تنبعث رائحة غير محببة قادمة من برج
ترامب وسط مانهاتن بمدينة نيويورك، رائحة تعيد استحضار روح "أمير الظلام" أو"دراكولا" ريتشارد بيرل السياسي اليهودي الأمريكي، أحد أقطاب المحافظين الجدد الذين برزوا خلال إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، وأحد أعمدة " تيار الصقور" في تلك الإدارة، صاحب الجملة الشهيرة: "سيكون العراق هو الهدف التكتيكي للحملة، وستكون المملكة العربية السعودية هي الهدف الاستراتيجي، أما مصر فستكون الجائزة الكبرى".
تلاميذه سيقودون من جديد أكبر قوة عسكرية وسياسية في العالم، فالرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، يخرج من خزانة الرئيس الأسبق بوش جميع الأسماء سيئة السمعة لتقلد مناصب في الدولة، تلك الأسماء التي أنتجت عبارة "لماذا يكرهوننا!" بعد تفجيرات 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001.
بورصة الأسماء تتوالى في التذبذب بين الصعود والهبوط، وتتبادل الشخصيات الأمكنة بناء على نتائج وفحوى اللقاءات التي يجريها ترامب في برجه وسط مانهاتن.
معظم المناصب شغلت نهائيا، فيما لا يزال البعض الآخر ينافس، ضمن قائمة مع أسماء أخرى تنتظر موعد المقابلة مع رئيس يريد إرضاء الدائرة الضيقة من المقربين والأقرباء والأنسباء منه، التي ساهمت في فوزه "المفاجىء والصادم" ضد هيلاري كلينتون.
الأسماء والمسميات كثيرة، لكنها جميعها تقطر منها رائحة الكراهية للمهاجرين وللعرب وللمسلمين، والأخطر التحضير لحرب هرمجدون وفقا لـ" سفر الرؤيا".
وبات في حكم المؤكد اختيار المحامي في قضايا الإفلاس ديفيد فريدمان سفيرا جديدا لـ"إسرائيل"، الذي عبر عن سعادته بتولي منصب السفير، وقال إنه سيعمل من
القدس، لافتا إلى أن هذه خطوة تبدو متناقضة مع سياسة خارجية تبنتها الولايات المتحدة على مدى العقود الماضية؛ خشية إشعال غضب العالم الإسلامي.
وجاء في بيان لترامب أصدره فريقه: "كان (فريدمان) صديقا ومستشارا أثق به، وستشكل علاقته القوية بإسرائيل الأساس للبعثة الدبلوماسية، وسيكون رصيدا قويا لبلدنا، حيث نقوم بتقوية علاقاتنا مع حلفائنا، ونبحث عن السلام في الشرق الأوسط".
وسبق لفريدمان، أن قدم النصح لترامب في أثناء الحملة الانتخابية حول العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، قال في بيان له إنه "يتطلع للعمل من سفارة الولايات المتحدة في العاصمة الأبدية لإسرائيل، القدس".
وأضاف فريدمان، الذي يقيم علاقات قوية مع حركة الاستيطان، ودعا إلى ضم الضفة الغربية: "أشعر بالشرف والتواضع للثقة التي وضعها بي الرئيس المنتخب ترامب، لأمثل الولايات المتحدة وأكون سفيرها في إسرائيل، وسأعمل دون كلل لتقوية العلاقات التي لا يمكن كسرها بين بلدينا، ودعم السلام في المنطقة من عاصمة إسرائيل الأبدية، القدس".
وبعد ترشيح مايك بومبيو، عضو مجلس النواب الجمهوري المحافظ عن ولاية كنساس رسميا لتولي رئاسة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، بدأت وسائل الإعلام تبحث عن مواقفه وآرائه تجاه القضايا المختلفة التي ستواجه إدارة ترامب.
وسيكون هذا الترشيح فألا سيئا لإيران، وذلك لمواقف بومبيو المتشددة تجاهها، فقد وصف بومبيو في تغريدات له الاتفاق النووي مع إيران بـ"الكارثي".
