قال رئيس مركز دايان للدراسات الشرق أوسطية البروفيسور أيال زيسر، إن التدخل الروسي الحالي في
سوريا ليس لعيون بشار الأسد؛ بل هو استثمار للمدى البعيد، من شأنه أن يضع
روسيا في مركز المسرح الدولي كلاعب مركزي لا يصلح الحال بدونه.
وأكد زيسر مؤلف كتاب "باسم الأب.. السنوات الأولى في الحكم" في مقالته بصحيفة "
إسرائيل اليوم"، الثلاثاء، أن الروس قد لا يستطيعون إنقاذ بشار الأسد، ولكنهم عادوا ليجعلوا سوريا معقلا روسيا هاما كجزء من صراع عالمي، سواء ضد الجهاد العالمي أم كجزء من المواجهة المتجددة بينهم وبين الولايات المتحدة، على حد وصفه.
ونوه إلى أن روسيا عادت لمعقلها في
الشرق الأوسط لملء الفراغ الذي تركته أمريكا، كرد فعل لمن يشك في أن روسيا قوة عظمى، لن يثنيها شيء عن عقد صفقات بمليارات الدولارات في المنطقة، في مصر والسعودية وإيران، ليثبت بوتين أمام الملأ أن قوته ما زالت في متنه.
وشدد زيسر على أن التدخل في سوريا يمثل بالنسبة للروس مزيدا من الثقة بالنفس، والإحساس بالقوة، وهو ما جعل بوتين يتجرأ على "زيادة مبلغ الرهان الروسي في سوريا"، منوها إلى أن بوتين زعيم واثق بنفسه تدخل في منطقة على هذا القدر من الإشكالية والتعقيد، مستخفا بالأمريكيين علنا.
وبيّن أن التواجد الروسي في سوريا سيستمر، حتى لو سقط بشار الأسد، إذ إن روسيا ستكون على الشاطئ العلوي، ذاك الجيب الذي يسهل الدفاع عنه وإليه تنسحب بقايا النظام لمعركة الصد الأخيرة في منطقة معظم سكانها هم من أبناء الطائفة العلوية، ليخلص إلى أن روسيا تنظر لسوريا كاستثمار للمدى البعيد، وليس يقلقها سقوط الأسد أو بقاؤه.
من جانب آخر، يرى زيسر أن سوريا هي بالنسبة لبوتين خط الدفاع المتقدم ضد انتشار التطرف الإسلامي، الذي إذا لم يتوقف فإنه سيصل إلى حدود روسيا أيضا. وفي ضوء فشل التحالف برئاسة الولايات المتحدة في وقف "داعش"، يسعى الروس إلى طرح بديلهم.. وما امتنعت الولايات المتحدة عن عمله، فإنهم مستعدون بل وجاهزون لعمله: إرسال جنودهم وطياريهم إلى أرض سوريا.
وسخر الكاتب من أمريكا بالقول: "لعل الأمريكيين سيشكرون الروس ذات يوم، وهذا أيضا يأخذونه بالحسبان في واشنطن وفي موسكو"، على حد تعبيره.
وجهة نظر إسرائيل
وتساءل زيسر: "ا معنى هذا التدخل من ناحية إسرائيل؟"، مجيبا عن ذلك بالقول، إنه "خلافا للسبعينيات، فإن روسيا ليست عدو إسرائيل، وتدخلها في سوريا لا يستهدف مساعدة الأسد أو تقديم خدمة لإيران وحزب الله في القتال ضد إسرائيل".
وأكد أنه ليس للروس مشكلة مع إسرائيل، ولكنهم في الوقت نفسه غير قلقين من أن يمس بإسرائيل السلاح المتطور الذي يبيعونه مقابل الدولارات لإيران أو لسوريا.
ونوه إلى أن إسرائيل اعتادت حتى وقت قصير مضى، على مهاجمة أهداف في سوريا إذا اشتبهت فيها بأن السوريين ينقلون السلاح المتطور إلى حزب الله، ولكن الأمر سيتغير بعد تدخل روسيا، وهذا الأمر يمس إسرائيل.