نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب جورج ميلر، حول "حرب الولايات المتحدة على
الإرهاب"، يشير فيه إلى أنه بعد هذه السنوات من الحرب كلها يرى الخبراء أن مخاطر "الإرهاب" لا تزال محيقة بأمريكا، لدرجة أن نائبا سابقا لمدير وكالة الاستخبارات المركزية يتوقع أن أحفاده سيضطرون للتعامل مع هذه المشكلة.
ويقول ميلر: "صحيح أنه لم يعرف عن رجال المخابرات يوما تفاؤلهم، ولكنهم دخلوا مرحلة من الكآبة لم يسبق لها مثيل".
ويشير التقرير إلى أن مدير الاستخبارات الوطنية جيمز كلابر جونير، قال في شهادة أمام الكونغرس، إن تهديد الإرهاب اليوم أسوأ من أي وقت مضى في تاريخ الولايات المتحدة.
ويبين الكاتب أن قائد قوات العمليات الخاصة في الشرق الأوسط الميجر جنرال مايكل ناغاتا، قد أخبر المشاركين في ندوة حول محاربة الإرهاب بأنه يعد تهديد
تنظيم الدولة أكبر بكثير من أي تهديد لتنظيم
القاعدة.
ويورد التقرير أن النائب السابق لمدير وكالة الاستخبارات المركزية قال في مؤتمر لشركة نيويورك حول الإرهاب، إن الحرب عليه "مسألة طويلة الأمد"، وتوقع أن يخوض جيل أبنائه وأحفاده الحرب ذاتها.
ويرى ميلر أن هذه التقديرات تعكس تشاؤما أصاب مجتمع مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة على مدى العام الماضي، وسط سلسلة تطورات تبعث على الإحباط، ومنها نمو تنظيم الدولة، وتدفق مقاتلين أجانب إلى سوريا، وكذلك انهيار الحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة في اليمن، وتدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا، وآخرها كان يوم السبت، حيث قامت جماعة بوكو حرام بعدة تفجيرات انتحارية، وأعلنت عن مبايعتها لتنظيم الدولة.
ويجد الكاتب أن ما يزعج المسؤولين الأمريكيين هو أن تنظيم القاعدة ونمطه من
التطرف الإسلامي لم يستطع فقط أن يستمر، بالرغم من حرب دامت 14 عاما، بل إنه تمدد. ويشدد المسؤولون على أن خطورة وقوع هجوم على مستوى 11 أيلول/ سبتمبر احتمال ضئيل جدا.
ويعتقد ميلر بأنه رغم هذا فإن النظرة الجديدة للمستقبل تغاير التفاؤل الذي تبع مقتل أسامة بن لادن في 2011 مع فجر الربيع العربي، الذي نظر إليه على أنه صحوة إسلامية في أنحاء الشرق الأوسط، قد يؤدي إلى تهميش تنظيم القاعدة.
وقال وزير الدفاع وقتها ليون بنيتا إن أمريكا على وشك "هزيمة تنظيم القاعدة استراتيجيا"، وشارك أوباما بهذا الرأي قائلا إن تنظيم القاعدة في طريقه إلى الهزيمة.
ويفيد التقرير بأن طبيعة مكافحة الإرهاب تعني التشاؤم وتوقع الأسوأ، ولكن هناك أصواتا معارضة تقول إن مستوى دق أجراس الخطر أعلى بكثير من الخطر ذاته، وهذا الخطأ مساو لخطأ الركون الذي سبق وقوع الهجمات الإرهابية. وحجة هؤلاء هي أن تنظيم القاعدة لم يعد لديه إمكانيات قوية، كما أن أجندة تنظيم الدولة تركز على توسيع رقعة السيطرة في الشرق الأوسط أكثر من شن هجمات عابرة للدول.
وبحسب البروفيسور في كلية دارتموث دانيال بنيامين، الذي عمل سابقا أكبر مسؤول في مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية، فإن التهديد لأمن أمريكا أقل بكثير مما يدعى.
وتلفت الصحيفة إلى أن النائب السابق لمدير مركز مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية بول بيلر، يرى أن الارتباك منشأه الآثار النفسية التي ترتبت على هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، وكتب في أحد مقالاته: "على الجميع أخذ نفس عميق".
ويذهب الكاتب إلى أنه بالرغم من هذا الأمر، إلا أن محللين مخضرمين يعرف عنهم رباطة الجأش يظهر الإحباط في كتاباتهم. يقول النائب السابق لمدير وكالة الاستخبارات المركزية جون ماكلاغلن: "لدينا مشكلة في مكافحة الإرهاب أكبر من التي كانت لدينا قبل عدة سنوات"، ويضيف أن المجموعات الإرهابية "لم يحدث وأن سيطرت على مثل هذه المساحات، أو كانت لديها مثل هذه الأموال أو كان لديها مثل هذا العدد من حاملي جوازات السفر الأجنبية، ولم تكن لديهم الرواية التي هي لديهم اليوم".
ويوضح التقرير أنه بعد أشهر من الغارات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد التنظيم لم يتوقف تدفق المقاتلين إلى سوريا، وقال كلابر في شهادته إن أكثر من 20 ألف مقاتل أجنبي دخلوا سوريا، من بينهم 3400 على الأقل من الدول الغربية.
وتذكر الصحيفة أن مسؤولي مكافحة الإرهاب قلقون من احتمال وجود أشخاص قد يقتنعون بأفكار تنظيم الدولة دون الذهاب إلى سوريا للمحاربة إلى جانبه. والبعض يرى أيضا أن تنظيم القاعدة لا يزال يشكل تهديدا بالرغم من ضعفه، حيث إن عشر سنوات حرمته الكثير من قياداته العليا، ويعتقد الخبراء أنه أصبح غير قادر على القيام بعمليات متطورة متعددة المراحل تؤدي إلى عدد كبير من الإصابات، ولكنه قد يستطيع القيام بهجمات صغيرة.
ويرى الخبراء الأمريكيون أن تنظيم القاعدة في اليمن هو أخطر فروع التنظيم، وقد كان خطره يتراجع حتى سقطت الحكومة اليمنية، واضطرت وكالة الاستخبارات المركزية إلى سحب العديد من عملائها، وأخرجت الشراكة في مكافحة الإرهاب، التي وصفها أوباما بالمثالية، عن مسارها، بحسب الصحيفة.
ويختم ميلر مقاله بالإشارة إلى أن كلابر في شهادته أمام الكونغرس الشهر الماضي وضع الإرهاب في المرتبة الثالثة، بعد تهديدات شبكات الإنترنت وعمليات مكافحة التجسس.