بدت فكرته في شراء جزيرتين للاجئين السوريين وكأنها فكرة مستوحاة من ألمانيا النازية حيث "الغيتو" اليهودي"، أو كأنها فكرة مستمدة من أسوأ فترات الحكم العنصري في جنوب أفريقيا حيث سياسة التمييز والفصل العنصري "الأبرتايد".
وبدلا من إيواء هؤلاء اللاجئين العرب في الوطن العربي الممتد من الخليج إلى المحيط، فإنه يتم اقتراح عزلهم وفصلهم عن المنظومة الإنسانية وعن المجتمع العالمي المحيط.
المسؤولة بـ"الجمعية الأمريكية للقانون الدولي" تانيا كوهين، وجهت رسالة له وصفت فيها الاقتراح بـ"الفكرة السيئة" التي تمثل" فكرة نازية".
ساويرس غرد بشأن "فكرته المجنونة" لشراء جزيرة في البحر المتوسط من أجل اللاجئين السوريين الذين يتوافدون بشكل جماعي على أوروبا، معتبرا ذلك حلا للمشكلة الحالية.
منصات إخبارية شهيرة مثل "تايم" و"فوربس" و"واشنطن بوست" و"سي إن إن" نشرت جميعها تقارير عن اقتراحه، وذكرت تقارير أنه بدأ في محادثات مع مالكي جزيرتين يونانيتين، وصفهما بالمناسبتين من أجل إعادة توطين مئات الآلاف من اللاجئين.
وقال إنه سوف يساعد في تمويل البنية التحتية في الجزيرة المحتملة بما في ذلك المستشفيات والمدارس والنقل، بحيث يتمكّن اللاجئون من العثور على وظائف في ظلّ مجتمع صالح للعيش.
وقد تبدو النوايا ظاهريا مثالية، لكن الفكرة نفسها سيئة لأن اللاجئين غادروا أوطانهم بسبب تعرضهم للاضطهاد والتمييز والقتل، لأسباب عرقية أو دينية أو طائفية. وهم يأملون في العودة إلى وطنهم بأسرع وقت ممكن من أجل إعادة بناء حياتهم من جديد في مجتمع أكبر وأكثر أمنا وحرية.
الملياردير
المصري نجيب ساويرس المولود في عام 1955 في محافظة سوهاج مركز طهطا، أحد أكبر وأهم رجال الأعمال المصريين، لا يكف أبدا عن "مضايقة" الإسلاميين إلى حد الاستهزاء بالكثير من الظواهر والأفكار الإسلامية.
يتولى منصب رئيس "أوراسكوم للاتصالات" و"أوراسكوم للتكنولوجيا". هو نجل أنسي ساويرس رئيس ومؤسس مجموعة "أوراسكوم". وحصل على دبلوم الهندسة الميكانيكية والماجستير في علوم الإدارة التقنية من المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا في سويسرا.
دخل مجال الإعلام بنفس قوة دخوله مجال "التكنولوجيا"، بإطلاقه قناة "أو تي في" في عام 2007 وقناة "أون تي في" في عام 2008. وامتلك حصة كبيرة من أسهم صحيفة جريدة "المصري اليوم".
وصرح بأنه يسعى من خلال هاتين القناتين لـ"مواجهة "الجرعة العالية" من البرامج الدينية في القنوات الأخرى، بتقديم عروض خفيفة تستهدف الشبان إلى جانب أفلام عربية وأجنبية.
وأنهى مؤخرا صفقة امتلاك نحو 53% من أسهم فضائية "يويونيوز" أو ما يعرف بالفضائية الأوروبية، ويريد من خلال امتلاك هذا المنبر الإعلامي الدولي الترويج لسياسات
الحكومة المصرية التي تتوافق مع قناعاته ومصالحه.
