تمكنت الكنيسة الأرثوذكسية
المصرية من الإفلات بصعوبة من مظاهرات كان مقررا التئامها، بعد ساعات، تحت عنوان: "9 سبتمبر.. يوم الغضب"، وشعار: "شعب الكنيسة غضبان يا كنيسة"، أمام
الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، احتجاجا على ما اعتبره منظموها "فسادا واستبدادا وانحرافات مالية وإداري بالكنيسة.
لكن الكنيسة تعاملت بدهاء مع منظمي المظاهرة، ودعتهم إلى الكاتدرائية للتحاور معهم، مساء الإثنين، ثم أعلنت تفهمها لمطالبهم، واستجابتها لمعظمها، في مقابل إعلان منظمي المظاهرة إلغاءها، ليمر يوم 9 أيلول/ سبتمبر بدون مظاهرات على الكنيسة، ما جعل مسؤوليها يتنفسون الصعداء.
وكان المتظاهرون اختاروا أن تتزامن مظاهرتهم مع العطلة الأسبوعية للبابا تواضروس، المقرر لها الأربعاء، 9 أيلول/ سبتمبر، وهي الموعظة التي استأنفها بعد توقف دام قرابة الشهرين، وتم تحديد موعدها من قبل، وفقا لجدول مسبق، لكن تم تغيير مكانها في اللحظات الأخيرة، إلى كنيسة مارمرقس بالمعادي، وهو مكان بعيد نسبيا عن الكاتدرائية، اختارته الكنيسة تحسبا للتظاهرة، وجعلت الدخول إليها بدعوات خاصة يحصلون عليها مسبقا، لتكون أول مرة لدخول الأقباط عظة البابا بدعوة، خوفا من اندساس معارضين للبابا بين الحاضرين.
وكانت الكنيسة جربت "الخشونة" في مواجهة المظاهرة المرتقبة، لكنها لم تجن إلا مزيدا من التحدي، إذ أصدرت قبل قرابة ثلاثة أيام، بيانا شديد اللهجة، حمل توقيع سكرتير المجمع المقدس للكنيسة، الأنبا رافائيل، وأعلن فيه المجمع أنه يرفض المظاهرة، محذرا من ينوون التظاهر، من الإقدام على أمر يسيء إلى الكنيسة، ما جعلهم يعلنون المضي قدما في تنظيمها، مهما كلفهم ذلك من ثمن.
والأمر هكذا، كشفت تقارير صحفية الثلاثاء، النقاب عن اجتماع سري مغلق، عقدته الكنيسة مع الداعين للمظاهرة، بالمركز الإعلامي بالكاتدرائية، في وقت متأخر من مساء الإثنين، عرض فيه النشطاء مطالبهم، وملاحظاتهم على أداء الكنيسة، وخصوصا تجاوزات بعض الكهنة والأساقفة.
وطالبوا بوضع آلية شفافة تتيح لأفراد الكنيسة المراقبة المالية والإدارية والمحاسبة، كما طالبوا بإصلاح تشريعي يحترم آدمية شعب الكنيسة من متضرري الأحوال الشخصية، ودوا إلى إلزام الكهنة بتقديم إقرارات ذمة مالية لهم، لعدم إهدار أموال الكنيسة، وفتح تحقيق في التجاوزات المالية والأخلاقية لبعض الكهنة، والأساقفة.
وتعقيبا على اللقاء، قال منظم الوقفة الاحتجاجية، وحيد شنودة: إن المظاهرة أُلغيت تماما بعد احتضان الكنيسة للمنظمين للمظاهرة، والجلسة الأبوية التي عقدت في الكنيسة، على حد تعبيره.
وأضاف أن الحوار كان مثمرا، وأنه تم تدارس الأمور كافة حوار غلب عليه الشفافية والوضوح في سائر الموضوعات، مضيفا أنه في ضوء ما دار في الجلسة تقرر إلغاء الوقفة الاحتجاجي غدا، بعد أن حققت الجلسة الرسالة التي كانت تحملها الوقفة.
وتابع: "نحن لا نرغب في الشهرة أو إثارة الأوضاع، لكن نحن نحب كنيستنا، وكان لدينا بعض الملاحظات، وقمنا بتوصيلها من خلال هذه الجلسة الأبوية، وتبين أن تعطيل انتخابات المجلس الملي يرجع إلى وزارة الداخلية التي يجب أن ترسل خطابا رسميا للكنيسة لإجراء انتخاباته"، على حد قوله.
واستطرد: "اتفقنا أيضا على أن يتم التواصل مع كل مشكلات الأقباط، ومع الكنيسة لحل أية مشكلة، في أسرع وقت ممكن".
وأضاف: "نقول إن الكنيسة ملك الأقباط، وتحت أمرهم جميعا، في أي وقت".
يأتي هذا في وقت صدرت فيه تصريحات سابقة للمتحدث الرسمي للكنيسة، القس بولس حليم، وصف فيها منظمي التظاهرة بأنهم قلة، وأنهم لا يمثلون جموع الأقباط، موجها انتقاده إلى شعار التظاهرة: "شعب الكنيسة غضبان"، قائلا إنهم لا يمثلون جموع رعية الكنيسة.
وتأتي التطورات خلافا لنفي حليم المتكرر لتواصله مع منسقي التظاهرات، سعيا لإلغائها.
شارك في اللقاء كل من: المتحدث الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، القس بولس حليم، وأسقف المنوفية الأنبا بنيامين، ممثلين للكنيسة، وعضوان بالمجلس الاستشاري للمركز الإعلامي للكنيسة، ومنسق التيار العلماني القبطي كمال زاخر، والداعون للتظاهرة، وهم: وحيد شنودة، وجابر النخيلي، وجورج فريد، بجانب المحاسب القانوني عادل رشدي، والناشط القبطي إيهاب وجدي، والناشط المحامي جورج حبيب، والصحفي نادر شكري، بينما لم يحضر البابا اللقاء، الذي استمر قرابة الساعتين.
وكان الداعون لتظاهرات 9 أيلول/ سبتمبر صرحوا من قبل بأنها ليست ضد البطريرك أو الكنيسة، وأنهم يطالبون بمراجعة بعض الأوضاع الخاطئة في مختلف إبراشيات الكنيسة، ودفعها لتطبيق الأحوال الشخصية، وإحكام الرقابة على التبرعات التي تأتي إليها.