نشر موقع "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرا للكاتبين جوزيف فدرمان وكولين بنكلي، يقولان فيه إن عالم الأنثروبولوجيا
الإسرائيلي دان رابينويتز، لامع في مجاله، ويدير كلية دراسات بيئية في جامعة تل أبيب، وكتب عشرات الأبحاث، وعمل في عدة مواقع محاضرا زائرا في
جامعات أوروبا وأمريكا الشمالية.
ويستدرك التقرير بأن رابينويتز، الذي تعلم في بريطانيا يخشى من أن ما توفر له من فرص، لن يتوفر للأساتذة الشباب؛ لما يسميه "أسبابا شخصية"، وهي كونهم إسرائيليين.
ويشير الموقع إلى أنه في الوقت الذي يتزايد فيه زخم
المقاطعة الدولية، فإن الأساتذة الإسرائيليين يقولون إنهم يحسون بالضغط من زملائهم في الخارج، ومع أن الحركة تستهدف ظاهريا الجامعات وليس الأشخاص، فإن الأكاديميين الإسرائيليين يقولون إنه في العادة يتم تجنبهم على المستوى الشخصي، ويعاملون بازدراء في المؤتمرات، ويحصلون بصعوبة على تنسيب، وقد يجدون صعوبة في نشر أعمالهم في الدوريات العلمية. ويقول رابينويتز: "الموضوع شخصي ومشخصن بشكل كبير".
ويبين الكاتبان أن المقاطعة الأكاديمية هي جزء من حركة المقاطعة العالمية "بي دي إس" المؤيدة للحقوق
الفلسطينية، التي تدعو إلى المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل وفرض العقوبات عليها، وتستلهم هذه الحركة أفكارها من حركة مناهضة الأبارتايد، وتقول إنها تستخدم أساليب سلمية لدعم النضال الفلسطيني لأجل الاستقلال.
وينقل التقرير عن إسرائيليين قولهم إن الحملة تذهب أبعد من مقاومة احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية، وعادة ما تخفي هدفا بعيدا هو "نزع الشرعية" أو تدمير الدولة اليهودية. ولكنّ لامركزية الحركة ولغتها في المطالبة بحقوق الإنسان، جعلا من الصعب مقارعتها.
ويلفت الموقع إلى أن ضغط المقاطعة زاد قليلا في شهر كانون الثاني/ يناير، مع صدور تقرير "هيومان رايتس ووتش"، الذي أشار إلى أن الشركات المتورطة في العمل في المستوطنات تشارك في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني الذي يعيش هناك. وادعى التقرير أن هذه الشركات تشارك إسرائيل في اختراق القانون الدولي المتعلق بالاحتلال، مشيرا إلى اتفاقية جنيف الرابعة ولوائح لاهاي 1907.
ويورد الكاتبان نقلا عن موقع حركة المقاطعة (بي دي إس) قوله: "إن أكثرية المثقفين والأكاديميين، إما أنهم ساهموا بشكل مباشر بالاحتلال والأبارتايد الإسرائيلي، أو على الأقل كانوا متواطئين من خلال صمتهم".
ويجد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه مع ذلك، فإنه ينظر بشكل واسع للجامعات الإسرائيلية على أنها قلاع ليبرالية، وأساتذتها هم أشد الناقدين للحكومة، مشيرا إلى أن المقاطعة الأكاديمية تلقى دعما كبيرا، وحققت في المملكة المتحدة وفي أمريكا سلسلة من الإنجازات، وانضم إلى المقاطعة في السنوات الأخيرة اتحاد الدراسات الأمريكية الآسيوية واتحاد الدراسات الأمريكية واتحاد دراسات السكان الأصليين لأمريكا والاتحاد الوطني للدراسات النسوية.
ويذكر الموقع أنه في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، صوت الاتحاد الأمريكي للأنثروبولوجيا بالغالبية، على مذكرة تدعم مقاطعة الجامعات الإسرائيلية. ويقول رئيس جامعة الـتخنيون (جامعة العلوم والتكنولوجيا الرئيسة في إسرائيل) بيرتز لافي، إن تأثير قرارات المقاطعة تلك بقي في أقل حدوده.
ويقول لافي، الذي يرأس اتحاد رؤساء الجامعات الإسرائيلية، إن العلاقة بين الجامعات الإسرائيلية والأمريكية لا تزال قوية على مستوى المؤسسات والإدارات، وأشاد بقرار اتحاد الجامعات الأمريكية، الذي أكد معارضته للمقاطعة، حيث قال الاتحاد الذي يمثل 62 جامعة رئيسة في أمريكا بأن المقاطعة "تنتهك الحرية الأكاديمية".
