ملفات وتقارير

كيف تهدد اتفاقية الغاز مع إسرائيل أمن الأردن وتخالف دستوره؟

الشعب الأردني عبر مرارا عن رفضه التطبيع الرسمي مع الاحتلال الإسرائيلي- أرشيفية
وقعت الحكومة الأردنية مع الاحتلال الإسرائيلي، الاثنين، اتفاقا تستورد بموجبه عمّان الغاز الطبيعي من حقل "لفيتان البحري" الإسرائيلي، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في الأردن حول قانونيته، ومدى رضا الشعب الأردني عن اتفاق كهذا.

وبحسب ما نشرته الإذاعة الإسرائيلية، فإن الصفقة تنص على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز، على مدار 15 عاما، بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي".

ويثير توقيت توقيع الاتفاقية غضب الأردنيين، لا سيما أنه جاء قبل الاستحقاق الدستوري بإعلان المجلس البرلماني الجديد الذي جاء في انتخابات جرت الأسبوع الماضي. 

يذكر أن الناشطين الأردنيين عبروا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، عن أن التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي "لا يعكس إرادة الشعب الأردني الذي يعدّ إسرائيل كيانا احتلاليا وعدوا لا يحق له التصرف بالغاز الفلسطيني" الذي وصفوه بـ"المسروق".

من جهته، أوضح نقيب المحامين الأردنيين السابق، صالح العرموطي، في حديثه لـ"عربي21"، الثلاثاء، أن الاتفاقية "غير دستورية"، إذ إن "المعاهدات أو الاتفاقات التي تحمل خزينة الدولة نفقات إضافية وتلحق الضرر بها، وتمس المواطن الأردني، وتلك التي لم يوقع عليها مجلس الأمة، لاغية بحكم الدستور، الأمر الذي ينطبق على اتفاقية الغاز الأخيرة مع الاحتلال"، وفق قوله.   

وانتقد العرموطي وهو المرشح الانتخابي الفائز بمقعد في مجلس النواب المقبل، بحسب النتائج الأولية الرسمية، توقيع الاتفاقية مع الاحتلال قبل انعقاد الجلسة الأولى لمجلس البرلمان الجديد في الأول من الشهر المقبل، وذلك برأيه يعد قفزا على إرادة الشعب. 

ولفت إلى أن "تطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي يتعارض مع الشرعية الدولية، ومع القانون الدولي، الذي يعتبر أن أي اتفاقية معه باطلة"، مؤكدا أن القانون الدولي يعد الكيان الصهيوني محتلا بحسب قرار رقم 242.

وأضاف أن اتفاقية الغاز "تصب في صالح اقتصاد العدو الإسرائيلي"، مضيفا أنه "كان يجدر بالحكومة الأردنية قطع العلاقات مع الاحتلال وليس تعزيز علاقاتها به، في الوقت الذي يعتدي فيه الإسرائيليون على أراض عربية، وينكّلون بالأشقاء الفلسطينيين".

وكشف لـ"عربي21" أن هناك تحركا على مستوى تحالف عريض داخل البرلمان المقبل من المرشحين الفائزين، سيحاسب الحكومة عن هذه الاتفاقية، وسيسعى لإلغائها واستجواب المسؤولين عنها، فمن حق مجلس النواب الاعتراض على هذه الاتفاقية، موضحا أن "الأمة هي مصدر السلطات وفقا للدستور، ولا يحق القفز على إرادة الشعب الذي يرفض التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي".

وأشار إلى أن "السماح بمرور هذه الاتفاقية يعني الاعتراف بالكيان الصهيوني، وإدارة الوجه عن جميع شهدائنا الذين قضوا على أيدي المحتلين"، مضيفا أن الحكومة تتوفر لديها بدائل عن اتفاقية الغاز الإسرائيلي المسروق، التي لن يستفيد منها الأردن سياسيا أو اقتصاديا.

تهديد لأمن الطاقة


إلى جانب إعلان المرشح الفائز في انتخابات البرلمان، العرموطي، فقد عزم المجلس المقبل على التصدي لاتفاقية الغاز، وكشف رئيس لجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع النقابية الأردنية، مناف المجلي، لـ"عربي21" أن اللجنة ستقوم بالتصدي للاتفاقية بكل الأدوات التي تتاح لها.

