نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا حول
حصار الفلوجة، للصحافية هولي يونغ، كما روته لها المنسقة الإعلامية لمجلس اللاجئين النرويجي في
العراق، بيكي بكر عبد الله.
وتقول الكاتبة إنها صدمت لدى رؤيتها مخيم النازحين في عامرية الفلوجة "مخيم العراق"، وهو الأقرب إلى مدينة الفلوجة المحاصرة، حيث لم يكن أحد خارج خيمته، في الوقت الذي احتدمت فيه الحرب على بعد 30 كيلومترا بين مجموعات المعارضة المسلحة والجيش العراقي، وساد الجو هدوء غير عادي.
ويشير التقرير إلى أنه يعيش في المخيم بعض العائلات القليلة، التي استطاعت الهروب من القتال في المدينة، التي عاشت تحت سيطرة مجموعات المعارضة المسلحة على مدى العامين الماضيين، لافتا إلى أنه لدى بدء القوات العراقية يوم الاثنين هجومها على المدينة أصبح الجو مكتئبا متوترا؛ لأن الوضع الإنساني، الذي كان مأساويا، أصبح حرجا.
وتذكر الصحيفة أن الموظفين شاركوا بعضهم ما حصلوا عليه من آخر الأخبار، مشيرة إلى أن بعضهم شعر بحالة قلق شديد على أصدقائهم وأقاربهم، الذين يعيشون في المدينة، التي يقدر عدد المدنيين الموجودين فيها بـ50 ألف مدني لا يزالون عالقين في المدينة.
وتلفت يونغ إلى أن العائلات التي قابلتها كانت في حالة صدمة، وتحدثت عن محنة هروبها، حيث كان هؤلاء من بين 21 عائلة في مخيم العراق، من بين حوالي 114، يعتقد بأنهم هربوا من المدينة، مشيرة إلى أن إحدى النساء اللواتي أخبر المسلحون عائلاتهن بأنهم سيقتلون، قالت إنهم حاولوا الهروب، حيث انتظروا الظلام للخروج، وحملوا أحذيتهم ونعالهم بأيديهم؛ كي لا يسمع لها صوت بينما كانوا يركضون.
وتقول الكاتبة: "أخبرني محمد البالغ من العمر 9 سنوات بأنه عندما خرج من البيت ركض لساعات حتى بدأ يحس بالألم في قدميه، وهرب مع حوالي 16 أو 17 عائلة أخرى، حيث تقدم أحد الأشخاص ليتفحص الطريق لهم، ويتأكد من عدم وجود مقاتلين أو متفجرات، ولدى وصولهم إلى الحاجز على مدخل المدينة رفعوا الأعلام البيضاء، وتجاوزوا الحاجز، واستمروا في الحركة 30 كيلومترا، حتى وصلوا إلى مخيم العراق".
وتستدرك يونغ بأن "الكثيرين لم يحالفهم الحظ، ولقد سمعت قبل قليل من الأخبار بأن والدا كان يحمل ابنيه بين ذراعيه، ويحاول الخروج من المدينة، إلا أنه داس على متفجرات مزروعة في أطراف المدينة، فقتل الثلاثة مباشرة".
وتقول الكاتبة: "أعرب الناس الذين قابلتهم عن شعورهم بالارتياح، ومع أن المخيم في محافظة الأنبار، التي لا تزال منطقة غير آمنة تماما، إلا أن إحدى النساء اللواتي تحدثت معهن، أعربت عن سعادتها لأنها أصبحت في (أمان)، ووصفت لي كم تحب بيتها الجديد، وكيف أنها لا تريد مغادرة هذا البيت الجديد، علما بأنه عبارة عن خيمة لجوء مساحتها 20 قدما مربعا، وكثير قالوا إنهم سعداء بأنه أصبح بإمكانهم الأكل والنوم من جديد".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن آخرين يجدون أنه من الصعب عليهم الحديث عن تجربتهم القريبة في الفلوجة تحت الحصار، حيث لم تصلهم أي مساعدات إنسانية منذ كانون الأول/ ديسمبر، وأصبح الوضع حرجا أكثر بالنسبة للناس الذين يحتاجون المساعدة.
وتنقل الصحيفة عن امرأة هربت يوم الاثنين، قولها إنه لم يبق شيء في المدينة، لا طعام ولا كهرباء ولا وقود، وأضافت أن عائلتها عاشت على التمر المجفف والماء من النهر، مشيرة إلى أن الناس يموتون جوعا، وأن البعض ينتحرون، وتستدرك يونع قائلة: "لا نستطيع التحقق من ذلك؛ لعدم إمكانية الوصول إلى المدينة، وقالت المرأة إن أما أغرقت نفسها وطفليها، بدلا من الموت البطيء جوعا".
وتنوه يونغ إلى أنه "لم تكن لدى من تحدثت معهم في المخيم فكرة عما يحصل في المدينة على مستوى واسع، في الوقت الذي كانوا فيه تحت الحصار، حيث إن خطوط الهاتف كانت رديئة، فلا يمكن الاتصال بآخرين، والكثير توقفوا عن الخروج من البيت، وتوقف الأطفال عن الذهاب إلى المدارس، وعاشوا مع إطلاق النار خارج عتبات بيوتهم، وقالت لي امرأة إنها عاشت حالة من الخوف الدائم، والآن عندما هربوا من المدينة، فإنهمل ا يملكون وسيلة للاتصال بمن تركوا خلفهم".
وتؤكد الكاتبة أن "أولويتنا الآن هي إيصال الطرود الغذائية والماء والطرود الصحية للعائلات التي استطاعت الهروب، لكن الوضع يسوء بسرعة، ويعد الوصول إلى الناس المحتاجين تحديا كبيرا، نحن من بين قلة من المؤسسات الخيرية هنا، ومع أن لدينا موظفين في مخيمات النزوح، إلا أن موظفينا في بغداد غير قادرين على الانضمام لهم، ومع احتدام القتال بدأت فرص الخروج من المدينة تتضاءل شيئا فشيئا، ليست هناك طرق آمنة للخروج من المدينة".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالقول إن "الوضع في المخيم سيئ جدا، لكن القلق الرئيسي على 50 ألف نسمة لا يزالون في الفلوجة، لا نعرف إلا القليل عما يحدث داخل المدينة، والمحبط هو أننا على بعد 30 كيلومترا فقط ممن يحتاجون المساعدة، ونحن جاهزون للمساعدات الطارئة، ومع ذلك لا نستطيع فعل شيء لهم، وأدعو أطراف الصراع كلها إلى تأمين مخرج آمن لسكان الفلوجة المدنيين".