بدأ حياته العملية في مصر بعد عودته من رحلة الدراسة عام 1987 بإنشاء قطاع في شركة والده باسم قطاع التكنولوجيا بوكالة شركة HP للحاسبات، وظل يطور هذا القطاع، فضم إليه وحدة اتصالات الحاسب من شركة AT&T في عام 1990 ليستكمل منظومة العمل في هذا المجال، ثم تطورت علاقته بالشركة حتى حصل على وكالة شركة AT&T لأجهزة الاتصالات عام 1992. ومنذ ذلك التاريخ بدأت علاقته بقطاع الاتصالات وشغفه به.
أنشأ في عام 1994 أول شركة للإنترنت InTuch، وفي عام 1996 أنشأ أول شركة للاتصالات عبر الأقمارالصناعية في مصر ESC وفى عام 1997 كانت انطلاقته في عالم الهاتف المحمول بتحالفه مع شركتى FranceTelecom و Motorola بإنشاء شركة "موبينيل للاتصالات" التي استحوذت على 70% من الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول في مصر والمعروفة باسم "موبينيل" وكانت هذة هي نقطة التحول الثانية في تقدمه في مجال الاتصالات.
وقدرت مجلة "فوربس" عام 2015 ثروته بنحو 2.9 مليار دولار، و يحتل المرتبة الرابعة في مصر. ولا يخفي مناهضته لكثير من المظاهر الإسلامية، وكثيرا ما شنت ضده انتقدات وحملات إعلامية لهذا السبب.
ومن تصريحاته قوله أنه "عندما يسير في شوارع مصر فإنه يشعر بأنه في إيران من كثرة ما يرى من الأزياء العربية والإيرانية".
وقد نظمت حملة مقاطعة إلكترونية بسبب تصريحاته حول ما أسماه ظاهرة انتشار الحجاب الإيراني في مصر، وكان ساويرس قد أوضح أنه ليس ضد الحرية الشخصية، كما أنه كان يقصد بتصريحه "الشادور" الإيراني الذي انتشر مؤخرا في مصر.
وساند بعض المثقفين موقف ساويرس واعتبروه من دعاة التنوير في مصر، كما أنهم اعتبروا الحملة طائفية في الأساس لكون ساويرس مسيحيا قبطيا.
ونشر ساويرس رسما كاريكاتوريا يسخر من النقاب واللحية على " تويتر" في عام 2011، وهو ما لاقى سيلا من الانتقادات لما اعتبر إهانة لشعائر المسلمين. فما لبث أن قدم عليه اعتذارا.
ثم تقدم 15 محاميا ببلاغ للنائب العام يتهمونه بالإساءة والسخرية من الدين الإسلامي وتهديد السلام الاجتماعي. وشن عدد كبير من المشتركين على مواقع التواصل الاجتماعي حملات لمقاطعة شركات ساويرس، ومنها شركة "موبينيل".
وكانت أكثر الصفحات على "فيسبوك" نشرا للمقاطعة صفحة "احنا كمان بنهزر يا ساويرس" التي بسببها تكبدت شركات ساويرس خسائر فادحة.
سياسيا يعتبر مؤسس "حزب المصريين الأحرار" وتوغل في اللعبة السياسية في مصر بعد مساندته وتخطيطه وتمويله للانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي.
يعد أحد المؤثرين بقوة فى تشكيل البرلمان المقبل، وذلك بضخ المال السياسي لاحتكار المرشحين، وهو لا ينكر ذلك طالما أنه ضمن القانون، على حد قوله.
استقطب عددا كبيرا من نواب "الحزب الوطني" السابقين للدفع بهم تحت اسم "المصريين الأحرار"، وذلك بإغرائهم بعروض مالية ضخمة.
