كتب علي حمادة: دخل العدوان الروسي على
سوريا أسبوعه الثالث، وهو في توسع مضطرد، لا سيما ضد
المعارضة السورية المسلحة التي تقاتل اليوم على جبهتين متوازيتين: جبهة تنظيم "داعش" وجبهة تحالف
روسيا - ايران - النظام.
وبات واضحا لعواصم القرار أن روسيا تضع في رأس أولوياتها محاولة تدمير المعارضة المعترف بها دوليا، بمختلف فصائلها المسلحة التي واجهت على مدى أربعة أعوام ونصف قوات بشار
الأسد، ومختلف مليشيات
إيران الطائفية القادمة من لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان وغيرها، مبقية على المبادرة بيدها في مختلف جبهات القتال الممتدة من الجنوب إلى الشمال، في مقابل الانخراط الكامل لإيران وروسيا في دعم بشار على الأرض، وصولا إلى حد التدخل العسكري المباشر الروسي أولا، والإيراني ثانيا.
ومع ذلك، تبقى المعارضة المسلحة بفصائلها المختلفة، وعلى الرغم من خلافاتها وتناحرها، قادرة على مواجهة أكبر عدوان خارجي يصيب المنطقة منذ 1948.
حتى أنها قادرة إذا ما توافرت شروط عدة على إلحاق الهزيمة بها. فلا روسيا في سنة 2015 أقوى من الاتحاد السوفياتي في سنة 1979، ولا السوريون اليوم أقل قدرة على مقاتلة المعتدين مما كان عليه الأفغان قبل أربعة عقود.
دخلت روسيا الحرب ضد السوريين وفي حساباتها المضي قدما حتى تحقيق انتصار واضح، بتدمير المعارضة، والإبقاء على بشار التموضع مع الإيرانيين في المنطقة، بما يفرض موازين قوى جديدة تكون فيها روسيا وإيران اللاعبين الرئيسين المقررين في المشرق العربي، على حساب النظام العربي الذي بات اليوم يقاتل على جبهات عدة من اليمن إلى سوريا مرورا بالعراق.
يقيننا أن هذا العدوان لن يتوقف قريبا، بل إنه سيتصاعد. و من هنا ضرورة أن يبني النظام العربي الداعم للثورة السورية حساباته على أساس مواجهة طويلة الأمد.
وهذا ما يفرض على النظام المذكور اتخاذ قرار تاريخي كبير بمقاومة العدوان في سوريا، قبل أن يصل بلهيبه إلى قلب الجزيرة العربية.. إلى قلب الحجاز ونجد و"الشاطئ المتصالح"!
لا مناص من مقاومة عدوان روسيا، والتوسع الإيراني. فالتحدي لا يقل خطورة عما أصاب فلسطين. لنكن أكثر صراحة: إن مواجهة روسيا وإيران في سوريا تنبغي أن تكون في رأس أولويات "النظام العربي" الداعم للثورة السورية، ومعه تركيا التي تختبر اليوم بدايات "حصار" استراتيجي روسي يمتد من الشمال إلى الجنوب.
بناء على ما تقدم، ثمة سؤال: هل إن الفصائل المصنفة "متطرفة" مثل "جبهة
النصرة" وغيرها يمكن أن تكون جزءا من المقاومة المدعومة من كلا "النظام العربي" وتركيا أم لا؟ هذا الأمر ينبغي أن يكون موضع تفكير جدي، نظرا لأهمية التحدي، ولكون هذه الفصائل أثبتت أنها صاحبة كفاءة قتالية عالية.
وأيضا لكون بعضها الأساسي نجح في صوغ تحالفات ميدانية ناجحة مع فصائل أخرى مصنفة "معتدلة" في العديد من الجبهات.
سؤال في مكانه في وقت تقترب حرب روسيا وإيران "المقدستين" من أبواب مكة والآستانة!
(عن صحيفة النهار اللبنانية، 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2015)