حقوق وحريات

غضب بالمغرب لوفاة سيدة أحرقت نفسها وتدخل حكومي (شاهد)

تظاهر العشرات من المواطنين والنشطاء الحقوقيين في وقفة احتجاجية ـ فيسبوك
يتصاعد الغضب الشعبي والرسمي في المغرب، بعد إقدام سيدة على إحراق نفسها، رفضا للإهانة أو "الحُكْرَة"، بعدما اعتقلها رجل سلطة (قائد) وصادر "الخبز والحلويات" الذي كانت تبيعه على الرصيف، في وقت يستعد البرلمان لمساءلة الحكومة في النازلة.

وأقدمت "مِي فتيحة" التي تعمل "بائعة متجولة" وتمارس التجارة على الرصيف أو "الفراشة" (البسطة) على إحراق نفسها، احتجاجا على ممارسات رجل سلطة بمدينة القنيطرة (شمال العاصمة الرباط) السبت 9 نيسان /أبريل، لتفارق الحياة في المستسفى يومان بعد ذلك.

ابن كيران: أمر مؤلم

وقال مصدر مقرب من رئيس الحكومة الحكومة: "ابن كيران أخذ علما بالفاجعة، وهو يبحث ويتابع الموضوع، وليس كل ما يفعل ويعلم يقال".  

وأفاد المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، في تصريح لـ"عربي21"، الاثنين: "المهم الآن هو تتبع الأمر أولا بأول، المسألة محزنة ومؤلمة".

وتابع: "لقد كان رئيس الحكومة متأثرا بشدة بعد معرفته بالشهادة الصادمة التي قدمتها صديقة الفقيدة".

الداخلية تتحرك

وأوفدت وزارة الداخلية، الإثنين، لجنة تفتيش مركزية إلى مدينة القنطيرة، من أجل البحث والتحقيق بشكل معمق في قضية وفاة "مي فتيحة بائعة البغرير" التي لفظت أنفاسها الأخيرة، يوم الاثنين الماضي، متأثرة بحروق من الدرجة الثالثة في مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء.

التحقيق

وفتح الوكيل العام للملك بحكمة الاستئناف بمدينة القنيطرة، "تحقيقا مع القائد، وأعوان السلطة"، بنفوذ المقاطعة السادسة بالقنيطرة، على خلفية ما بات يعرف بقضية "مي فتيحة بائعة البغرير".

ووجهت النيابة العامة في شخص الوكيل العام للملك بالقنيطرة، استدعاء لكل من قائد المقاطعة السادسة وأعوان السلطة المتورطين، في قضية "مي فتيحة".

من جهتها أكدت "ميرا" الصديقة والجارة للضحية التي تعرف بـ"مي فتيحة"، أنها استدعيت من طرف الشرطة القضائية للاستماع إلى روايتها بخصوص ما تعرضت له الضحية قبل إحراق نفسها.

وقالت الجارة ميرا: "الاستدعاء كان بسبب ظهوري في شريط فيديو أدليت فيه بشهادتي في موضوع مي فتيحة".

وتابعت الجارة: "رجال الأمن كانوا قد أخبروني حين طرقوا باب منزلي، أن الوكيل العام فتح تحقيقا في ملف مي فتيحة، وعلي أن أدلي بشهادتي".

مساءلة الحكومة

ووجه البرلماني عن حزب العدالة والتنمية عزيز الكرماط سؤالا كتابيا إلى وزير الداخلية محمد حصاد حول البائعة المتجولة بالقنيطرة التي لفظت أنفاسها الأخيرة بأحد مستشفيات الدار البيضاء بعد أن أحرقت جسدها أمام المقاطعة السادسة بالقنيطرة احتجاجا على "الحكرة" (الظلم) التي طالتها على يد القائد وأفراد من القوات المساعدة والتي تجلت في تعنيفها جسديا ولفظيا قبل مصادرة سلعة كانت تعرضها بالقرب من سويقة الحي.

وساءل النائب البرلماني وزير الداخلية عن الإجراءات والتدابير التي اتخذها من أجل فتح تحقيق في ملابسات وحيثيات إقدام "مي فتيحة" على إحراق نفسها أمام مرأى ومسمع من أفراد القوات المساعدة الذين كانوا لحظتها داخل المقاطعة.