ورصدت وسائل إعلام أمريكية تغريدات بمومبيو على حسابه على "تويتر" يقول فيها: "أتطلع إلى إلغاء الاتفاقية الكارثية مع أكبر دولة راعية للإرهاب"، في إشارة إلى الاتفاق النووي مع إيران.
ويفضل بومبيو توسيع العقوبات على إيران، وينتقد بشدة تعامل إدارة أوباما مع الملف الإيراني.
ويعتبر اختيار بومبيو (52 عاما) العضو بالكونجرس لثلاث ولايات، لقيادة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مفاجأة.
وكان بومبيو عضوا في لجان المخابرات والطاقة والتجارة بمجلس النواب، بالإضافة إلى اللجنة التي حققت في هجوم عام 2012 على مقر البعثة الدبلوماسية الأمريكية في بنغازي في ليبيا.
وكان له دور أساسي في التحقيقات مع هيلاري كلينتون حول تعاملها مع الهجوم على المجمع الأمريكي في بنغازي عام 2012، وخلص التحقيق إلى عدم إلقاء اللوم على كلينتون بل على إجراءات "البنتاغون".
وتخرج بومبيو في أكاديمية "وست بوينت" العسكرية، وكان الأول على دفعته وعمل ضابطا بسلاح المدرعات، كما تخرج في كلية الحقوق بجامعة "هارفارد" وأسس فيما بعد شركة تصنع أجزاء الطائرات التجارية والعسكرية.
واختار ترامب الجنرال المتقاعد جون كيلي لتولي وزارة الأمن الداخلي، ليصبح بذلك الجنرال الثالث في الإدارة المقبلة التي سيتولى في إطارها حماية الحدود.
واعتبر ترامب في بيان أن الجنرال السابق في البحرية (66 عاما) "هو الشخص المناسب للقيام بالمهمة العاجلة التي تقضي بوقف الهجرة غير الشرعية وتوفير أمن حدودنا". وستكون مهمة جون كيلي تأمين الرقابة على الحدود الخارجية للولايات المتحدة والهجرة وعمليات التجنيس.
وقال كيلي في البيان: "الشعب الأمريكي صوت في هذه الانتخابات لوقف الإرهاب واستعادة سيادة حدودنا، وإنهاء الموقف الصائب سياسيا، الذي تحكم لفترة طويلة في تعاطينا مع الأمن القومي".
وأمضى كيلي 45 عاما في قوات مشاة البحرية (المارينز)، وتولى العديد من المناصب ومن بينها القيادة الميدانية في العراق والاتصال السياسي في الكونجرس، قبل أن يختتم حياته المهنية قائدا للقيادة الجنوبية للقوات الأمريكية التي تشمل أمريكا الوسطى والجنوبية.
ورقي إلى رتبة جنرال في آذار/مارس 2003 في أثناء مشاركته في القتال في العراق، وقتل ابنه الأصغر في المعارك في أفغانستان في 2010.
ومن قدامى المحاربين المحافظين الموالين له، اختار ترامب السناتور جيف سيشنز لمنصب وزير العدل، وباختيار سيشنز فإن ترامب يكافئ أحد الموالين له، الذي تشابهت تصريحاته المتشددة والنارية في بعض الأحيان عن الهجرة مع تصريحات ترامب.
ويرفض سيشنز أي إجراءات لمنح الجنسية للمهاجرين الذين لا يحملون وثائق رسمية، وكان من أكبر المتحمسين لتعهد ترامب بإقامة جدار على الحدود مع المكسيك.
وترشيح ترامب للسيناتور سيشنز ( 69 عاما) أثار غضب "الديموقراطيين " ومجموعات الحقوق المدنية، فقد سبق أن رُفض تعيين سيشنز كقاض فيدرالي عام 1986 بعد شهادة أفادت أنه قال إن جماعة "كو كلوكس كلان" العنصرية "لا بأس بها حتى عرفت أنهم يدخنون الماريغوانا"، ونعت محاميا أسود البشرة "بالغلام" (وأنكر ذلك لاحقا). وبعد عقد من الزمن، فاز بالانتخابات لمجلس الشيوخ عن ولاية ألاباما، وكان من أشد المؤيدين لترامب خلال الانتخابات الرئاسية، خاصة فيما يتعلق بموضوع الهجرة.