ويضيف لافي للموقع أن حركة المقاطعة أصبحت الهم الأكبر للجامعات الإسرائيلية مؤخرا، خاصة أن التأييد لها في اطراد على "المستوى الأرضي" من اتحادات الطلاب الأمريكيين واتحادات الأكاديميين. وقال: "قد يحصل تفاعل تسلسلي، وإن لم نتفاعل معه، فستكون هناك مشكلة كبيرة".
وينوه الكاتبان إلى أن لافي يقود الآن معركة ضد المقاطعة، وفي الوقت الذي يعترف فيه بأن سياسات الحكومة الإسرائيلية قابلة للانتقاد، يقول إن الإلقاء باللائمة على الجامعات لتلك السياسات فيه ظلم، ويسأل: "لماذا لا يتحدث أحد عن بلاد سجلها في حقوق الإنسان أسوأ من إسرائيل، مثل إيران والسعودية؟"، ويقول: "نشعر بأن هذه الحركات تتعامل مع إسرائيل بشكل مختلف عن أي بلد آخر".
وينقل التقرير عن رابينويتز، قوله إن تصويت اتحاد علماء الأنثروبولوجيا في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي لدعم المقاطعة، كان أكثر فصول حياته العملية إيلاما. وأضاف أنه حاول مرتين تغيير قرار المقاطعة، ولكن ذلك رفض دون نقاش، وقال إن رفضه من زملائه شكل "لحظة حاسمة" بالنسبة له. وأكد الاتحاد كلام رابينويتز في بيان، حيث قال إن الاجتماع كان "على درجة عالية من التوتر".
ويورد الموقع نقلا عن المدير التنفيذي للاتحاد إد ليبو، قوله إن اتحاده شعر "بالتزام قوي" للقيام بعمل ما، وأضاف: "الشيء الوحيد الذي لا نستطيع فعله هو ألا نفعل شيئا". وسيتم التصويت على الإجراء من أعضاء الاتحاد البالغ عددهم 10 آلاف، هذا الربيع.
ويشير الكاتبان إلى أنه رغم أن علماء الأنثروبولوجيا الأمريكيين لم يقترحوا المقاطعة الأكاديمية سابقا، فإن الاتحاد قال إنه يأخذ مواقف من الحكومات التي تتهم بحدها من الحرية الأكاديمية، فقد أرسل رسالة من فترة حديثة لتركيا ينتقد فيها ما اتهموا به من حد لحرية العلماء.
وينقل التقرير عن أستاذة علم الأنثروبولوجيا في جامعة جورج واشنطن المؤيدة للمقاطعة إيلانا فيلدمان، قولها إن المقترح إن تم تمريره، فإنه لن يعطل بأي شكل من الأشكال العمل الأكاديمي للعلماء الإسرائيليين، مستدركا بأن رابينويتز يقول إنه من المستحيل التمييز بين الشخص والمؤسسة العلمية التي يعمل بها، التي تصبح جزءا من هويته العملية. ويقول الأكاديميون الإسرائيليون إن مثل هذا الشعور عام بينهم.
وتقول أستاذة التخطيط المدني في جامعة التخنيون، راشيل ألترمان، للموقع إنها على علاقة عملية جيدة مع زملائها في أنحاء العالم، ولكن المؤيدين للمقاطعة يتزايدون في السلك الأكاديمي. وتضيف أن هذه المشكلة أقل في مجالات العلوم، مثل الطب والفيزياء، وأكثر بروزا في العلوم الإنسانية، والأكثر عرضة للتأثر هم الأكاديميون الشباب الذين يحاولون تكوين سمعة.
وتتابع ألترمان بأنها بدأت تحس ببرود بعض الزملاء في المؤتمرات، الأمر الذي لم يكن موجودا في الماضي. وقالت إن زملاءها يرفضون حضور مؤتمرات في إسرائيل، ويقول لها محررو الدوريات العلمية إنهم يواجهون صعوبة في العثور على من يوافق على مراجعة الأوراق المقدمة من الأكاديميين الإسرائيليين. وتقول: "أسمي ذلك المادة المظلمة، وهي موجودة دائما، ولكن صعب أن تضع يدك عليها أو أن تراها". مشيرة إلى أنه في حالة حصلت حديثا، فقد رفض زميل بريطاني مساعدة أحد طلابها.
ويورد الكاتبان أن البروفيسور البريطاني كتب في الرد على طلبها: "يؤسفني أنني لا أستطيع المساعدة التي تقدمت بطلبها؛ بسبب مقاطعة بعض الأكاديميين للمؤسسات الإسرائيلية".
ويختم "ساينس مونيتور" تقريره بالإشارة إلى أن رابينويتز حذر من أن المقاطعة ستعود بنتائج عكسية، حيث إنها ستؤثر على المعتدلين الإسرائيليين، وتخدم حكومة نتنياهو المتطرفة. وقال: "إنها أفضل هدية يمكن تقديمها لنتنياهو واليمين المتطرف في إسرائيل".