من جهة أخرى تقدم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية في مجلس النواب، بطلب إلى رئيس المجلس، رشيد الطالبي العلمي، لإدراج "نقطة الإحاطة علما لجلسة الأسئلة الشفوية ليوم الثلاثاء (19 نيسان/أبريل)، بخصوص قضية مي فتيحة".

وجاء في طلب الإحاطة علما، الذي تقدم به عادل بنحمزة عضو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن هذه الإحاطة ستشمل "الأسباب والدوافع والملابسات والتداعيات” التي أحاطت بوفاة مي فتيحة.

الغضب الشعبي

وتظاهر العشرات من المواطنين والنشطاء الحقوقيين في وقفة احتجاجية، الإثنين، أمام مقر الملحقة الإدارية السادسة التابعة للدائرة الحضرية أولاد وجيه، ضواحي القنيطرة.

وعرفت الوقفة الاحتجاجية التي تنظم في هذه الأثناء، الساعة (الثالثة بعد الظهر)، في المقاطعة السادسة ببئر الرامي، في القنيطرة، حضورا مكثفا للباعة المتجولين، في شخص التنسيقية الوطنية للباعة المتجولين والتجار على الرصيف.

وحمل المواطنون لافتات من قبيل: "كلنا أبناء مي فتيحة"، "حداد على وطن خانه الجميع"، "لا معنى للحرية في وطن مجرموه أحرار"، في حين تم ترديد مجموعة من الشعارات، من بينها: "المواطن احتج احتج، وباراكا ما تتفرج"، و"باراكا ماتشوف بعينيك، ليوم عليا وغدا عليك"، و"مي فتيحة قضية ماشي حملة انتخابية".

ورفع المشاركون في الوقفة شعارات منددة بالفساد الإداري من قبيل "الشعب يريد إسقاط الفساد"، و"السلطات المحلية سبب وفاة مي فتيحة"، "الشعب يريد من قتل الشهيد".

ويتوقع أن تعرف مدينة القنيطرة الأربعاء وقفة احتجاجية أخرى، في إطار فعاليات تنديدية بتجاوزات رجال السلطة في حق المواطنين.

                                       

الشهادة
وقالت ميرا: "مي فتيحة كانت جالسة أمام باب السوق كعادتها، قصدها المقدم (عون سلطة) وأمرها بالدخول إلى السوق، لكنها رفضت وقالت في الداخل لا يوجد رواج، كما أن أصحاب المحلات يطردونني".

وتابعت: "بعد رفض (مي فتيحة) تنفيذ الأوامر، قام بمصادرة سلعتها ووضعها في سيارتهم"، بعدها انتفضت "مي فتيحة" في وجه المقدمين قائلة: "لن أترككم حتى يأتي القايد ويأخد لي حقي".

وواصلت: "حين جاء القائد دفعها مرتين وصفعها، وهددها أمام الجميع، قائلا: إن لم تبتعد سأدهسك بسيارتي هاته، ولن تجدي من يحميك".

                                       

بداية "الحكرة"

ولم يتوقع أحد أن تقوم سيدة تعمل بائعة متجولة، ومسنة بإضرام النار في جسدها، احتجاجا على ظلم رجل سلطة ضربها وصادر قوت عيالها وحاول إهانتها أمام الناس.
 
كان مشهدا غريبا ومقززا جسد "مي فتيحة" تلتهمه النيران، وطفل صغير يتدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، يحاول تخليص ذلك الجسد من الثياب المحترقة، يتمكن من إبعاد النيران، قبل أن يتدخل رجل بالغ حمل معه غطاء لم به الجسد المحترق.

مي فتيحة أصرت بعد ضربها ومصادرة سلعتها أن تعيد لنفسها الاعتبار، وبحسب شهود عيان فإنها لحقت برجال السلطة إلى مقر عملهم بمركز إداري، توقفت طويلا مطالبة بسلعتها، لكنها في لحظة غاضبة اقتنت مادة مشتعلة، سكبتها على نفسها وأضرمت النيران.