ونقل عن النائب الديموقراطي لويس غوتيريز أنه قال: "إذا كنت تحن لزمن صمت فيه السود، وأخفى المثليون ميولهم، وكان المهاجرون منسيين، والتزمت النساء المطابخ، فإن السيناتور جيفرسون بيورغارد سيشنز هو الرجل المناسب ليعيد هذه الذكريات".
واختير الجنرال مايك فلين، لوظيفة مستشار الأمن القومي للرئيس المنتخب، وهو منصب لا يتطلب تأكيد مجلس الشيوخ الأمريكي لتعيين من سيشغله.
وفلين جنرال سابق بالجيش الأمريكي وأحد أقرب مستشاري ترامب، وأقيل من وكالة المخابرات الدفاعية عام 2014، وهي خطوة نسبت إلى روايته حقائق صادمة عن الحرب على المسلحين، ويشير مسؤولون عملوا مع فلين إلى افتقاره لمهارات الإدارة، وأن أسلوبه في القيادة كان وراء عزله من وظيفته.
ونشر عبر حسابه على "تويتر"، بشكل دوري تغريدات لأشخاص من حركة متشددة تسمى "اليمين البديل"، كما أنه واجه انتقادات حادة في تموز/ يوليو الماضي، عندما أعاد نشر تغريدة "معادية للسامية"، قبل أن يحذفها ويرد بأنه فعل ذلك بـ"الخطأ".
وأظهرت تغريدات فلين، نوعا من "الإسلاموفوبيا"، إذ إنه كتب في تموز/ يوليو الماضي بعد الهجوم في مدينة نيس الفرنسية، أنه يتحدى "قادة العالم العربي والفارسي أن يعلنوا أن أيديولوجيتهم الإسلامية مريضة ويجب علاجها".
وكتب فلين في شباط/ فبراير الماضي في حسابه على "تويتر": "الخوف من المسلمين منطقي، أرجوكم شاركوا هذا مع الآخرين، الحقيقة لا تخشى التشكيك"، مع نشر رابط لفيديو يزعم أن "الإسلاموفوبيا منطقية، وأن الإسلام أراد استعباد أو إبادة 80% من البشرية"، وهي التغريدة التي أثارت الكثير من الجدل.
وعين اليميني المتشدد ستفين بانون، بمنصب المستشار الخاص للرئيس، وبانون هو الرئيس التنفيذي لموقع "بريتبارت" اليميني المثير للجدل، الذي سبق له أن نشر بعض العناوين العنصرية ضد النساء وضد اليهود والمسلمين.
المنتقدون هاجموا اختيار بانون الذي قاد تحول موقع "بريتبارت" الإخباري إلى منتدى لليمين المتطرف، المؤلف من مجموعة من النازيين الجدد والمؤمنين بتفوق البيض والمعادين للسامية.
كما أن ترامب اختار رينس بريبوس، ليكون كبير موظفي البيت الأبيض، قائلا: "إن الرجلين سيتقاسمان مهمة توجيه الإدارة كشريكين متساويين".
واعتبر اختيار بريبوس مؤشرا تصالحيا يشير إلى استعداد ترامب للعمل مع الكونغرس، بعد أن يتولى منصبه في العشرين من كانون الثاني/ يناير المقبل.
وقبل أيام تحددت هوية من سيتولى المنصب الأكثر أهمية في إدارة ترامب، منصب وزير الخارجية، وبات ريكس تيلرسون المرشح الوحيد والأوفر حظا للمنصب، وهو رجل أعمال يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة "إكسون موبيل" النفطية، التي تعتبر خامس أكبر شركة أمريكية من حيث القيمة السوقية.
وتربطه علاقات عمل وثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قلده قبل أعوام وسام الصداقة، في وقت تبدي فيه الاستخبارات الأمريكية قلقها إزاء تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
ونقلت شبكة "إن بي سي" الأمريكية أن جون بولتون سيكون مساعدا له، وبولون شغل موقع السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة، وهو أحد رموز المحافظين الجدد، الذين وقفوا وراء الحرب الأمريكية على العراق عام 2003.