وقال إنها ستنظم فعاليات واعتصامات على الصعيد الشعبي تبدأ الجمعة المقبل، للاعتراض على توقيع هذه الاتفاقية، التي وصفها بأنها تمثل "خيانة للوطن"، و"بيعا له"، موضحا أن الحكومة تجعل من خلال هذه الاتفاقية قطاع الطاقة مرهونا بيد الاحتلال الإسرائيلي، وهذا أمر يمثل تهديدا لأمن الأردن، حيث إن الاتفاقية ترهن 40 في المئة من حاجة الأردن للطاقة بيد العدو، وفق قوله.

وأكد مجلي ما ذهب إليه العرموطي، أن أي اتفاقية تحمل حزينة الدولة تبعات مالية فهي لاغية وفقا للدستور، إلى جانب كونها لم تعرض على مجلس النواب، مشيرا إلى أن مجلس البرلمان سبق له أن رفض توقيع هذه الاتفاقية.  

وأوضح أن هذه الاتفاقية تكلف خزينة الدولة 10 مليارات دولار سنويا لمدة 15 عاما، وهذا الأمر يحملها تبعات مالية كبيرة.

ولفت إلى أن توقيت توقيع الاتقاقية أمر مسيء للشعب الأردني والبرلمان الذي يمثله، وجاء صادما للأردنيين، وتعديا على الدستور، مضيفا أن أي اتفاقية تعد مكسبا للاحتلال فهي تمثل خسارة لنا.

وكانت البرلمانية السابقة رولا الحروب، قالت لـ"عربي21" في وقت سابق، إن الاتفاقية "تمثل خطرا استراتيجيا يهدد مستقبل الطاقة في الأردن، إذ إنها تضع الطاقة في يد إسرائيل، لتساومنا عليها مستقبلا أو تقطعها عنا".

وأضافت الحروب أنه "لا يعقل أن نكافئ دولة الاحتلال على قتلها الفلسطينيين وتدميرها مساكنهم إلى جانب اعتداءاتها المتكررة بحق المقدسات، بأن نعطيها مليارات الدولارات لخزينتها، التي تخصص نسبة كبيرة منها لحرب الفلسطينيين".

شبهة فساد

وما يثير القلق بالنسبة للحروب، هو أن هناك شبهات فساد في هذه الاتفاقية المزمعة، و"الدليل هو ورقة سياسات منشورة على موقع معهد واشنطن للدراسات، كتبها المحللان الرئيسان في المعهد، وهما سيمون هندرسون وديفيد شنكر بعنوان (خيار الطاقة في الأردن: نذهب مع إسرائيل)".

وفي هذه الورقة يقول المحللان، إن السعر الحقيقي للغاز المزمع استيراده بالربط مع أسعار السوق العالمية هو ثمانية مليارات دولار، وليس 15 مليار دولار، كما ورد في الاتفاقية، وهذا يعني أن هناك سبعة مليارات زائدة على السعر الحقيقي.

اقرأ أيضا: بدائل عن اتفاقية الغاز مع الاحتلال الإسرائيلي

وكانت شركة الكهرباء الوطنية الأردنية (حكومية)، أعلنت في وقت سابق أنها وقعت مع شركة "نوبل إنيرجي" الأمريكية المطورة لحوض غاز شرق البحر المتوسط، الاثنين، اتفاقية تقضي بتزويد الشركة بـ40 في المئة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي المسال، لتوليد الكهرباء في المملكة.

وكان نائب رئيس الوزراء الأردني للشؤون الاقتصادية جواد العناني، حاول في تصريحات صحفية سابقة، أن يبرر اتفاقية الغاز مع الاحتلال، بالقول إنها "تعد أحد البدائل التي درسناها وأقلها كلفة علينا".

وخرجت خلال العامين الماضيين، مسيرات في العاصمة عمان، ترفض أي مفاوضات أردنية لاستيراد الغاز الإسرائيلي من الحقول الواقعة قبالة سواحل البحر المتوسط، لتلبية حاجة الطلب المحلي.