سياسة عربية

رفض الخطبة المكتوبة يفجر صداما قويا بين الأزهر والأوقاف

شيخ الأزهر أحمد الطيب ـ أرشيفية
فجر اتجاه وزارة الأوقاف المصرية لفرض خطبة الجمعة مكتوبة وموحدة على جميع مساجد البلاد، خلافا حادا بين الوزارة والأزهر الشريف الذي رفض الفكرة، وأعلن أن الوعاظ التابعين له لن يلتزموا بها.
 
 وقال الشيخ عباس شومان وكيل الأزهر، إن ما يتم تداوله بشأن هذه الفكرة سيئة ولم يتم إطلاع الأزهر عليها قبل طرحها، مؤكدا أن الخطبة الموحدة غير ملزمة لوعاظ الأزهر، وهو الأمر الذي رفضته الأوقاف وتعهدت بتطبيق القانون على من يرفض هذا القرار.
 
 وبينما تشرف وزارة الأوقاف على معظم المساجد في مصر، فإن الأزهر يشرف على عدد كبير من المساجد بواسطة وعاظ تابعين له إداريا وماليا.
 
 ويقول مراقبون إن هذا الخلاف بين الأزهر ووزارة الأوقاف حول الخطبة المكتوبة، يعكس صراعا مكتوما، مستمر منذ شهور طويلة بين شيخ الأزهر أحمد الطيب والوزير محمد مختار جمعة، بسبب تطلع جمعة لإزاحة الطيب من منصبه والجلوس على كرسي شيخ الأزهر بدلا منه.
 
 وذكرت تقارير صحفية أن شيخ الأزهر أصبح يتعمد إحراج وزير الأوقاف ولا يتعاون معه في الكثير من القضايا، بسبب هذه الخلاف، ما أجبر مختار جمعة على إصدار بيان صحفي منذ عدة أسابيع يؤكد في احترامه للطيب وحرصه على تعزيز التعاون معه في المجالات الدعوية.
 
 وعاظنا لا يحتاجون إلى ورقة
 
 وأضاف الشيخ عباس شومان، في تصريحات صحفية أمس الخميس، أن الأزهر زود الوعاظ التابعين له بمكتبة من أمهات الكتب لصقل معارفهم فضلاً عن التدقيق فى اختيارهم، لافتا إلى أنهم يمتلكون خبرات طويلة في مجال الدعوة وأنهم قادرون على توصيل الخطاب المناسب لمستمعيهم باختلاف أماكنهم وثقافاتهم وعاداتهم دون الحاجة إلى صعود المنبر وفي أيديهم ورقة يقرأون منها الخطبة، في انتقاد لطريقة توجيه وزارة الأوقاف للخطباء التابعين لها.
 
 وقال د. محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث، إن الأزهر نظم العديد من الدورات التدريبية لوعاظه للارتقاء بمستواهم ومساعدتهم على فهم القضايا الفقهية المعاصرة ومعالجة القضايا الجدلية التي تهم جميع شرائح المجتمع ومواجهة التضليل الذي تمارسه الجماعات التكفيرية.
 
 واتفق أسامة العبد، عضو مجلس النواب، الذي يشغل منصب رئيس لجنة الشئون الدينية بالبرلمان، مع رأي الأزهر، حيث أعلن أن خطباء الجمعة ليسوا مجبرين على الخطبة المكتوبة التى ترسلها لهم وزارة الأوقاف بداية من اليوم الجمعة.
 
 وأكد العبد، وهو رئيس سابق لجامعة الأزهر، أن قرار وزير الأوقاف محمد مختار جمعة في هذا الصدد ما زال محل دراسة، ويحق لجميع الخطباء عدم الالتزام بالخطبة المكتوبة، مشيرا إلى أن اللجنة الدينية في البرلمان ستراقب هذا المشروع بالتنسيق مع الأزهر والأوقاف، لاتخاذ قرارا بشأن تطبيقه أو إلغائه.
 
 كانت اللجنة الدينية قد استدعت وزير الأوقاف محمد مختار جمعة يوم الثلاثاء الماضي، وناقشت معه أزمة الخطبة المكتوبة، وشددت على عدم إجبار الخطباء عليها لحين الانتهاء من دراستها واتخاذ قرار نهائي بشأنها.
 
 كبار العلماء غاضبون
 
 وكان أعضاء بهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية التابعين للأزهر الشريف، قد أعلنوا غضبهم الشديد جراء هذا الفكرة، وهددوا بمقاطعة العمل الدعوي والامتناع عن إلقاء خطبة الجمعة إذا أصرت وزارة الأوقاف على قرار “الخطبة المكتوبة”.
 
 وقال العديد من علماء الأزهر إن هذه الفكرة تحمل إهانة شديدة لهم وتقضي على إبداع الخطباء وتقتل روح خطبة الجمعة وتنفر الناس منها.
 
 وفي هذا السياق، شدد أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، على رفضه القاطع لصعود المنبر وفي يده ورقة بها خطبة الجمعة مكتوبة، قائلا إن هذه الطريقة قد تناسب الدعاة والوعاظ حديثي التخرج الذين يحتاجون إلى المساعدة.
 
 وطالب هاشم الأوقاف بالتراجع عن هذا القرار، والاكتفاء بمتابعة الخطباء داخل المساجد وتصحيح أخطائهم أولا بأول، ومنحهم مزيدا من التدريب والدعم الفني والشرعي.
 
 رد عنيف
 
 وفي رد عنيف على رفض الأزهر لتطبيق الخطبة المكتوبة، قال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، إن الأوقاف وزارة سيادية ومستقلة بذاتها، ولا وصاية لأي مؤسسة أخرى عليها.
 
 وحول عدم التزام وعاظ الأزهر بالخطبة المكتوبة، شدد مدير القطاع الديني بالأوقاف على أنه بعد صدور قرار رسمي من الحكومة بإلزام الخطباء بالخطبة المكتوبة فسوف يطبق القرار على الجميع بلا أي استثناءات أو مفاوضات!، مضيفا أن من يرفض تطبيق الخطبة المكتوبة حينئذ فسيطبق عليه الإجراءات القانونية المتبعة.
 
 وأضاف طايع، في تصريحات صحفية، أن الهدف من الخطبة المكتوبة هو القضاء على توظيف خطبة الجمعة في قضايا سياسية وحزبية، نافيا أن يكون من ورائها أغراض أمنية!.
 
 وأعلن أن قيادات وزارة الأوقاف، بمن فيهم الوزير، سيبدأون اليوم الجمعة تطبيق الخطبة المكتوبة ليكونوا مثالا لجميع الخطباء.