كما اختار ترامب الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس (66 عاما) وزيرا للدفاع.
ترامب أطلق عليه اسم "جيمس ماتيس الكلب المجنون"، وقال للمراسلين إنه: "صفقة حقيقية"، وغرد على "تويتر" بالكثير من المديح عليه، بعد لقاء مع الجنرال المتقاعد في برجه.
ماتيس عمل لمدة 44 عاما متقدما في رتب البحرية، وقاد قوة في جنوب أفغانستان عام 2001، وفرقة بحرية خلال غزو العراق عام 2003، مشيرة إلى أنه تم توجيه المدح للجنرال لقيادته جنود البحرية عام 2004 في معركة الفلوجة في العراق، التي كانت الأكثر دموية في غزو العراق.
وتذكر صحيفة "إندبندنت" أنه تم شجب ماتيس في السنة اللاحقة؛ لقوله: "من الممتع إطلاق النار على بعض الناس"، في الوقت الذي كان يتحدث فيه لبعض الجنود في سان دييغو، وقال خلال الندوة: "في الواقع من الممتع محاربتهم، هل تعلمون ذلك.. من الممتع إطلاق النار على بعض الناس، سأكون هناك معكم، أحب الشجار.. عندما تذهب إلى أفغانستان تجد رجالا يضربون النساء على مدى خمس سنوات؛ لأنهن لم يلبسن الحجاب، أتعرفون، إن رجالا كهؤلاء لم تعد لديهم رجولة على أي حال، ولذلك فإنه من الممتع جدا أن تطلق النار عليهم".
ويفيد التقرير بأنه تم ترفيع ماتيس لإدارة القيادة المركزية عام 2010، وهي المسؤولة عن جميع القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، لافتا إلى أنه مثل ترامب، ينتقد الاتفاق النووي الذي أبرمه أوباما مع إيران.
وسيحتاج ماتيس إلى موافقة مجلس الشيوخ واستثناء خاصا من قانون، يحظر على جنرالات متقاعدين تولي منصب وزارة الدفاع لمدة سبع سنوات بعد تقاعدهم.
ومن المتوقع أن يلعب جاريد كوشنر، زوج ابنة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، دورا مرتقبا في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي رغم أن الكثير من الإسرائيليين والفلسطينيين لا يعرفونه.
والقليل من الفلسطينيين والإسرائيليين، الذين شاركوا في عملية السلام المتقطعة على مدى السنوات، لم يقابلوا كوشنر في حياتهم، والآن يسارعون للتعرف عليه.
ويبدو الإسرائيليون الأكثر تفاؤلا، حيث ينظرون إلى كوشنر بصفته حليفا، وقال سفير " إسرائيل" في أمريكا رون ديرمر، الذي شكل علاقة حميمة مع كوشنر: "لا شك أنه يشعر بالتزام نحو أمن إسرائيل ومستقبلها".
وتقول الصحيفة إن مدى علاقة كوشنر بـ"إسرائيل" غير واضحة، حيث إنه ليس زائرا دائما لها، ولم يشكل روابط قوية مع قطاع الأعمال فيها، لافتة إلى أنه يعرف نتنياهو معرفة سطحية منذ طفولته، من خلال والده تشارلز كوشنر، المليونير الذي يعمل في تجارة العقارات في "إسرائيل"، بالإضافة إلى أنه صديق لرئيس بلدية القدس المحتلة نير بركات، لكن لقاءاتهما تتم في نيويورك، وليس في القدس.
وقد أدى كوشنر دور الوسيط لترامب مع شخصيات أمريكية وإسرائيلية مهمة، مثل نتنياهو وديرمر والمانحين الأثرياء، مثل شلدون أديلسون، وتوسط في لقاء بين نتنياهو وترامب في أيلول/ سبتمبر الماضي، وحضر اللقاء.
جارد كوشنر نشأ في بيت يهودي أرثوذوكسي في نيوجيرسي، وتخرج من مدرسة يهودية قبل أن يدرس في جامعة هارفارد، وتحولت زوجته إيفانكا ابنة ترامب لليهودية قبل أن يتم الزواج.
