تقول مجلة "إيكونوميست" البريطانية في تقرير لها إن
المرأة في السعودية ستحقق في كانون الأول/ ديسمبر المقبل، خطوة باتجاه تعزيز حقوقها والديمقراطية في وقت واحد. فلأول مرة ستكون المرأة قادرة على التصويت والمشاركة في الترشح في
الانتخابات المحلية. مشيرة إلى أن الحكومة قد أعلنت عن فتح أبواب التسجيل للانتخابات الشهر الماضي، وستغلقها في 14 من أيلول/ سبتمبر الحالي.
وتضيف المجلة أن دلال الكعكي كانت أول من سجلت اسمها، والتقطت صورة للحدث وأرسلتها لزميلتها في الرياض هتون الفاسي، التي علقت بدورها بالقول: "هذا أمر مشجع". وتعمل كلاهما منذ فترة على حملة لتعزيز حقوق المرأة في السعودية.
ويشير التقرير إلى أن الفاسي تدير مبادرة "بلدي"، التي تقوم بتدريب المرشحات ومديرات الحملات الانتخابية، وتعمل الكعكي منسقة للحملة في مكة. وتقول الفاسي إن هذا الحدث "يعطي المرأة شعورا بأنها أصبحت مواطنة".
وتذكر المجلة أن السعودية ليست وحدها من بين
دول الخليج التي تعقد انتخابات وتمنح المرأة دورا فيها؛ ففي الشهر المقبل ستعقد الإمارات العربية المتحدة انتخابات لبرلمانها الاستشاري، وسيشارك فيها ما نسبته 10% من السكان (نصفهم من النساء)، وستعقد عُمان انتخابات لبرلمانها في تشرين الأول/ أكتوبر. وكانت قطر قد نظمت في أيار/ مايو انتخابات بلدية.
ويعترف التقرير بأن كل المؤسسات التي تجري الانتخابات من أجلها تظل دون سلطة "بلا أسنان"، ومهمتها في الغالب تكون استشارية لا صنع القرارات.
وتستدرك المجلة بأنه رغم ذلك، فإن ظاهرة انتخاب الممثلين لا تعيينهم تنتشر في الدولة التي كانت تعد المحادثات بين الحكام وممثلي القبائل أو العائلات "مجالس ديمقراطية".
ويجد التقرير أن الملكيات في دول الخليج تعلمت من دورس اضطرابات عام 2011. مشيرا إلى أن بعض المجالس تمارس نوعا من التأثير. ففي عُمان تراجع السلطان قابوس عن قرار لرفع أسعار بعض السلع الاستهلاكية، بعد احتجاج مجلس الشورى، الذي يعقد اجتماعاته الآن بشكل مفتوح للرأي العام.
وتنقل المجلة عن السكرتير العام السابق لمجلس الشورى أحمد المخيني، قوله إن الوزراء يحضرون إلى جلسات مساءلتهم في المجلس "قبل ستة أشهر؛ لأنهم يعرفون أنها جلسات تكشف عن قدراتهم".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه تمت تقوية سلطات المجلس الوطني الاتحادي، حيث أصبح نصف أعضاء المجلس المنتخب يتمتع بسلطات لتقديم النصح، وتعديل مسودات القوانين وطرح أسئلة على الحكومة.
وتبين المجلة أنه رغم الموقف من الانتخابات البرلمانية في البحرين، حيث رأى فيها المراقبون فعلا مؤيدا للحكومة بعد مقاطعة الأحزاب الشيعية لها، إلا أن الناخبين تخلوا عن النواب السابق والإسلاميين، وصوتوا لصالح الشبان والتكنوقراط.
ويورد التقرير أن البرلمان الكويتي يظل من أقوى البرلمانات في دول الخليج، وأصبح له حضوره بعد سنوات من الجدل بينه وبين الحكومة التي يعينها الأمير. وصادق البرلمان على حزمة من القوانين تتعلق بالاستثمار والإصلاحات القانونية.
وتستدرك المجلة بأن الذين يتلهفون للحصول على سلطات أكثر، أمامهم معركة طويلة. فقد أجلت قطر وبشكل متكرر السماح باختيار بعض الممثلين في مجلس الشورى. ويتعامل المسؤولون مع
الديمقراطية على أنها وسيلة مزعجة وغير فاعلة أو كونها تهديدا للاستقرار.
وينقل التقرير عن الوزير الإماراتي أنور قرقاش، قوله: "بالنظر إلى بعض الديمقراطيات العربية الأخرى في المنطقة، التي قفزت إلى العملية الانتخابية، ترى أنه تم استخدامها ولسوء الحظ وسيلة انقسامية تقوم على الجهوية والقبلية والعوامل الطائفية".
وترى المجلة أن التحديات في السعودية بالتحديد أكبر من أي مكان آخر، لافتة إلى أن الحكومة منعت محاولات الفاسي تدريس النساء كيفية التسجيل وإجراء حملات انتخابية وإدارة الميزانية، وذلك على خلفية أنها غير مفيدة للمرشحات، بالإضافة إلى أنه لا يمكن للمرشحات التحدث مع الذكور إلا عبر الفيديو.
ويفيد التقرير بأن جذب اهتمام الرأي العام هو أحد المشكلات التي تواجه مجالس الشورى، فنسبة المشاركين في انتخابات الإمارات عام 2011 لم تتجاوز 28%. وفي عُمان يقوم بعض أعضاء مجلس الشورى بتعيين أشخاص لنشر ما يقومون به من خدمات على "تويتر" ووسائل التواصل الاجتماعي. وفي السعودية لم يسجل إلا عدد قليل من النساء فيها.
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أنه رغم ذلك فإن الفاسي ترى أن "نافذة الفرص قد فتحت"، وتقول إنه "رغم المشكلات كلها وعدم اكتمال العملية، إلا أننا أصبحنا جزءا من النظام".