طالب الكاتب اللبناني بجريدة الحياة اللندنية، جهاد الخازن، رئيس نظام الانقلاب في مصر عبد الفتاح
السيسي، بإظهار قدرته على "الأذى"، زاعما أن السيسي ليست لديه الشراسة المطلوبة لإرهاب جماعة الإخوان، على حد وصفه.
وقال الخازن في حوار مع صحيفة "المصري اليوم" الأحد، "لا أريد أن يخاف الناس من السيسي، لكن لابد أن يُظهر قدرته على الأذى لمن يريد أذية البلاد، ولابد أن يخاف الإرهابيون، فلماذا لا يُصادر جميع أموالهم؟ لكنني لم ألاحظ عنده هذه الشراسة".
وأضاف، "السيسي يريد إرضاء الناس، ورضا الناس غاية لا تُدرك، والحكم يحتاج إلى شراسة، وأن يخيف الناس، ففي كتاب "الأمير" لمكيافيلي: من الأفضل أن تكون مرهوبا ومحبوبا، وعند الاختيار فالأفضل أن تكون مرهوبا".
ويُذكر أنه منذ قيادة السيسي الانقلاب العسكري يوم 3 تموز/ يوليو 2013، في مصر، وقد تعرض المصريون لمذابح جماعية، على يد قوات الجيش والشرطة، أسفرت عن مقتل الآلاف، وكان أشهرها الفض الدموي للاعتصام السلمي بميدان رابعة العدوية، غالبيتهم من جماعة الإخوان المسلمين، والمتعاطفين معهم.
كما تعرض نحو 50 ألف مصري للاعتقال، فيما فصل عشرات الآلاف من أعمالهم، وجرح وطورد عشرات آلاف آخرين، فضلا عن صدور أحكام الإعدام بالجملة بحق مئات المناهضين للانقلاب، وفي مقدمتهم الرئيس محمد مرسي، نفسه، والمرشد العام لجماعة الإخوان الدكتور محمد بديع، والعشرات من قيادات جماعة الإخوان.
دعوة مجددة لتفريغ شمال سيناء
وفي حواره مع الصحيفة المصرية جدد الخازن التذكير بأنه اقترح من قبل "تفريغ شمال
سيناء من كل الناس، وأي واحد يبقى هناك يقتلونه لأنه إرهابي"، مؤكدا أن مصر تتعرض للإرهاب.
وكان الخازن كتب تغريدة يوم الأحد 12 نيسان/ أبريل 2015 دعا فيها السيسي إلى تهجير سكان سيناء، وإخلاء المحافظة من البشر، مبررا ذلك بوجوب دك تنظيم "ولاية سيناء"، وإبادته بالكامل.
وفي تغريدته قال الخازن: "عندي اقتراح للرئيس السيسي: لماذا لا يأمر بتفريغ شمال سيناء (شبه الخالي) من السكان؟"، وتابع: "كل مَنْ يبقى في سيناء بعد موعد محدد معلن، يُقتَل من دون أن يُسأل عن هويته، أو ماذا يفعل في منطقة محظورة".
ووصف السيسي بأنه لطيف؛ قائلا: "المشكلة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه "آدمي" باللهجة اللبنانية.. يعني أنه لطيف مهذب معتدل، و"ابن بيت"، يعني أنه ابن أصل".
التقيت السيسي مرات عدة
وفي حواره مع "المصري اليوم" -الذي اطلعت عليه صحيفة "عربي21"- قال الخازن: "التقيت السيسي للمرة الأولى قبل الانتخابات الرئاسية، وقال لي إن خلافنا مع الإخوان المسلمين هو خلاف سياسي، وهم يصرون على جعله خلافا دينيا، رغم أن جميع المصريين متدينون، ونحن لا نختلف معهم دينيا، ولذلك فشلوا في الحكم، ودفعوا الثمن"، وفق زعمه.
وتابع: "لا أريد أن أراهم جميعهم في السجون، والأحكام التي صدرت بحقهم غير منطقية، وأعتقد أنها أحكام لإرهابهم فقط، ولن أصدق أن مصر ستعدم فعلا 100 شخص".
وحول لقائه السيسي مرة أخرى، قال: "التقيته بعد توليه الرئاسة، وفى نيويورك كنت أراه يوميا لمدة أربعة أيام، وعندما زرت مصر المرة الأخيرة تحدثت مع صديقتي فايزة أبو النجا، مستشارة الأمن القومي للرئيس، وكنت أحاول أن أوصل شكاوى الخليج من البيروقراطية المصرية، فقالت لي انتظر لقاء الرئيس، وكان وقتها في الصين، لكنني لم أستطع انتظاره، لكنني سألتقيه في زيارتي المقبلة لمصر في نهاية حزيران/ يونيو المقبل، وهذا ما اتفقت معه عليه خلال لقائي القصير معه على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في البحر الميت".
