وأخيرا أنصفنا علم الجينات، وفتح لنا سبل التوسع والاستيطان، بل والتطلع إلى عضوية حلف الأطلسي، وبارك الله في البروفيسورة أورنيلا سيمينو من جامعة بافيا الإيطالية، التي حصلت على أدلة قاطعة بأن الشعوب الأوروبية تنحدر من أصلاب شرق أوسطية، بل بالتحديد من عشرة فحول هاجروا من منطقة الشرق الأوسط إلى أوروبا في العصر الحجري، ومن المنطقي استنتاج أن أولئك العشرة كانوا من ذوي العقول المتفتحة، وتعرضوا لمضايقات أمنية فتركوا الجمل بما حمل، وفروا بعقولهم تاركين إيانا في العصر الحجري إلى يومنا هذا، وبالتأكيد فإن أولئك العشرة كانوا من العرب، فمن غير العربي يهوى التناسل والتكاثر في أوروبا (والشاهد أمامي الآن، فأنا أكتب هذا المقال وأنا في لندن، ولم أكن أتخيل أن أجد فيها سائحين عربا خاصة وأننا في شهر الصيام، فإذا بي اكتشف أن عرب هذا الزمان ما زالوا متمسكين برحلة الصيف إلى ديار البريطان، حتى في رمضان، وأراهم من حولي متمتعين برخصة "من كان... أو على سفر"، أو لعلهم يطبقون حكم قصر الصلاة في السفر، على الصيام، وكي لا تقول إن الجمل لا يرى اعوجاج رقبته، أقول إنني في لندن للاستشفاء).
ومن غير العربي يستطيع أن ينجب بكثافة تجارية، فالعربي إذا وجد البيئة المناسبة يبدع ويتفوق: انظروا.. هؤلاء عشرة رجال، وجد كل واحد منهم المرأة التي "تستأهل" فأنجب منها عشرات الملايين، والدليل على أنهم خرجوا من الوطن العربي ساخطين ومحبطين (يعني أسلافنا من ابتدع فكرة اللجوء إلى الغرب هربا من ظلم ذوي القربى في الشرق) هو أنهم غرسوا في أبنائهم وأحفادهم كرها شديدا للعرب، ويفسر هذا الجحود والعقوق الذي نلمسه في الأوروبيين، فبرغم أنهم منا وفينا إلا أنهم يطيقون العمى ولا يطيقوننا.
المهم في الموضوع أنها "فرجت"، فطالما أن هناك صلة دم وقرابة بيننا والأوروبيين، ولأن الدم أثقل من الماء، فمن المؤكد أن قلوب الأوروبيين ستحن علينا، ويصبح بيننا تطبيع وتكامل، وإلا، فلنا في إسرائيل أسوة حسنة (إذا جاز التعبير)، فطالما أن العالم أعطاهم الحق في إقامة دولتهم في فلسطين بزعم أن أجدادهم عاشوا فيها قبل آلاف السنين، فمن حقنا أن نقيم ليس فقط في أرض أجدادنا بل في الأرض التي عمرها أجدادنا.
ونتيجة ذلك سعادة ما بعدها سعادة، حيث سيكون في مقدور العربي أن يسافر إلى أوروبا دون تأشيرة، ليحصل على زوجة من بنات العم بالحلال، وبالمقابل فإن قرابتنا لأهل أوروبا تضع علينا قيدا أخلاقيا ثقيلا: لا يجوز والجماعة منا، أن نذهب إلى بلادهم في الصيف لممارسة الأنشطة الانحرافية المعهودة التي ظلت تشدنا إلى أوروبا، فالمسألة صارت تقع تحت طائلة "..... المحارم"!!
ولي رجاء أرجو ألا يخيب وهو أن ينسى العرب أنني تنكرت كثيرا وطويلا لانتمائي إليهم، بتأكيد أنني عرنوبي (أي نوبي مستعرب). سامحوني يا جماعة، والله ما كنت أعرف أنكم بكل هذا العز والحسب الأوربي العتيد، ولا تنسوا أنه وعلى الرغم من تنكري لانتمائي للعرب، إلا أنني ظللت مهموما بهمومهم، وأفرح لأفراحهم (اعتراف: هذه كذبة مكشوفة، فالفرح لم يعرف طريقه قط إلى قلب العربي).
المهم المسامح كريم، واقبلوني عربيا بالتجنس أو الاستنساخ، وأنا أساعدكم على إعادة غزو أوروبا لأنني خبير بأحوالها وشؤونها، وكعربون فإنني أنصحكم بعدم نقل بعض إنجازاتكم الحديثة إلى أوروبا: بلاش تنقلوا الفول والكبسة إلى أوروبا، ويكفي ما فعله ذينك البتاعان بنا، وقد اكتشف الأطباء مؤخرا أن الجنون الذي أصاب أبقار بريطانيا وفرنسا قبل سنوات، نتج عن تعاطيها للفول الذي يولد غازات تصعد إلى الدماغ، فتصيبه بالخلل، أما الكبسة/ المكبوس فتسبب ازدواجية الرؤية (دبل فيجن) فلا يعود من يأكلها يميز بين الحقيقة والوهم، والكسكسي المغربي، والمنسف الأردني – الفلسطيني هما في التحليل الأخير كبسة فتجنبوهما في أوروبا!
وبكل جدية، فإن استنتاج البروفيسورة أورنيلا سيمينو، وجد القبول التام من علماء الجينات والأجناس، وخلاصته أن العرب خميرة السلالات الأوروبية، وبالتالي فأوروبا أرضا وبشرا ذات أصول عربية، والجامعة العربية "خالية شغل"، وعليها أن تستخدم هذه المعطيات، للمطالبة بالحقوق العربية في أوروبا، وهي كما أسلفت أقوى من المعطيات التي بموجبها قام المجتمع الدولي، بالسماح بإقامة دولة يهودية على أرض عربية، جاعلا من الديانة اليهودية دون سائر الأديان "جنسا وعرقا".