وتسلم كوشنر امبراطورية الأعمال التي تملكها عائلته عندما كان في العشرينيات من عمره، واشترى "نيويورك أوبزيرفر"، وقام عام 2014 بزيارة "إسرائيل" عندما حاول شراء ما يقارب نصف أسهم شركة "فينيكس هولدنغز" للتأمين، ووقع مذكرة غير ملزمة بشراء 47% من الشركة من مجموعة "ديدليك غروب" بمبلغ 434 مليون دولار، لكن الصفقة لم تكتمل بسبب المتطلبات التنظيمية.
ويشارك والدا كوشنر في صندوق استثمار عقاري أمريكي إسرائيلي على مدى 10 سنوات، حيث يقول السفير الإسرائيلي السابق لأمريكا، وأحد مؤسسي الصندوق زلمان شوفال: "تشارك العائلة في أنشطة كثيرة متعلقة بإسرائيل".
وقام ترامب بخطوة نوعية بتعيين أكثر من امرأة في فريقه الحاكم، فقد عين حاكمة ولاية كارولاينا الجنوبية نيكي هالي في منصب سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، الذي يعد منصبا مهما على مستوى السياسة الخارجية للبلاد.
والمعروف عن هالي أنها انتقدت ترامب بشدة خلال الحملة الانتخابية وساندت منافسه الجمهوري ماركو روبيو خلال الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الجمهوري.
ولا خبرة لنيكي هالي في الشؤون الدولية، ولا بد من أن يوافق مجلس الشيوخ على تعيينها في منصبها الجديد، وقال ترامب في بيان عن هالي إنها: "مفاوضة معروفة، وننوي التفاوض حول الكثير من الاتفاقات".
تتحدر هالي (44 عاما) من عائلة من السيخ، وهي أصغر حاكمة سنا في البلاد، حتى إنه تم التداول باسمها لتسلم وزارة الخارجية.
عرفت على نطاق واسع بعدما تقدمت جهود إنزال علم معركة الكونفدرالية عن مبنى المجلس التشريعي للولاية، وذلك بعد أسبوع على هجوم قتل فيه مسلح أبيض بالرصاص تسعة سود من المصلين في كنيسة بتشارلستون.
وعين بتسي ديفوس (58 عاما) لمنصب وزيرة التربية، وقال الرئيس المنتخب في بيان بهذا الصدد: "تحت إدارتها سنعمل على إصلاح النظام المدرسي الأمريكي وإلغاء البيروقراطية التي تشل أطفالنا، لكي نكون قادرين على تقديم تعليم على مستوى عالمي إلى كل العائلات".
وتنشط ديفوس في الأعمال وصاحبة مليارات، وبدأت قبل سنوات عدة الاهتمام بالشؤون التربوية. وتنتمي ديفوس إلى الجناح المسيحي التقليدي والمحافظ في الحزب الجمهوري.
وعيّن ترامب المخضرمة كاثلين ترويا ماكفارلاند "كي تي" نائبة لمستشار الأمن القومي، وستصبح ماكفارلاند الذراع اليمنى للجنرال المتقاعد مايكل فلين.
وبدأت ماكفارلاند حياتها المهنية في السبعينيات حين عملت مساعدة لمستشار الأمن القومي في زمن هنري كيسنجر، وكانت لا تزال طالبة، ثم عملت في وزارة الدفاع في عهد رونالد ريغن حيث صعدت سلم الترقيات وأصبحت متحدثة باسم "البنتاغون"، ومسؤولة عن خطابات وزير الدفاع في حينه كاسبار وينبرغر.
ولم تشغل ماكفارلاند في حياتها أي منصب منتخب، لكنها ترشحت وفشلت في نيل بطاقة الترشيح الجمهورية لمنافسة هيلاري كلينتون على مقعدها في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك.
وتعمل ماكفارلاند منذ سنوات في شبكة "فوكس نيوز" محللة متخصصة بشؤون الأمن القومي.
ولا يحتاج تعيين المستشارين الرئاسيين لموافقة من مجلس الشيوخ، ما يعني أن ماكفارلاند ستتولى مهام منصبها في 20 كانون الثاني/يناير المقبل، عندما سيسلم باراك أوباما مقاليد السلطة إلى ترامب.
