السؤال الذي يحيرني ويبرجل كياني هو: كيف تسنى للأمريكيين أن يصبحوا سادة العالم؟ صحيح أنهم شعب مبدع وجسور في أكثر من مضمار، ولكنهم أكثر شعوب الله خيبة في مجال اختيار الحكام.
أكثر رؤسائهم شعبية كان جون كينيدي، ذا الصلات المعروفة بالمافيا، وصاحب السجل الحافل بالغزوات النسائية، وكان ذوقه رفيعا مقارنة بـ"بيبل كلينتون"، فقد اختار فاتنة هوليوود مارلين مونرو عشيقة له، وكانت "بنت الذين" تتقاسم الفراش أيضا مع شقيقه روبرت، الذي كان يشغل منصب النائب العام (اغتاله الفلسطيني – الأردني سرحان بشارة سرحان في يونيو من عام 1968 وما زال في السجن بعد أن رفضت المحاكم الإفراج عنه، كما هو الحال مع من يقضون في السجن مدة تزيد على ربع قرن، أو يصبحون طاعنين في السن، علما بأن سرحان من مواليد مارس/ آذار 1944 في القدس).
وكان بلبل كلينتون فحل "أي كلام"، وعندما "زنقوه" بعد ثبوت أنه كان يذاكر من وراء ظهر زوجته البلاستيكية هيلاري، زعم أنه – وبلغة الصحافة - لم يمارس أي علاقة "تحريرية" مع مونيكا لوينسكي، ولكن هب أنه فعل معها الأفاعيل – وقد فعل بالفعل - كيف يكون الإنسان رئيسا لأقوى دولة في العالم، ولا يستطيع أن يستر أفعاله "المهببة" مع مونيكا، أو تحت تأثير الفودكا؟ كيف يسمح لموظف حكومي هو المحامي كنيث ستار أن يعرضه للمرمطة والبهدلة، لأنه مارس حقه الشخصي في الخيانة الزوجية، ذلك الحق الذي يكفله الدستور الأمريكي؟ لماذا لم يتحرك جهاز المخابرات المركزية ومكتب المباحث الفيدرالية لتصفية ستار ومونيكا وأي واحد أو واحدة يتطاول على مقام الرئيس الملهم والزعيم المهيب، حبيب الجماهير؟!
رونالد ريغان كان أيضا يتمتع بشعبية كاسحة، ومازال الأمريكيون يعتبرونه من أنجح رؤسائهم، رغم أنه كان جاهلا عصاميا، وكان يعتقد أن معمر القذافي يحكم بوليفيا. وإذا كانت فضائح كينيدي وكلينتون تتعلق بخرق قواعد الأخلاق العامة، بإقامة علاقات حميمة مع نساء من وراء ظهري زوجتيهما، فإن ريغان ارتكب مخالفة أخلاقية راح ضحيتها الآلاف.
كانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات مشددة على إيران، ومن بينها فرض حظر على تزويدها بالسلاح قبل تولي ريغان شؤون الحكم، ولكن ولأنه كان قصير النظر، فلم يكن يرى أن إيران "البعيدة" تشكل خطرا على أمن بلاده، كما الحكومة الاشتراكية وقتها في نيكاراغوا، التي شكلها ثوار الساندينستا الذين أطاحوا بحكومة عميلة للولايات المتحدة، وأسهمت حكومة ريغان في تشكيل حركة معارضة للساندينستا اسمها "الكونترا".
وبما أن الكونغرس كان قد حظر تزويد الكونترا بالسلاح أو المال، فقد استفاد ريغان من خبرته كممثل فاشل في هوليوود، وقام بإخراج فيلم هندي ليتسنى له تسليح الكونترا، وهكذا عقد صفقة سرية مع إيران: ستزودكم إسرائيل بالسلاح، ويتم تحويل قيمة السلاح إلى الكونترا. وقدم سلاحا لإسرائيل كتعويض دون أن يعترض الكونغرس. وقد كان: لحست إيران الجعجعة عن إزالة إسرائيل من الخارطة، وقبلت شاكرة شحنات السلاح من إسرائيل وتوفرت للكونترا أموال بنكهات إيرانية – إسرائيلية، ولكن ذات منشأ أمريكي.
والأدهى من ذلك أن الرئيس ريغان منع السلطات الأمريكية من السعي لمكافحة ومحاربة تجار المخدرات في أمريكا اللاتينية، لأن ذلك سيحرم الكونترا من مصدر أموال مهم، وهو إعادة تصدير الكوكايين القادم من كولمبيا إلى..... عليك النور.. أكبر سوق للمخدرات في العالم: الولايات المتحدة الأمريكية.
الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون الذي دخل التاريخ بوصفه من صاغ إعلان استقلال بلاده من الحكم البريطاني، لم يكن يرى بأسا في امتلاك عبيد، وكان عنده منهم ستة، ولم يكن أيضا يرى بأسا في إقامة علاقة فراش مع خادمة تعمل عنده اسمها سالي هيمنغز، أنجب منها ستة أطفال، وبعد وفاته سألوا سالي تلك: كيف تسنى للرئيس المفدى أن يقيم علاقة فراش معك في بيت به عشرات الخدم والحشم والحراس وعيال؟ فقالت إن "عش الغرام" كان الخزانة المخصصة لأدوات الكنس (هل كان جيفرسون يشعر بالذنب فجعل من مكان حفظ معدات النظافة موقعا للأعمال القذرة. وهو يشابه أسلوب غسل الأموال النجسة)؟
الرئيس غروغر كليفلاند أقام علاقة سرية مع ماريا هيلين في عصر ما قبل أدوات منع الحمل، فحبلت هيلين، وأنجبت طفلا، وبعد أن ذاعت تفاصيل تلك العلاقة اعترف كليفلاند بأنه والد الطفل، ولكن ما أن توفيت أمه حتى سلم الطفل لدار لرعاية الأيتام، وكانت الجماهير وكلما ظهر كليفلاند على منبر عام تغني (بالإنجليزية): ماما وين بابا؟ في البيت الأبيض ها ها.
أما أسوأ رئيس أمريكي على الإطلاق، وبإجماع المؤرخين الأمريكيين والمحللين السياسيين فهو جورج دبليو بوش، الذي ورط بلاده في حروب خاسرة في العراق وأفغانستان، وبالتالي يعتبر المؤسس الحقيقي لتنظيم "داعش"، وظهرت النزعات الدموية لهذا الأخرق عندما كان حاكما لولاية تكساس، حيث شهدت في عهده أكبر عدد من الإعدامات بالحقن السامة في تاريخ الولايات المتحدة.
ولعضو في الكونغرس عبارة شهيرة تلخص "حالة" بوش هذا حيث قال: لو كان للغباء سوق لاشتريت حق التنقيب في دماغ جورج دبليو بوش!
هذا غيض من فيضان فضائح بعض الرؤساء الأمريكيين، ومع ذلك فمنهم من فاز بولايتين رئاسيتين: جيفرسون وكليفلاند وريغان وبوش. طيب أوليس ذلك دليلا على أن الناخبين الأمريكيين قاصرون سياسيا؟