بورتريه

دشتي.. الهروب الكبير إلى دمشق (بورتريه)

دشتي
تصفه وسائل الإعلام الإيرانية بـ"جيفارا العرب" نكاية بدول الخليج العربي..

في البداية تعاطى معه أهل الكويت بوصفه يمثل كوميديا ساخرة، لكنها ما لبثت أن أصبحت كوميديا سوداء مغلفة بمضمون سياسي عدائي أغضب حكومة بلاده ودول الخليج العربي منه، لينتهي الأمر بإصدار النائب العام في الكويت أمرا بضبطه وإحضاره.

وسبق ذلك رفع مجلس الأمة الكويتي الحصانة عنه بتهمة إساءته للقضاة في قضية الخلية "الإرهابية" المرتبطة بإيران وحزب الله (خلية العبدلي)، وبسبب زيارته إلى أسرة المتورط في قتل المواطنين الكويتيين بعد خطف طائرة "الجابرية" المتهم فيها عماد مغنية، ووجهت له تهمة التواطؤ وعدم الوطنية.

يضاف إلى ما سبق، قضية الإساءة للسعودية في مداخلة تلفزيونية على قناة "الإخبارية السورية" في فبراير/شباط الماضي، وهجومه المتواصل على الرياض بعد "عاصفة الحزم" العربية في اليمن.

وأصدرت المحكمة "الصغرى الجنائية" في البحرين حكما بحقه يقضي بالحبس سنتين بتهمة "جمع أموال بطريقة غير قانونية"، وأبلغت السلطات الكويتية بالحكم لإخطار الشرطة الدولية (الإنتربول) بتسليمه، وهو ما يعرضه للملاحقة الدولية، مع استعداد الكويت لإبلاغه رسميا بالحكم.

آخر ظهور له كان في مقطع فيديو بثه ناشطون، يلقي فيه خطابا في تجمع لمؤيدي رئيس النظام السوري بشار الأسد في دمشق، قادما من جنيف بدل عودته إلى الكويت. ووصف الأسد في خطابه بأنه "رئيس مناضل ومقاوم وبطل وزعيم هذه الأمة"، مؤكدا أنه "جاء ورفاقه للشام ليدخلوها بسلام آمنين، في عرين الأسد.. الدنيا بخير".

وقدم شكره لدور حزب الله في سوريا، وفيما كان يعدد ما أسماها "خصال المرشد الإيراني علي خامنئي"، فقد امتدح بشكل مبالغ فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووصفه بأنه "قيصر الزمان الإنساني" لدور قواته في وقوفها مع الأسد.

وأظهر حساب منسوب له على "تويتر" صورا له في أماكن متفرقة من سوريا، بينها مقام السيدة زينب في ريف دمشق الخاضع لسيطرة النظام.

عبدالحميد عباس حسين دشتي، المولود في عام 1954، خريج الكلية العسكرية الكويتية عام 1974، بدأ حياته كطيار وتدرج في عدة مناصب في المجال العسكري بالقوة الجوية والدفاع الجوي حتى استقال من الخدمة العسكرية عام 1982، وتفرغ لكي يقوم بإدارة مشروعاته التجارية ومتابعتها.

وكان لسوريا، التي يقال إنه يحمل جواز سفرها أيضا، نصيب كبير من أعماله الخاصة ورئاسته لشركات كبرى فيها، مثل "شركة تنمية للاستثمار" و"مركز التجارة العالمي" في دمشق، وغيرها من الاستثمارات، ما يشكل نوعا من تضارب المصالح هنا،كما أنه تخصص في الشركات الكثيرة التي تعمل في مجال الطيران والملاحة الجوية والتأمين والتسويق العقاري.

غيّر مجرى حياته المهنية حين درس التجارة في جامعة بيروت العربية، وهو حاصل على بكالوريوس حقوق من جامعة الإسكندرية، وحصل على شهادة الدكتوراه من فرنسا. وأصبح عضوا في مجلس الأمة الكويتي ممثلا للدائرة الأولى، ويشغل منصب رئيس المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان (ICSFT) في جنيف.

ومن جنيف، وقبل أيام قليلة، هاجم دشتي سياسة بلاده حيال المعارضين السياسيين، متهما إياها والسعودية والبحرين بقمع "التظاهرات واعتقال وتشريد المعارضين".

وجاء في مقطع فيديو للنائب دشتي، أنه "وجهت للكويت أكثر من 287 توصية، وشكاوى عن تعذيب للمعتقلين"، وأن "ما يحدث في الكويت يحدث في البحرين وفي السعودية"، وأن "أشخاصا يشردون ويعذبون ويقتلون ويودعون في السجون، دون أن يتدخل أحد أو يتكلم".

ويتبنى دشتي، موقفا مغايرا ومناقضا لموقف بلاده من عدة قضايا إقليمية، وربما محرجا، بينها الصراع السوري الذي يقف فيه إلى جانب النظام السوري، كما أنه يساند جماعة الحوثيين باليمن، ويدافع عن السياسة الإيرانية بالمنطقة، منتقدا باستمرار البحرين والسعودية.

ويقول دشتي، إن آراءه شخصية ويعبر عنها بعيدا عن مجلس الأمة، من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ولا تمثل موقف الكويت الرسمي أو مجلس الأمة، وإن الدستور الكويتي يضمن له حرية الرأي.

ويطلب مجلس الأمة الكويتي تأجيل رفع الحصانة عنه لحين عودته، كونه يخضع للعلاج حاليا، وهو ما ينفيه كويتيون غاضبون منه، ومنهم رجل الدين الكويتي المعروف عبدالرحمن النصار، ويقولون إنه ليس مريضا، لكنه أدرك الموقف الصعب الذي وصل إليه، وقد لا يعود للكويت نهائيا.

ونقل عن صحيفة "الأيام" البحرينية أن دشتي لجأ إلى دمشق لتفادي ملاحقته خليجيا، قائلة إن منهجه في استفزاز الكويتيين وأهل السنة يحاكي ما فعله ياسر الحبيب.

دشتي نائب ينتمي للطائفة الشيعية؛ يتجادل الناس حوله، ويختلفون حول جنسيته وتتضارب آراؤهم حول أفكاره وانتماءاته. كان يحتمي بالحصانة البرلمانية في القضية التي رفعت عليه سابقا، لكنه الآن بات مكشوف الظهر والرأس بعد رفع غطاء الحصانة عنه.

ويتساءل الجميع عن الانتماء الحقيق للنائب عبد الحميد دشتي، ولماذا لا يهاجم إلا الدول العربية، ولا يتحدث عن الدور الإيراني السلبي في الوطن العربي وتدخلها المباشر في الشؤون العربية في البحرين واليمن وسوريا والعراق.

لماذا تصمت مدافعه عندما يتعلق الأمر بطهران، وتسمع دوي قصفه العنيف على كل ما هو عربي؟! تساؤلات يطرحها نشطاء كثيرون هذه الأيام على "تويتر" و"فيسبوك".. هل هي الطائفية، أم المصالح والاستثمارات، أم البحث عن النجومية والشهرة حتى وإن تعلق الأمر بإطلاق لقب "جيفارا العرب" على رجل يشتم العرب..؟!