نشرت صحيفة المانيفستو الإيطالية تقريرا حول انهيار الوضع في
سوريا والعراق، وقالت إن هذين البلدين يغرقان في العنف والانقسامات، بينما يقف العالم منشغلا بالحسابات السياسية، وتستغل
المليشيات الشيعية التابعة لإيران الفوضى لتوسيع نفوذها خارج سلطة الدولة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأوضاع في سوريا والعراق وصلت لحد غير مسبوق من السوء، حيث إن الرقة تحترق تحت القصف المكثف، وتنظيم الدولة لا يبدي أي بوادر تراجع، والدبلوماسية الدولية عاجز على الاجتماع على حل حقيقي، والمليشيات الشيعية تسود المشهد وتطمح لبسط سيطرتها على العاصمة بغداد.
وأضافت أن مدينة الرقة لا تعرف الهدوء في هذه الفترة، فالطائرات الروسية والفرنسية تواصل قصفها المكثف، وسط حصار تام منذ أشهر بسبب انقطاع خدمة الإنترنت والرقابة الشديدة على النشطاء والمدنيين. ورغم إنكار موسكو، فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يؤكد أن حوالي 400 مدني سقطوا جراء القصف الروسي.
وذكرت الصحيفة أنه في وقت فشلت فيه الغارات الروسية والفرنسية والأمريكية في تحقيق أية نتائج تذكر، لأنها تستهدف عدوا غامضا لا يمكن رؤيته وسط المدنيين، وتعوّد مقاتلوه على الاختباء في الملاجئ والأنفاق، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن مضاعفة عدد الغارات مع وصول حاملة الطائرات شارل ديغول إلى قبالة سواحل سوريا، رغم أن الولايات المتحدة تشن 3 آلاف غارة شهريا دون نتيجة تذكر.
وقالت الصحيفة إنه في وقت تغرق فيه سوريا والعراق في أتون الحرب، يواصل المجتمع الدولي التحاور بشأن مصير بشار الأسد، في إطار لعبة مميتة لا يتم فيها أخذ رأي الطرف الأكثر تضررا، وهو الشعب السوري.
فالسعودية تواصل خطواتها الأحادية، حيث دعت المعارضة إلى التوحد في كانون الأول/ ديسمبر المقبل تحت مظلة الرياض، وروسيا تتحدث عن تحالف مع فرنسا ثم تتهمها بالوقوف ضدها فيما يخص النظام السوري، والولايات المتحدة تصر على التمسك بمخرجات اجتماع فيينا، وتعد بتحقيق نجاحات في الأسابيع القادمة.
وانتقدت الصحيفة هذه المواقف الدولية التي لا يشعر أصحابها بأي ذنب حول دورهم فيما يعانيه الشعبان السوري والعراقي، اللذان أصبحا منقسمين أكثر من أي وقت مضى حسب انتماءاتهم الطائفية، ما يجعل مستقبل الشرق الأوسط أكثر قتامة من الحاضر. فالعراق أصبح بلدا لا صوت يعلو فيه على صوت السلاح، حيث شهد الشهر الماضي ارتفاعا قياسيا في عدد الاشتباكات بين البيشمركة الأكراد والمليشيات الشيعية، وهو ما اعتبره المحللون مؤشرا على حرب أخرى تلوح في الأفق حول السلطة والثروات.
وأشارت الصحيفة في السياق ذاته إلى أن مليشيات عصائب أهل الحق الشيعية أصبحت تعيث فسادا في
العراق، وتتجاوز سلطتها سلطة الحكومة المركزية في بغداد؛ التي تبدو عاجزة عن احتواء الفوضى والعنف الطائفي الذي تمارسه. وقد طلب قادة هذه المليشيات من الحكومة يوم الخميس الماضي تمكينهم من دفعة جديدة من الأسلحة، ما يجعلها في موقف محرج؛ لأن هذه المليشيات قادرة على استعمال القوة في حال لم تتم الاستجابة لطلبها وإدخال تعديلات استثنائية على ميزانية سنة 2016.
وأضافت أن هذا السيناريو ليس مجرد تهديد أو تكهنات، فقد كان أكرم الجعبي، زعيم مليشيا حركة النجباء الشيعية المقربة من إيران والناشطة أيضا في سوريا، قد صرح بإمكانية تنفيذ انقلاب على الحكومة العراقية في حال أمر المرشد آية الله الخامنئي بالقيام بذلك.
وحذرت الصحيفة من أن العراق وسوريا مهددان بانفجار طائفي وشيك، خاصة مع التقدم الذي أحرزه الأكراد في سنجار. ونقلت عن الصحفي العراقي صالح النصراوي قوله: "إن الاشتباكات التي وقعت في طوز خرماتو، وأوقعت حوالي 20 قتيلا، كان سببها وقوع هذه المنطقة التركمانية الشيعية تحت سيطرة الأكراد إثر تقدمهم على تنظيم الدولة، وهو أمر رفضه
الشيعة الذين تعهدوا بطرد الأكراد من طوز خرماتو ومن سنجار كلها، وهو موقف يعكس بوضوح منطق القوة والطائفية الذي تتبناه هذه المليشيات".
وأضاف النصراوي: "المليشيات الشيعية لم تعد تستمع للحكومة، فهي تملك الرجال والمال والسلاح، وتخطط فعليا لتعويض الجيش العراقي النظامي، وهي لا تخطط فقط لمحاربة الأكراد، بل لا تستبعد أيضا محاربة حكومة حيدر العبادي".