أنجزت جريدة "لوموند" الفرنسية تحقيقا حول الموقف الروسي من نظام الأسد، بعد ترحيل روسيا لأُسر العسكريين والمستشارين، نهاية شهر أيار/مايو، انطلاقا من مرفأ "طرطوس" الذي يضم قاعدة بحرية روسية صغيرة.
ويشعر الروس، حسب مدير معهد بروكينغز في الدوحة سلمان شيخ، أنهم سيفقدون نفوذهم، وأن تفكك الدولة السورية ليس في صالحهم، في حين أكدت الجريدة في تحقيقها أنه "توجد عدة مؤشرات على أن روسيا بدأت تبتعد عن بشار الأسد، حيث أن ترحيل الرعايا أحد تلك المؤشرات".
ومن بين المؤشرات الأخرى التي يعطيها المراقبون اهتماما كبيرا، اللقاء الذي انعقد في "سوتشي"، قبل عملية الترحيل بأيام بين الرئيس فلاديمير بوتين، ووزير خارجية أميركا جون كيري.
وأكدت مصادر الجريدة، أن الرجلان تطرقا في حديثهما إلى مرحلة ما بعد بشار، وبعد اللقاء أشار وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، إلى إجراء محادثات حول وسائل تسوية الحرب الدائرة في سوريا، مقرا بأن الجهاديين ما يزالون يوسعون نفوذهم في الشرق الأوسط، وحتى خارجه"، قال لافروف: "نحن على قناعة أن مكافحة هذا التهديد تتطلب توحيد جهود الدول الكبرى".
وخلص التحقيق إلى أن "نظام الأسد بدأ يهتز، ولا ترغب روسيا في خسارة نفوذها في بلد تعتبره استراتيجيا"، وكان الاجتماعان اللذان انعقدا في موسكو، في كانون الثاني/يناير، ثم في شهر نيسان/أبريل، بين ممثلي الرئيس السوري والمعارضين الوحيدين المقبولين من دمشق، بمثابة اختبار.
ولم يفسر الاجتماعين عن أي "حل سياسي"؛ حيث أخفقت محاولة الوساطة الروسية التي كانت تهدف إلى إبقاء الأسد في السلطة أيا كان الثمن، إلا أن ذلك لم يتحقق لها.
وهذا ما قد يدفع روسيا حسب متتبعين إلى اتخاذ موقف برغماتي، حيث أن الرئيس الروسي أثناء استقباللرئيس حكومة
العراق حيدر
العبادي، في 21 أيار/مايو، وأثناء نقاش المبادلات الاقتصادية بين البلدين، حرص بوتين على التطرق للوضع السياسي في المنطقة بدون مواربة، إذ قال لضيفه العراقي "نحن نرغب في أن تشجع زيارتكم تعاونا أقوى لمكافحة الإرهاب، ليس في العراق وحده بل وفي كل المنطقة"، ومع أن روسيا لا تفكر بتغيير النظام السوري، فإنه لم يعد يمثل "حلا سياسيا" لها كما في السابق.
وقد بادر الرئيس السوري إلى توجيه نداء في آخر آذار/مارس، للتعبير عن قلقه عبر ثمانية وسائل إعلام روسية، جاء فيه أن "الوجود الروسي في عدد من مناطق العالم، وفي شرق المتوسط ومرفأ "طرطوس" بصورة خاصة، أمر ضروري لإعادة التوازن الذي فقده العالم بعد تفكيك الإتحاد السوفياتي"، واعتبر أنه كلما كان الوجود الروسي كبيرا، فإن ذلك أفضل لاستقرار المنطقة.
وسبق أن اتخذت روسيا موقف دعم غير مشروط لحليفها بشار الأسد، بعد خروج مظاهرات سلمية ضد نظامه، حيث عارضت أية إدانة للنظام بعد تحول المظاهرات السلمية إلى حرب تسببت في مقتل 200 ألف مواطن سوري.
كما أنها لم تتوقف عن تسليم الأسلحة لسوريا منذ تنشيط العلاقات بين البلدين، بعد وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة في العام 2000.