ومن المناصب التي حسمت أيضا منصب وزير التجارة الذي ذهب إلى ويلبر روس (79 عاما)، مليادير ومستثمر عرف كثيرا باستثماراته في مصانع الصلب والفحم التي تواجه صعوبات مالية، ثم بيعها لتحقيق أرباح وأطلق عليه لقب "ملك الإفلاس" بسبب تاريخه الطويل في الاستثمار في مثل هذه الصفقات.
وعرف أيضا وزير الصحة والخدمات الإنسانية توم برايس (62 عاما)، وهو نائب عن جورجيا وجراح سابق من أشد منتقدي النظام الصحي الذي أطلقه الرئيس باراك اوباما "أوباما كير"، الذي أمّن ضمانا صحيا لحوالي 20 مليون أمريكي.
وزيرة النقل إيلين تشاو (63 عاما) وهي وزيرة العمل السابقة في حكومة الرئيس جورج دبليو بوش، المولودة في تايوان، سبق أن شغلت منصب نائبة وزير النقل في إدارته، وكانت أول امرأة أمريكية من أصل آسيوي تتولى منصبا حكوميا، وهي زوجة زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل.
وعرف أيضا وزير الخزانة ستيفن منوتشين (53 عاما) الخبير المالي في "وول ستريت"، وكان شريكا في "غولدمان ساكس" قبل أن يطلق صندوق استثمار يدعمه المؤيد للحزب الديموقراطي جورج سوروس، وقام بتمويل إنتاجات ضخمة في هوليوود مثل "أفاتار" و"سويسايد سكواد".
وعين دونالد ماكغان كمستشار البيت الأبيض وهو مسؤول سابق ورئيس للجنة الانتخابية الفدرالية ويمثل، "مسؤولين منتخبين ومرشحين وأحزابا ومستشارين سياسيين حول مواضيع القانون السياسي"؛ بصفته شريكا في مجموعة "جونز داي" القانونية في واشنطن.
وأعلن ترامب عن تعيين حاكم تكساس السابق ريك بيري، وزيرا للطاقة، وهي حقيبة كان الأخير طلب قبل سنوات أن يتم إلغاؤها.
وبيري (66 عاما) الذي حكم ولاية تكساس الغنية بالنفط، يرث وزارة ستعمل على ترسيخ الطاقة الأحفورية، وتضمن الأمن النووي وتعطي دفعا للابتكارات في مجال الطاقة في حكومة ترامب.
وقال ترامب في بيان لدى إعلان التعيين: "كحاكم لتكساس، أقام ريك بيري بيئة مواتية للتجارة أمّنت ملايين الوظائف الجديدة، وأدت إلى خفض أسعار الطاقة في ولايته"، مؤكدا أنه "سيقوم بالشيء ذاته لكل البلاد وزيرا للطاقة".
وبذلك يكون خليفة لأرنست مونيز، الفيزيائي النووي، ومهندس الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015.
وقال بيري في بيان: "أنتظر بفارغ الصبر أن أتولى تطوير وإدارة وتنظيم موارد الطاقة، والعمل على الحفاظ على ترسانتنا النووية، والترويج لسياسة أمريكية في مجال الطاقة تؤمن الوظائف".
ولم تكن العلاقات بين ترامب وبيري جيدة دائما.
وتنافس الرجلان هذا العام خلال الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشح الجمهوري. لكن بيري سرعان ما انسحب من السباق، ودعم تيد كروز، واصفا الملياردير بأنه "سرطان للتيار المحافظ".
والأكثر تطرفا بين الجميع يأتي مستشار ترامب للسياسة الخارجية وليد فارس، الذي كان مسؤولا في مليشيا طائفية ارتكبت مذابح ضد المسلمين في ثمانينيات القرن الماضي في لبنان، وهو مرشح الآن لأن يكون مسؤولا كبيرا في البيت الأبيض.
ومع ظهور مؤشرات انتهاء الحرب الأهلية ودخول القوات السورية إلى لبنان، هرب وليد فارس إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1990، وقدم نفسه في بلاد العم سام باعتباره خبيرا في "الإرهاب" وشؤون الشرق الأوسط ومحاربة "الإسلام الراديكالي".
