوالي من 250 إلى 300 شخص، وهذا مقارنة مع عدد سكان المدينة رقم بسيط".
وعقد جيم اجتماعات متكررة مع المنظمات الدينية والإغاثية بالمدينة في سبتمبر/أيلول، حيث وافق الجميع على خطته الطموحة.
وبعد أن مضى الجزء السهل من خطته، يقول إستيل كان أمامنا الجزء الأصعب: "كانت طريقة اختيار اللاجئين الذين سيأتون إلى كندا من بين ملايين النازحين. وأضاف قائلاً: "أنت تختار من منهم سيعيش، ومن سيموت، ومن سيأتي إلى كندا ومن لن يأت".
وأوضح إستيل أن نجاح الخطة التي وضعها من فشلها يعتمد على حصول اللاجئين على وظائف ودفعهم الضرائب فضلا عن الاندماج في المجتمع الكندي. وبأخذ هذا بعين الاعتبار، فضَّل أولئك الذين يملكون أقارب وأسر في المنطقة.
وقال إستيل: "الجزء السيئ بالخطة هو أننا لم نستطع استقدام أم وحيدة لديها 8 أطفال، لأننا رأينا أن حياتها لن تكون جيدة هنا، ولن تستطيع الاستقرار. اخترنا العائلات بهذه الطريقة. وهذا سيئ جداً، ولكن ماذا كان بإمكاننا فعله؟".
بالنهاية وقع اختيار إستيل على 58 أسرة، لكنه يرغب بالاستمرار في جلب اللاجئين في مجموعاتٍ مكونة من 50 أسرة في المرة الواحدة، لتسوية الأمور بشكل جيد بالنسبة لكل مجموعة قبل جلب الأخرى.
ونقلت الصحيفة عن شاب لاجئ يدعى يوسف (اسم مستعار): "ما زلت لا أصدق هذا". فبعدما تحمس لتشغيل المتجر، استطاع إستيل توفير له المال اللازم، وأخبره بأنه باستطاعته امتلاك المتجر. وعلَّق قائلاً: "لم يكتفِ فقط بأن أحضرني لمدينته، بل فعل ما هو أكثر".
يشار إلى أن يوسف هرب من سوريا مع بداية الحرب، وانتهى به الحال في القاهرة. وحاول مراراً الهرب لأوروبا، لكن الخوف دائماً ما كان يمنعه.
لكن، وبعد سماعه عن مشروع إستيل من ابن عمه في كندا، قام على الفور بملء طلب الالتحاق، آملاً في أن تصبح كندا هي مقصده القادم بعد فشله في الذهاب لأوروبا.
صدم يوسف على الفور عندما علم أنه تم اختياره، وقال: "بحثت فوراً عن اسمه في جوجل، إذ كنت أسأل نفسي من هذا الشخص الذي سيدفع 1.5 مليون دولار لأناسٍ غرباء لم يقابلهم من قبل؟".
عندما وصل يوسف إلى كندا في يوليو/تموز، حرص على مقابلة إستيل، وقال: "شكرته لكرمه الشديد. وأخبرته بأنه لم يكن هناك شخصٌ من قبل كريماً معي إلى هذا الحد بخلاف والديّ".
ويرى إستيل أن ما يربحه من هذا الاستثمار هو رؤية هذه العائلات تستقر في كندا، وقال عن ذلك: "لا يوجد شيءٌ أكثر إرضاءً لي من ذلك".
يشار إلى أن أكثر من نصف العائلات التي وصلت إلى كندا حصلت بالفعل على فرص عمل، وتدفع إيجار منازلها بنفسها حالياً، فضلاً عن سعادتها بشراء احتياجاتٍ كأول تلفزيون لها في كندا.
جهود الحكومة
وتتوافق جهود إستيل مع جهود حكومته، حيث كانت صحيفة ذي غازيت الصادرة في مونتريال أشارت إلى إنّ
كندا فتحت أبوابها أمام ما يزيد على 35 ألف لاجئ سوريّ وصل منهم نحو من 25 ألفا إلى البلاد بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 وشباط/ فبراير 2016.
ونقلت عن رئيس الحكومة الكنديّة جوستان ترودو قوله إنّ الحكومة سخّرت مواردها لما أسماه بالمشروع الوطني وحشدت المواطنين لمساعدة
اللاجئين السوريّين الذين شرّدتهم الحرب الأهليّة الوحشيّة عن بلادهم.