صحافة دولية

إندبندنت: مخاوف في تونس من خسارة الثورة

إندبندنت: هناك مؤشرات كثيرة على أن العادات القديمة بدآت بالعودة ببطء في تونس - الأناضول
نشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية تقريرا لياسمين ريان، حول التظاهرات في تونس ضد القانون الجديد، الذي سيبرئ ساحة التجار الفاسدين، قالت فيه إن المتظاهرين لم يستطيعوا التحرك بعيدا في مسقط رأس الربيع العربي، حيث أصبحت السلطات أكثر احتقارا للمعارضة. 

وينقل التقرير عن الطالبة نورس دبوسي (19 عاما) قولها: "هناك لصوص كثيرون في تونس، ونحن تعبنا من هذه الحال، هذا القانون سخيف ويجعل من حقيقة أننا قمنا بثورة مهزلة". ثم عادت دبوسي لتهتف مع زملائها "المقاومة .. المقاومة .. لا تنازل"، بينما كان المتظاهرون يضغطون على حواجز الشرطة.   

وتشير الكاتبة إلى أن تونس كانت تمدح على أنها قصة النجاح الوحيدة من قصص الربيع العربي. ففي 14 كانون الثاني/ يناير، فرّ رئيسها السابق زين العابدين بن علي، وتوجه غضب الشارع للشرطة. وفي انتخابات نهاية 2014 فاز العديد من رجالات النظام السابق، وهناك مؤشرات كثيرة على أن العادات القديمة بدآت بالعودة ببطء.

وتذكر الصحيفة أنه في الواقع وخلال المظاهرة خارج اتحاد العمال ليلة الثلاثاء، شجب العديد قانونا، يقولون إنه يهدف إلى تبرئة أكثر الشخصيات فسادا من تجار ومسؤولين.

ويفيد التقرير بأن تونس منذ الثورة قد شهدت اعتصامات وإضرابات في صفوف معظم المهن والمجموعات الاجتماعية "العاطلين عن العمل والمحامين والمدرسين وعمال المستشفيات وحتى قوات الأمن". 

وتلفت ريان إلى أنه كان من المفترض أن تبدأ لجنة الحقيقة والكرامة بسماع شهادات الشهود هذا الصيف، مستدركة بأنه بسبب الجدل الشديد حول اللجنة، ومسألة تمويلها والصراع الداخلي، تم تأجيل السماع.

وتبين الصحيفة أن المسائل التي ستنظر فيها اللجنة كانت تتضمن الجرائم المالية والاقتصادية، ولكن في تموز/ يوليو قدم الرئيس بيجي قائد السبسي قانونا يغير العملية كلها. 

ويورد التقرير أنه بينما يستمر النقاش حول قانون التصالح تبقى التساؤلات تحوم حول ما إذا كان القانون يسحب جزءا مهما من وظيفة اللجنة. وقال الرئيس السبسي إن القانون ضروري لإنعاش الاقتصاد و"لطي صفحة الماضي". ويتهم الكثير من التجار المتنفذين في البلاد بجرائم اقتصادية كبيرة، ولذلك فهم خائفون من الاستثمار في البلد.

وتقول الكاتبة إنه بحسب مشروع القانون، الذي قد يتم تعديله قبل عرضه على البرلمان، سيمنح رجال الأعمال الذين استفادوا من الفساد أو التزوير عفوا عاما، مقابل الموافقة على دفع أي مبالغ سرقت من الخزانة العامة. ويقول مستشارو السبسي إن العفو هو الطريقة الأكثر فعالية لحل مشكلة تجنب دفع الضرائب، المنتشرة بين أشهر العائلات في البلاد.

وتستدرك الصحيفة بأن رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الستار بن موسى، يرى أن القانون غير دستوري ويجب سحبه تماما. ويقول: "إنه ضد الدستور وضد القانون وضد الثورة".

وينوه التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد الهجومين المرعبين على السياح الأجانب في تونس هذا العام، قام البرلمان التونسي بتمرير قوانين ضد الإرهاب، بالرغم من شجب الناشطين الحقوقيين لها. وقام الرئيس بإعلان حالة الطوارئ، ومنع أشكال التظاهر والإضراب كلها. لافتا إلى أن حالة الطوارئ ستبقى سارية المفعول حتى 2 تشرين الأول/ أكتوبر. 

وتقول ريان إنه في إشارة واضحة إلى عودة العادات القديمة وجد منظمو التظاهرة يوم الثلاثاء أنفسهم مستهدفين بالعنف والاعتقال. وتم نقل السكرتير العام لاتحاد الطلاب التونسي العام وائل نوار إلى المستشفى بعد أن ضربه رجال الشرطة.

وتنقل الصحيفة عن نوار قوله إن "الهجوم كان دون وجود استفزاز، حيث كنت أقف وحدي، وجاء ثلاثة رجال وهاجموني، وحاول رجل شرطة أن يوقفهم إلا أنهم استمروا". ويضيف أن محاميه سيتقدم بشكوى ضد الشرطة، مؤكدا أن الشرطة استهدفت منظمي المظاهرة.

ويوضح التقرير أنه بينما سكتت السلطات ابتداء على الاحتجاج، فإن الشرطة بدأت بالاعتقالات عندما حاول المتظاهرون التقدم في شارع الحبيب بورقيبة، وعندما حاولت "إندبندنت" تصوير شابة يتم اعتقالها، قام الشرطة بحجب الحدث بسرعة.

وتكشف الكاتبة عن أنه قد اعتقل 12 شخصا، وتم إطلاق سراحهم بعد حوالي ساعة، بعد تدخل أعضاء برلمان يساريين. وتقول رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين: "ينظر إلى تونس في المنطقة على أنها مختبر، حيث التحول من الديكتاتورية إلى الديمقراطية هو الأكثر احتمالا، وهناك أناس كثيرون معادون للعدالة الانتقالية، فالديمقراطية لا تعمل لصالحهم. ولذلك فمن الطبيعي ألا يوافقوا على وجودها".

وتستدرك الصحيفة بأن الجمهور الذي خرج الثلاثاء مصمم على استخدام الشارع للتعبير عن معارضته لقانون التصالح، الذي من المفترض أن يناقشه البرلمان في الأسابيع القادمة. ويقول الرئيس السابق لنقابة المحامين بن موسى إنه رغم تفضيله التصالح، إلا أن السبسي لم يستشر المجتمع المدني الأوسع، وهذا يشير إلى محاولة السلطة التنفيذية السيطرة على العملية السياسية. 

وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أنه بالرغم من القمع، فإن المنظمين يقولون إن الاحتجاج القادم ضد قانون المصالحة سيتم هذا المساء خارج مسرح البلدية في قلب العاصمة تونس وغيرها من المدن. ويقول نوار: "لن نسمح لهذا القانون بأن يمر؛ لأنه سينهي العملية الثورية".