قدمت ضده عدة بلاغات إلى النائب العام تتهمه بالسعى إلى السيطرة على البرلمان القادم، لإفشال عبدالفتاح السيسي، والتي كان آخرها البلاغ المقدم من رمضان الأقصري، عضو المجلس الرئاسي لتحالف "معا تحيا مصر"، يتهم فيه ساويرس بتقديم رشاوى انتخابية لمرشحين سابقين في "الحزب الوطني"، من أجل ترشحهم على قوائم حزبه "المصريين الأحرار"، ممن يمتلكون خبرة انتخابية في دوائرهم من أجل الانضمام إلى حزبه، لإعادتهم من جديد للمشهد السياسي.
ساويرس لا يخفي طموحه في اكتساح البرلمان القادم والفوز بالحكومة، لعلمه أن البرلمان القادم صلاحيته أقوى من صلاحيات السيسي، بعد أن يشكل أكبر كتلة برلمانية تحت رعايته ووصايته وسطوة ثروته.
ورغم أن حزب "المصريين الأحرار" ينافس على 200 مقعد، فإنه يقول: "من المفترض إذا طبق الدستور أن الحزب الذي يحقق الأغلبية البرلمانية سيقوم بتشكيل الحكومة".
ونبقى في الجانب المتعلق بدخوله حقل السياسة وكواليسها التي تحاك فيها المؤامرات السوداء..
ساويرس يتهم محمد البرادعي بأنه وضع القوى السياسية في أزمة بانسحابه من
الانتخابات الرئاسية، واستقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية وقت فض اعتصام رابعة والنهضة، واصفا ذلك بأنه "غلطة تاريخية، ليظهر أنه البطل الأوحد، وباقي الشعب والمسؤولين هم المجرمون، وعن عدم علمه بقرار الفض كذبا، وأنا شاهد عيان على هذا، وكنت قد تحدثت إليه عن فض رابعة قبلها بـ48 ساعة".
وادعى أن "الإخوان" حاولوا استمالته بمنصب محافظ القاهرة، ثم منصب وزير الاستثمار، ورفض العرض، لأنه "لا يمكن أن أعمل أو أتعاون مع هذه الجماعة أبدا".
اقتصاديا،هو لا يخفي أيضا طموحه بسيطرة عائلته على الاقتصاد المصري، ويقول إن مجلس إدارة العائلة اجتمع، وقرر أنه سوف "يدوس أوي في السوق"، مشيرا إلى قرار عائلته ضخ استثمارات بقيمة خمسة مليارات دولار في السوق المصرية خلال عام واحد، للمساعدة في تنفيذ خطة التنمية التي تتطلب خمس سنوات، ونحو 20 مليار دولار.
ساويرس يؤكد في حوار مع صحيفة "المصري اليوم" أن عائلته "أكبر مشغل للقطاع الخاص في مصر، وأكبر دافع ضرائب للقطاع الخاص أيضا في مصر".
لا يبدي ارتياحه من تدخل الجيش في المشروعات الاقتصادية، فيقول: "أفضل تركيز الجيش على ملفات الدفاع وأمن الحدود، وأي نشاط آخر يجعل هناك شوشرة على الملفات المهمة والرئيسية".
ويضيف أن "منافسة المؤسسة العسكرية للقطاع الخاص فيها ازدواجية مرفوضة".
ساويرس ليس "تايكونا" ماليا فقط، إنه رجل يفكر ويخطط في إحكام قبضته على مصر عبر الاقتصاد المحرك الأول والأخير لعجلة السياسة، مدفوعا بتحالفات سياسية عربية مسكونة بالعداء للإسلام السياسي ولـ"الإخوان" وبدوره المحوري في عملية التضليل لإسقاط حكم "الإخوان" وكونه رجلا ليبراليا ومسيحيا ومقربا من الدوائر الغربية.
والرجل على أية حال لا يخفي شيئا من ذلك؛ فهل يتخلص منه السيسي والعسكر قبل أن يعزلهم ويحكم قبضته على البلاد؟!
الإجابة تتبدى من خلال عنوان كتاب وليام غاي كار "أحجار على رقعة الشطرنج".