سياسة عربية

مصر تتحول إلى مركز عالمي لتجارة الأعضاء في عهد السيسي

وصف تقرير أمريكي جهود مصر بمحاربة تجارة الأعضاء بأنها "الأسوأ" عالميا- أرشيفية
أصبحت تجارة الأعضاء البشرية نشاطا اقتصاديا مزدهرا في مصر في السنوات الأخيرة، خاصة بعد انقلاب تموز/ يوليو 2013، بحسب مراقبين.
 
ويقول مراقبون إن الفقر والانفلات الأمني في البلاد، بالإضافة إلى ضعف القوانين المنظمة للتبرع بالأعضاء البشرية، سمح لعصابات منظمة في استغلال ثغرات كثيرة في القوانين وإظهار التجارة في الأعضاء، وكأنها تبرع دون مقابل مادي.
 
وأشار التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية عن الاتجار بالبشر لعام 2015، إلى تقدم بعض الدول العربية -مثل السعودية- في محاربة هذه الظاهرة، فيما تراجعت جهود دول أخرى، من بينها مصر، ووصف التقرير الجهود التي تبذلها مصر لمحاربة هذه الجرائم بأنها "الأسوأ" عالميا.
 
اكتشاف العصابات بالمصادفة
 
وكشفت الأجهزة الأمنية، خلال الأسبوع الماضي فقط، عن تشكيلين عصابيين استغلا حاجة الفقراء للمال، واستوليا على الأعضاء البشرية لمئات الضحايا مقابل مبالغ مالية زهيدة.

لكن القبض على أعضاء هذه الشبكات تم عن طريق المصادفة، وليس نتيجة جهود الأمن في مكافحة هذه الجرائم.
 
وفي اعترافات أمام النيابة، أقر أعضاء أحدث العصابات المضبوطة في منطقة "السيدة زينب" بالقاهرة أنهم يجتذبون الفقراء والمغتربين والمتعسرين ماديا للتبرع بأعضائهم، بعد إيهامهم بالتوظيف في شركات مقابل رواتب جيدة، ويتم إجبارهم على توقيع شيكات وإيصالات أمانة؛ لضمان عدم إخلالهم بالاتفاق أو إبلاغ الشرطة عن الواقعة.
 
وبعد التوقيع، يكتشف الضحايا أنهم وقعوا على موافقة على التبرع بكلياتهم لمرضى الفشل الكلوي من الأثرياء العرب والمصريين، وعلى إجراء العمليات الجراحية بمستشفيات كبرى خاصة وعامة، ولا يجد الضحايا فائدة من إبلاغ الشرطة عن الجريمة؛ بسبب توقيعهم على الإقرار بالتبرع، فيتم التفاوض على المقابل المادي، الذي لم يكن يزيد عن 12 ألف جنيه (ألف دولار تقريبا).
 
وكشفت الشرطة عن تورط طبيب وممرض وموظفة بمستشفى "أم المصرين" الحكومية بالجيزة في هذه القضية.
 
كما كشفت المصادفة أيضا عن عصابة أخرى بمنطقة "المرج" بالقاهرة، بعد أن أبلغ بعض الأهالي الشرطة عن صدور أصوات مشاجرات متكررة في شقة سكنية يقطنها رجال ونساء غرباء عن المنطقة.

وبعد أن داهمت الشرطة الشقة، اكتشفت وجود ثلاجات ممتلئة بأعضاء بشرية تم انتزاعها من الفقراء والمعوزين، مقابل مبالغ مالية، وأن المشاجرات الكثيرة التي نشبت بين أعضاء العصابة كانت بسبب الخلاف على تقاسم أرباح جرائمهم.
 
خطف مئات الأطفال
 
كما انتشرت ظاهرة خطف الأطفال وقتلهم؛ لسرقة أعضائهم البشرية، الأمر الذي أصاب الأسر المصرية بالذعر في الشهور الأخيرة.
 
ويتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بشكل يومي منشورات تتحدث عن خطف الأطفال وبيعهم لعصابات الاتجار في الأعضاء البشرية، حيث يتم نزع أعضائهم وبيعها للمرضى في الداخل والخارج، مقابل مبالغ كبيرة، فيما بات يشبه الظاهرة التي تهدد أمن المجتمع، بحسب مراقبين.
 
وأكد تقرير صادر عن المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة نهاية عام 2015، أن ظاهرة اختطاف الأطفال تزايدت في الشهور الأخيرة، حيث رصد 43 حالة اختطاف أطفال في أربعة أشهر، خاصة من المناطق الريفية الفقيرة.
 
كما رصد المجلس القومي للأمومة والطفولة 125 حالة خطف واتجار بالأطفال خلال الربع الأول من 2015.
 
وفي بعض الحالات، يتم تزويج الفتيات الفقيرات صغيرات السن من أثرياء عرب، وبعد إتمام الزواج والسفر إلى الخليج، يتم إجبار الفتاة على التبرع بكليتها، وعقب ذلك يتم تطليقها وإعادتها إلى مصر.
 
وفي حالات أخرى، يتم انتزاع الأعضاء من الفقراء بالإكراه أو عن طريق الخطف والقتل، خاصة للضحايا الذين لا يجدون من يسأل عنهم، مثل المتسولين والباعة الجائلين وأطفال الشوارع.

سرقة الأعضاء في المستشفيات الحكومية
 
وبعد أن ظلت العمليات الجراحية التي تجرى لسرقة الأعضاء البشرية تتم في مستشفيات وعيادات خاصة بعيدا عن أعين السلطات، أصبحت في الشهور الأخيرة تتم في مستشفيات حكومية كبرى، ما يعكس حالة الانفلات التي تعاني منها البلاد، بحسب مراقبين.
 
وتضم شبكات التجارة في الأعضاء أطباء وممرضات وعاملين في مستشفيات ومعامل تحاليل، بالإضافة إلى السماسرة الذين يساومون البسطاء على بيع أعضائهم مقابل مبالغ تصل إلى 15 ألف جنيه (أقل من ألفي دولار) للكلية الواحدة.
 
وأكد عمرو مصطفى، رئيس مؤسسة "رعاية ضحايا سرقة الأعضاء"، في تصريحات صحفية، إن عمليات بيع الأعضاء البشرية أصبحت تحقق أرباحا خيالية في مصر، وأن أصحاب المستشفيات والأطباء هم أكثر الفئات المستفيدة منها.

تجارة الأعضاء أصبحت "أون لاين"
 
ويقول مراقبون إن تجارة الأعضاء البشرية في مصر أصبحت أكثر أمنا، وتدر أرباحا أكبر من تجارة المخدرات، حتى أنه يمكن الآن بيع وشراء طفل أو "كلية" عن طريق مواقع إلكترونية أو صفحات على موقع "فيس بوك".
 
ويتخفى سماسرة بيع الأطفال وراء ستار تبني الأطفال، لكنهم يطلبون مبالغ مالية مقابل عملية التبني.
 
وبحسب تقارير صحفية، فإن مصر أصبحت تحتل المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط، والثالث عالميا في بيع الأعضاء البشرية، حتى بات يطلق عليها اسم "برازيل الشرق الأوسط"، في إشارة إلى دولة البرازيل التي تحتل المركز الأول عالميا في تجارة الأعضاء البشرية، وأصبحت مصر أحد أهم مراكز تلك التجارة على مستوى العالم بجانب الهند والصين.