وازدهر وضع وليد فارس عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث شارك في لقاءات وندوات قدم خلالها نفسه باعتباره خبيرا في قضايا الإسلام والتنظيمات المقاتلة، وبينها "حزب الله" و"القاعدة" والحركات الجهادية المحلية والدولية، واستراتيجيات الإسلام السياسي في الدول الغربية.
واشتهر وليد فارس بمواقفه "غير الودية" تجاه المسلمين كما كان حاله في لبنان، وسبق له أن نشر مقالات وكتبا تحذر من خطط المسلمين لفرض أنفسهم بشتى الأشكال في الغرب الحر، كما عمل أيضا في المجلس الاستشاري لصندوق كلاريون الذي أصدر أفلاما عدة تحذر من وجود "طابور خامس" للمسلمين في الولايات المتحدة.
وبسبب خلفيته الفكرية ومواقفه المثيرة، استقطبته وسائل الإعلام اليمينية، منها "فوكس نيوز" التي التحق بها عام 2007 "متخصصا في شؤون الشرق الأوسط والإرهاب".
ووجد وليد فارس ضالته في الحزب الجمهوري، وكان أحد الناشطين البارزين في حملة ميت رومني لدرجة وعده فيها رومني بمنصب كبير في البيت الأبيض، في حال فاز على باراك أوباما في انتخابات 2012.
ورغم أن الوعد لم يتحقق بسبب فشل رومني، إلا أن فارس لم ييأس وواصل "نشاطه" ضمن حزب الفيل وأذرعه الإعلامية.
ومع انطلاق الحملات الانتخابية عام 2016، عمل ضمن فريق ترامب باعتباره مستشارا في السياسة الخارجية ومكافحة "الإرهاب"، ويرجح أن يتحقق له حلمه بدخول البيت الأبيض في مهمة كبيرة لها ارتباط مباشر بقضايا الشرق الأوسط والقضايا العربية بشكل عام، بعد فوز ترامب.
وتحتاج اختيارات ترامب إلى موافقة من "الكونغرس"، يتوقع أن يكون بعضها سهلا في ظل سيطرة الجمهوريين على أغلبية مجلسي النواب والشيوخ.
فيما قد يحتاج تمرير بعض الاسماء إلى جهود مضنية، خاصة أن عددا كبيرا من أعضاء "الكونغرس" من الذين امتنعوا عن مساندة حملة ترامب قد يحاولون"فرملة " الرجل حتى لا يذهب بعيدا في خياراته، لكن في نهاية الأمر "الكونغرس" عبارة عن تجمع لعدة "لوبيات" وتحالفات لشركات صناعة السلاح والنفط والأدوية والتقنيات وغيرها.
ولم يتوقف صدى فوز ترامب عند حدود الولايات المتحدة الأمريكية واختياره لأركان إدارته التي تنزع نجو اليمين واليمن المتطرف، وإنما زلزل العالم بأكمله، والملفت في هذا الزلزال أنه دغدغ أحلام المتطرفين في بقاع عدة من العالم، لعل أكثرها حماسا لما جرى في أمريكا هما تل أبيب واليمين المتطرف في أوروبا.
ولم يخف الحاخام ديفيد كوك، الذي يعد من المرجعيات الدينية في "إسرائيل" مشاعره الملتهبة تجاه ترامب قائلا: "إن ترامب فقد شبهه بيوشع بن نون، الذي قاد اليهود قبل ألفي عام في المعركة التي أفضت للقضاء على "العمالقة"، مشددا على أن ترامب سيعزز مكانة "إسرائيل".
ويرى الفيلسوف الأمريكي فرانسيس فوكوياما أنه "لم يكن مصادفة أن حاز ترامب على دعم قوي من قبل زعيم حزب الاستقلال البريطاني نايجيل فاراج، ولم يكن مستغربا إذ ذاك أن يكون أول من اتصل به مهنئا له بفوزه في الانتخابات، زعيمة الجبهة القومية في فرنسا ماري لو بان".