خلافات بين مصر والخليج
وكشف الخازن عن خلافات بين مصر ودول الخليج، فقال: "قادة دول الخليج لديهم مشكلات مع البيروقراطية المصرية، والصعوبات، ومن الممكن أن يتجنبوها، فمصر مثلا كانت تريد توسيع قناة السويس، وإنشاء ازدواج للقناة، فأعدت دول الخليج خمس دراسات، واختارت مصر أطول وأغلى دراسة، وتستغرق ثلاث سنوات، رغم أن هناك دراسات كانت تقول إنه يمكن الانتهاء من المشروع في عام، ليستطيع الرئيس أن يقول للناس بعد عام انظروا إلى ما تم إنجازه، وكيف زاد الدخل القومي، لكنهم اختاروا الأغلى، والأكثر تعقيدا".
وأردف: "هم طلبوا المشروع الذي ينتهي في ثلاث سنوات اعتقادا منهم أنه الأفضل، وبعد إصرار الرئيس على إنجازه في عام أخذوا المشروع الذي ينتهي في عام، دول الخليج كانت تفكر في شيء هو أن يستطيع الرئيس أن يقدم للشعب إنجازا بعد عام واحد، والبلد تراجع كثيرا منذ عام 2011، وانتهت السياحة، فلابد أن يشعر المصريون بأي إنجاز".
وعن الملك سلمان قال: "الملك سلمان أعرفه منذ كنت مراهقا، وهو لن ينقلب على مصر، فالعلاقة مع مصر لا يمكن اللعب فيها".
"أبونا".. في العلاقة مع الإخوان
وزعم الخازن أن الإخوان المسلمين، عندما وصلوا للحكم، قفلوا نصف الأنفاق، وأغرقوا النصف الثاني، لإرضاء الولايات المتحدة وإسرائيل، على حد زعمه.
ويُذكر أن نظام السيسي يتهم الرئيس محمد مرسي ومساعديه بالتخابر لصالح حركة حماس، وهو ما يتناقض مع هذه الرواية للخازن، التي يتهم فيها الإخوان بإقفال وغلق جميع الأنفاق مع غزة.
وبالنسبة لعلاقة الخازن نفسه بالإخوان المسلمين في عهد مبارك، كشف الخازن عن وجود ضغينة شخصية بينه وبين الإخوان، فقال: "كان الإخوان المسلمون يرسلون لي فاكسات، ومرة أرسل لي عصام العريان فاكسا كتب عليه إضافة إلى جميع الصفات كلمة "أبونا"، فقلت له هذا خطأ، فقال لي أنت كفرت، وكانت النتيجة أن الناس ثارت عليهم بعد عام واحد في الحكم، بينما انتظروا 30 عاما للثورة على مبارك، الإخوان لم يكونوا يسمعون لأحد، وكأن لديهم خطا مع الله"، وفق قوله.
مبارك كان وطنيا.. ومزورا
وحرص الخازن في حواره -الذي اطلعت عليه صحيفة "عربي21"- على ذكر اسم الرئيس المخلوع حسني مبارك، في كل مرة، تحدث فيها عنه، مقرونا باسم "الرئيس"، زاعما أن مبارك كان وطنيا، وعظيما.
وأكد الخازن أنه قال لمبارك مرتين إن الانتخابات البرلمانية في 2010 غير صحيحة، مشيرا إلى أنه من غير المعقول عدم حصول الإخوان المسلمين على أي مقاعد، وأنه في المرة الثانية، قال له إن الانتخابات مزورة، لكنه لم يرد عليه، وفق قوله.
واستدرك: "كنت أتمنى لو أنه استقال قبل العملية الأولى بألمانيا"، مؤكدا أن جميع الانتقادات التي تعرض لها مبارك، وقضايا الفساد التي تحدث عنها الإخوان المسلمون، كانت في السنوات الخمس الأخيرة من حكمه، ومازلت أتمنى لو أنه كان استقال سنة 2005 أو حتى 2010، وهو كان أكثر شخص مندهش من ثورة الناس ضده".
وكشف عن أن عمر سليمان عرض عليه في أحد لقاءاتهم خريطة فيها كل الأنفاق بين العريش وغزة، وقال له: نحن نعرف كل الأنفاق وما يمر فيها من الأكل إلى السلاح، وابتسم في وجهي قائلا: "إحنا ما شفناش حاجة".
وأضاف: "في إحدى المرات كنت مع اللواء عمر سليمان، وجاءه تليفون، وبعد انتهائه عرفت أنه كان يتحدث مع الرئيس الأمريكي الأسبق جيمى كارتر، الذي سأله عن المساعدات التي تصل للفلسطينيين، بينما أغلق الإخوان المسلمون كل شيء أمامهم"، على حد قوله.
وجهاد الخازن (مواليد رام الله، عام 1939) صحفي وكاتب فلسطيني يحمل الجنسية اللبنانية، وتعود أصوله إلى مدينة الناصرة في فلسطين المحتلة، وأقامت أسرته بين لبنان وفلسطين والإسكندرية، وانتقلت نهائيا إلى لبنان بعد 1948.
وعمل الخازن رئيس التحرير السابق لصحيفة ديلي ستار في بيروت، وعرب نيوز في جدة، والشرق الأوسط والحياة في لندن، كما أنه عضو مجلس إدارة مؤسسة الفكر العربي، وله عمود يومي بصحيفة الحياة اللندنية بعنوان: "عيون وآذان".