يروي أحد الشبان السوريين المهاجرين إلى اليونان كيف واجه موقفا غير متوقع عندما حاول رجل بريطاني كان يتحدث إليه إقناعه بأن ما يجري في
سوريا هو أن المتطرفين حاولوا الاستيلاء على السلطة، ما أدى لاندلاع الحرب، في حين واجه لاجئ آخر موقفا من رجال الشرطة اليونانية الذين ربطوه بتنظيم الدولة لأنه مسلم فقط. هذه الحالات وغيرها تمثل انعكاسا لطريقة تناول
الإعلام العالمي لما يجري في سوريا، حيث يرى السوريون أنه تم اختزال المسألة في تنظيم الدولة وأشباهه.
يقول الشاب الذي هاجر من تركيا إلى اليونان بطريقة غير شرعية، لـ"عربي 21": "سألني السائح البريطاني الذي جلس بجانبي في القطار المنطلق من أثينا إلى سالونيك في اليونان سؤالا بسيطا، أدى إلى نقاش طويل لم أستطع تأديته بشكل جيد لصعوبة مجاراته بحوار في اللغة الإنكليزية".
ويتابع الشاب: "قال لي: من أي دولة أنت؟ وعندما أجبته أنني من سوريا، تحدث الكثير مما يحمل في مخيلته حول الوضع في سوريا، لكنه أردف سؤاله بأسئلة أخرى كانت أشد وقعا. قال لي: سوريا، حيث يقوم الإسلاميون بذبح الناس؟ ولهذا أنتم تخرجون من البلاد؟".
ويقول: "بدأت الشرح بلغتي الإنكليزية الركيكة، وأخبرت الرجل أن المأساة التي تحدث في سوريا من صنع النظام السوري الذي بدأ بقتل المتظاهرين السلميين المعارضين له منذ سنوات، وحاولت إكمال القصة كما اقتنعت بها ووجدتها وعايشتها طويلا".
لكن الرجل البريطاني بدأ بشرح وجهة نظره وقال، بحسب ما ما رواه الشاب السوري: "ما أعرفه عن الموضوع أن مجموعات تابعة لتنظيم القاعدة أرادت الاستيلاء على السلطة في سوريا، وبدأت تحارب كل من يعارضها، سواء عارضتها الحكومة أم عارضها المواطنون السوريون المدنيون، وهكذا حتى بدأت معارك طاحنة بين الطرفين ما زالت مستمرة لليوم، دون أن يتم التمكن من القضاء على الإسلاميين".
وأردف الرجل البريطاني، متحدثا للشاب السوري: "داعش (لفظها تماما بهذا اللفظ وليس بالتسمية الأجنبية لتنظيم الدولة) سيسيطر على كل الأرض السورية إذا لم يتدخل المجتمع الدولي ويمنع ذلك، فالأسد لن يتمكن من محاربتهم، لأنه غير محبوب من قبل الشعب السوري الذي بدوره لن يساعده في ذلك، لهذا لا بد من قوة أكبر تقوم بمحاربة التنظيم والقضاء عليه قبل أن يقضي على كل السوريين".
لا يعرف الرجل البريطاني أي شيء عن الثورة السورية، ولا يعرف بكل التفاصيل التي حدثت قبل أن يولد تنظيم الدولة أو غيره من التنظيمات، بل حتى إنه لا يعلم بأن النظام السوري استخدم السلاح الكيميائي ضد المواطنين وقتل منهم الآلاف، حسب قول الشاب السوري.
ويختم الشاب السوري روايته بالقول: "انتهى لقائي بالرجل، وهو يعتقد أنني أكذب عليه، خاصة فيما يتعلق بالسلاح الكيميائي. وكان كلما تحدثت عن الموضوع يضحك بسخرية ويقول إن
الأسد لو قام بذلك فإن كل دول العالم ستحاربه وتسقطه، ولن تسمح له بالاستمرار للحظة واحدة".
سوري آخر أوقفته الشرطة في مطار إحدى الجزر اليونانية، بعد أن قام بمحاولة سفر غير شرعي، تعرض لموقف مشابه. وقد روى أبو إسماعيل، وهو من محافظة حماة، ما حدث معه في هذا السياق.
ويقول أبو إسماعيل لـ"عربي21": أوقفني البوليس اليوناني في مطار جزيرة رودس، وحققوا معي لست ساعات". ويضيف: "يعتبر هذا إجراء روتينيا، لكن الأمر غير المألوف هو سؤال طرح علي عندما أرادوا أن يسجلوا بياناتي، فسألني رئيسهم وبدا أنه ضابط وليس عنصرا عاديا، وقال لي: ما هي ديانتك، وهل أنت مسلم أم مسيحي؟ وعندما أجبته بأنني مسلم انفجر ضاحكا، وصرخ بصوت مرتفع وقال :دااااااعش.. داااااعش".. هكذا وجدني هو".
وأضاف أبو اسماعيل: "مؤلم أن يصفني بأنني من تنظيم الدولة لأنني مسلم فقط، لكن فيما يبدو أن ما وصله من معلومات عبر الإعلام الذي يتلقى منه وجهات نظره هو أن المسلمين كلهم يتبعون لتنظيم الدولة".
ويتساءل أبو إسماعيل: "ترى هل هو خيار صنعه الإعلام ووضعه أمامنا؟ وهل الخيار أن نكون مع النظام أو نصنف على أننا مع تنظيم الدولة؟".
ويتابع: "أخبرت الضابط أنني مسلم، وأنني لست من التنظيم كما قال لي، ولكنه لم يحاول أصلا أن يستمع، بل كان يشتمني بتلك الشتيمة اليونانية القذرة والشهيرة، ويقول لي: مالاكا".