رئاسة ترامب للولايات المتحدة الأمريكية تدشن عصرا جديدا من القومية الشعبوية، يتعرض فيها النظام اللبيرالي الذي أخذ في التشكل منذ خمسينيات القرن العشرين للهجوم من قبل الأغلبيات الديمقراطية الغاضبة.
واستدرك فوكوياما بأن القومية الشعبوية ظاهرة أوسع من ذلك بكثير، "خذ على سبيل المثال فلاديمير بوتين، الذي ما يزال فاقدا للشعبية في أوساط الناخبين المثقفين في المدن الكبيرة مثل سانت بيترزبيرغ وموسكو، ولكنه يتمتع بقاعدة شعبية عريضة وضخمة في باقي أرجاء البلاد. والشيء نفسه ينطبق على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يحظى بدعم قاعدة شعبية واسعة في أوساط الطبقة المتوسطة الدنيا المحافظة، وينسحب الأمر نفسه على رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الذي يحظى بالشعبية في كل مكان إلا في العاصمة بودابيست".
وبحسب ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فإن مواقع التواصل الاجتماعي المقربة من التنظيمات "الجهادية" والمحسوبة عليها، في مقدمتها تنظيم الدولة و"القاعدة" و"فتح الشام"، أشادت بنجاح ترامب، واعتبرته "بداية للعصور المظلمة" بالنسبة لأمريكا.
وأكدت الصحيفة أن عددا من منظري "التنظيمات الجهادية" احتفوا بفوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، لاعتقادهم بأن "سياسته العنجهية وتصريحاته العنصرية تجاه المسلمين ستدفعهم للاصطفاف وراءها".
وأوردت أن "الحملات العسكرية الأمريكية الخارجية الجديدة في عهد ترامب مقدمة لاضطرابات داخلية، من شأنها أن تضعف القوة الأمريكية العظمى"، إذ علقت "شبكة المنبر الجهادي"، وهي أحد المنتديات ووسائل الإعلام الجهادية، بالقول: "افرحوا بدعم من الله، وأبشروا بزوال وشيك لأمريكا على يد ترامب".
وحذر مارتن سلماير رئيس فريق العاملين مع رئيس المفوضية الأوروبية في أيار/ مايو الماضي من سيناريو"الرعب" الذي أصبح أقرب من أي وقت مضى، فترامب في البيت الأبيض ومارين لوبان متوثبة في فرنسا وبوريس جونسون في لندن.
فيما يتقدم اليمين في جميع أنحاء أوروبا، في بولندا والمجر يسيطر القوميون اليمينيون على الحكم حاليا، أما في ألمانيا، فمع أن أحزاب اليمين المتطرف لم تحظ بالشعبية منذ الحرب العالمية الثانية بسبب تاريخ النازيين، لكن حزب "البديل من أجل ألمانيا" يحقق صعودا سريعا.
أما زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان، فقد قالت في مقابلة أخيرة لها مع هيئة الإذاعة البريطانية " BBC" أن انتخاب ترامب: "حجر إضافي في بروز عالم جديد ليحل محل نظام قديم"، معتبرة ذلك مؤشرا إيجابيا لترشحها للانتخابات الفرنسية عام 2017، قائلة إن ترامب: "جعل ما كان يعتبر مستحيلا تماما، أمرا ممكنا"، متابعة: "نأمل أن يتمكن الشعب أيضا في فرنسا من قلب الطاولة".
ترامب جاء بكل ما هو قديم من شخصيات ومن جنرالات ضمن مواصفات تتفق في معظمها في كراهية المسلمين، وفي معادة جميع الأعراق باستثناء العرق الأبيض "المتفوق" طبعا في كل شيء، وأيضا أحضر حلفاء بوتين إلى واشنطن.
لتصدق مقولة الكاتب البريطاني روبرت فيسك، في صحيفة "الإندبندنت"، الذي يرى أن تحركات بوتين هي المهمة في المنطقة، متسائلا: "هل سيتحرك ترامب كما يتحدث؟" معتبرا أن العرب والإسرائيليين سيستمعون لبوتين لا لترامب في أثناء رئاسة ترامب. وتساءل: "ما الذي يفكر به بوتين؟ أو بالأحرى: هل يفكر أساسا؟".