قال إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ صالح
آل طالب، إن "الله عز وجل تكفل بحفظ هذا الدين العظيم منذ إشراق شمسه، وقضى أنه لا تزال طائفة من الأمة منصورة لا يضرها من خذلها ولا من خالفها".
ونوّه آل طالب إلى "تكالب الشرق والغرب على المسلمين"، مضيفا خلال خطبة الجمعة، أمس: "نرى في الوقت نفسه انبراء العدو المتخفي الذي لم يضيع فرصة على مر تاريخه الطويل، من طعن الأمة في ظهرها، مظاهرة لأعدائها وخلخلة لصفوفها من داخلها، مستغلا حوادث التاريخ ومظالم لم تكن تعنيه ولم تتصل أسبابها بسببه، يتهموننا بالإرهاب ونحن من اكتوى بناره".
وتابع: "إنه التناقض والظلم الصّراح الذي يستنهض الأمة للدفاع عن نفسها، معتمدة على الله الواحد الأحد، وإن كل ما نسمعه ونراه من تغير في السياسات وتبدّل في التحالفات لن يضيرنا ما دمنا معتصمين بمن لا يبدل إلا إذا بدلنا، ومن لا يخذلنا إن نحن به التجأنا".
وأكد آل طالب أن
السعودية قويّة، مكملا: "بلادنا بحمد الله نخبا وعامة على قدر من الوعي بما يحدث ويحاك، وقد اعتدنا على هذه الأحداث التي تظهر المعدن الحقيقي للعرب في هذه البلاد ومسلميها، فيظهر فيهم عمق التدين وصدق التوكل، كما تتجلى الأخوة والاتحاد وتدفع القيادة من الحلم إلى الحزم في اتكاء على الأصل الذي قامت عليه، وتمسكا بالأساس وهو التوحيد والوحدة والاعتماد على رجالها وإعداد العدة؛ فإننا ننظر إلى أمتنا وهي ترمق المستقبل بأمل وتنشط كي تتقدم، وتزاحم وتسبق، فلن تستلم وإن حاصرتها العقبات والمتاعب، ولن تيأس وهي الأمة المرحومة المنصورة كما أخبر الله عز وجل بذلك".
وأضاف قائلا: "بلادنا قوية بربها ثم بمبادئها الثابتة، وإيمانها الراسخ. قوية برجالاتها وطاقاتها وإمكاناتها، ولن تسمح بمن يزعزع أمنها ويشتت أمتها، في حاضنة الإسلام قبلة المسلمين وحارسة الحرمين الشريفين، وحدودها تمتد في قلوب مليار من المسلمين، فهي سند للضعيف وجار للمظلوم ومهابتها واحترامها يتجاوز البحار والقفار".
وأوضح آل طالب خلال خطبة الجمعة أنه "كلما مضت عقود بعد زمن النبوة ظهر أعداء ومنافقون، إما من خارج الأمة أو من داخلها بالقوة والقتال أو بالفكر والضلال، لكن الله تعالى يقيض من العلماء والحكام من يدفع عن دينه وينصر الناس بالحق ويردهم إلى الورد الصافي".
وحول المملكة العربية السعودية، قال آل طالب إن "من رحمة الله سبحانه وتعالى أن حفظ جزيرة العرب ومهبط الوحي ومهاجر الرسول، فنشأت فيها دولة سنية فتية وسط صراعات عالمية وحروب كونية، ونجّاها الله من فتن الحروب وصراعات الفكر والأحزاب".
وأكد آل طالب أن السعودية "اختطت لنفسها منهجا وسطا معتدلا في الدين والدنيا، فجعلت دستورها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتجافت عن البدع والخرافات وأظهرت للناس صفاء الدين".
واعتبر آل طالب أن السعودية "سند المظلوم ورفد الضعيف ومقصد العمل والتجارة وطلب الرزق، ووصلت خيراتها لكل محتاج من الدول والأفراد ولا ينكر ذلك إلا حاسد".
مشيرا إلى أنها لم تحظ بهذه المكانة إلا بتوفيق الله لها بأن "أخلصت التوحيد وطبقّت الشرع المجيد، وتوسطّت بدين الله في عدل وحق حتى حظيت باحترام المسلمين وشهادتهم لها بالريادة، وعندما تقع الحوادث فإن المملكة لها مبادئها وقيمها الثابتة على الحق والعدل، يعاضدها في ذلك أشقاؤها وحلفاؤها الصدق وفي الأمة خير كثير"، وفق قوله.
وتطرّق آل طالب في خطبته عدة مرات إلى "المنافقين"، قائلا: "الابتلاءات والمحن كانت وستظل سنة الله تعالى في خلقه، وأحوال المؤمنين والشهداء ومواقف المنافقين والأعداء تحكيها الآيات وتعرضها مقرونة بالعبر والعظات، تعّلل للأحداث وترسم السنن وتدعو للنظر في الأسباب والعواقب، وتحث على اليقين والثبات في المبادئ والمواقف".
وأكمل قائلا: "لا بّد من جرح وابتلاءات تكشف العدو من الصديق، وتفرز طلاب المنافع والمصالح، وتستبقي أهل الإخلاص والصدق الذين ينصرون نبيهم في البأساء والضرّاء، ويلوذون بربهم مهما تقلبت بهم الليالي".