ملفات وتقارير

هل تنزلق مصر الى تدخل عسكري في ليبيا؟

ما هي مآلات التدخل المصري العسكري في ليبيا إذا حدث فعلاً؟ - عربي21
يؤكد النظام في مصر دائما أنه مستعد للتدخل عسكريا في ليبيا لحماية الحدود الغربية الممتدة في قلب الصحراء حتى السودان؛ لصد أي توسع محتمل لتنظيم الدولة المتمركز وسط السواحل الليبية، إلا أن خبراء عسكريين وسياسيين استبعدوا إمكانية التدخل بريا، ورهنوا أي تحرك في أن يكون ضمن تحالف دولي، هو من يحدد ويرسم استراتيجيته وخريطته، وأبعاده وأهدافه.

ضربات استباقية

وفي هذا السياق، أكد اللواء يسري قنديل، أن مصر قد تلعب دورا حيويا في أي تحالف دولي ضد تنظم الدولة "داعش"، لما يمثله "من تهديد للأمن القومي المصري، والعالمي"، وقال لـ"عربي21": "يجب حماية الحدود الغربية، وتعزيزها وعدم انتظار الإرهابيين".

وبشأن متى تقرر السلطات المصرية التدخل، أجاب: "إذا شعرت مصر من خلال المخابرات، أن التنظيم يهدد الأمن القومي للبلاد، فلا مجال للتفكير، ويجب توجيه ضربات استباقية، جراحية، حتى لا نكرر ما يحدث في اليمن، من سقوط ضحايا مدنيين".

وأقر أن مثل هذا التدخل "سيشكل عبأ على مصر، لكن لا بد من حماية حدودنا الغربية، وتوجيه الضربات الاستباقية أفضل من تلقيها"، مستبعدا في الوقت نفسه "حدوث تدخل بري" بسبب ما قال إنه "سيمثل خطورة، واستنزاف للقوات والأموال"، مفضلا التدخل "الجوي والبحري".

تدخل غربي وليس إقليمي

من جهته، استبعد الخبير العسكري، العميد صفوت الزيات، أن يسمح الغرب بأن تلعب أي قوة إقليمية في المنطقة دورا عسكريا في ليبيا منفردة، وقال لـ"عربي21": إن "الدور الإقليمي في مواجهة داعش لن تسمح به الدول الغربية؛ لإن مشكلة داعش مرتبطة بالأمن الأوروبي، وفق رؤيتهم"، مشيرا إلى أن "الغارات الجوية السابقة في ليبيا أزعجت الغرب، وطالب بتوقفها، ولم تتكرر".

وأضاف: "كلنا نعلم أن الوضع في ليبيا ليس هو الذي أسست له الثورة الليبية، ونعلم أيضا الدور والإسهام الكبير للناتو، والولايات المتحدة في القضاء على معمر القذافي، وهو يعطي دلالة قوية على أن العمق الليبي، والشواطئ الليبية ليست مسألة تترك بهذه السهولة لدول إقليمية بتوجهاتها وربما بتحالفاتها في الداخل الليبي".

ورجح أن "يأخذ أي تدخل مستقبلي صبغة التحالف الدولي، كما في سوريا والعراق، والذي يطلق عليه "تحالف الرغبة" أو "تحالف الإرادة"، وقد لا تضطر للذهاب إلى مجلس الأمن تجنبا لأي عراقيل تضعها دولة مثل روسيا".

مصر والإمارات الدور السيء

بدوره، اعتبر، رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي، رفعت محمود، أن "أي عمل عسكري مصري في ليبيا، طبقا للقانون الدولي، هو عمل خارج القانون"، مضيفا لـ"عربي21" أن "التمزق في ليبيا هو بسبب الدعم المطلق للواء خليفة حفتر، الذي يصر على عدم تنحي الرتب العسكرية العالية وقت تشكيل الحكومة، للسيطرة على الجيش، والدخول في العملية السياسية، ليفعل كما فعل السيسي".
 
واستنكر إذعان "النظام المصري للإملاءات الإماراتية، وتأجير الجيش كمرتزقة، بالتدخل في ليبيا"، وفق قوله، مؤكدا أن "خروج الجيش خارج الحدود، سيكون مصيبة في كل الأحوال، خاصة في ظل الأوضاع الداخلية المضطربة، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا".

كما شدد على أن "الجيش المصري غير مهيئ لحرب؛ فمنذ إدارة المجلس العسكري للبلاد منذ خمس سنوات، وهو في الشوارع، لتأمين النظام والمنشآت، وقد أثر ذلك على قدرته وكفاءته القتالية، وفي ليبيا حرب عصابات وليست حرب نظامية".
 
التدخل البري مرفوض

من جهته، رأى الكاتب الصحفي الليبي، الحسين المسوري، أن "التدخل المصري على الأرض عسكريا يؤزم الوضع في ليبيا أكثر، ويوصلها إلى أشبه بالحالة العراقية الكاملة"، وقال لـ"عربي21": "لا أعتقد أن يغامر الجيش المصري بالدخول إلى الأراضي الليبية".

وتابع: "على أقصى تقدير سيكتفي بتقديم الدعم للجيش الليبي، بالسلاح والعتاد، وطلعات جوية بحسب الاتفاق، ولا أحسب أنها تتورط في حرب برية، بالرغم من أنها تتعامل مع الموضوع من منطلق أمنها القومي، بسبب حدودها الغربية الطويلة مع ليبيا".

وأكد أن "التدخل البري سيكون مرفوضا حتى من مؤيدي الجيش الليبي، والجماعات المسلحة الأخرى، ولن يوافق المواطن الليبي على التدخل المصري على الأرض". داعيا "القوى السياسية والعسكرية الموجودة على الأرض للتوحد ضد داعس، وليس استخدام التنظيم ضد بعضهم البعض، فينتظر أن يدخل كل طرف خصمه في صراع مع داعش".

وعن قدرة أي حكومة ليبية جديدة على طرد تنظيم الدولة، أكد أن أي "حكومة مقبلة لن يمكنها بمفردها التغلب على هذا التنظيم، إلى جانب أن الأعباء الملقاة عليها سيكون في المقام الأول، هو إنهاء الانقسامات بين المؤسسات الليبية السياسية والدستورية، ولا نطلب أكثر من ذلك كمرحلة أولى".