نشرت صحيفة
لوموند الفرنسية، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تقريرا حول مجموعة من
النساء الإفريقيات قدمن إسهامات كبيرة وألهمن المرأة الإفريقية، تم اختيارهن من قبل محرري الصحيفة المختصين في الشؤون الإفريقية.
واختارت الصحيفة الممثلة الكينية لوبيتا نيونغو، التي فازت بجائزة أوسكار عن دورها في فيلم "إثنتا عشرة سنة من العبودية"، حيث نجحت لوبيتا في نقل معاناة المرأة الإفريقية. كما نجحت لوبيتا منذ وصولها لعالم الشهرة في تمثيل المرأة الإفريقية وإبراز جمالها والدفاع عنها.
وقامت لوبيتا ذات مرة، خلال حفل
تكريم لها، بقراءة رسالة كتبتها فتاة صغيرة تنتقد فيها دعايات شركات مواد التجميل التي تروج لكريمات تفتيح البشرة وكأن البشرة السوداء مشكلة يجب حلها. كما أن لوبيتا يانغ ليست مجرد وجه جميل، فقد قامت في سنة 2006 بإنتاج فيلم وثائقي حول الكينيين المصابين بالمهق (بياض البشرة)، يناقش تأثيرات لون البشرة على العلاقات والتصرفات.
كما اختارت الصحيفة الناشطة المغربية سعاد ذيبي، التي تدافع عن فكرة التجديد والابتكار للنهوض بالمرأة الفقيرة.
وتعيش سعاد ذيبي منذ 30 سنة في الصويرة، وهي مدينة أطلسية غنية بالمناطق السياحية الجميلة، ولكن المنطقة رغم ذلك تعاني، حسب إحصائيات البرنامج الوطني للتنمية البشرية، من نسبة مرتفعة من الفقر تصل إلى 30 في المئة، وتشمل خاصة الشباب والنساء.
وأمام هذا الواقع الصعب أنشأت سعاد ذيبي جمعية "الخير" لمساعدة النساء الوحيدات والمفتقرات للموارد. وخلال سنوات قليلة أصبحت هذه الجمعية واحدة من أهم مكونات المجتمع المدني في المنطقة، حيث تقوم كل سنة بتدريب 120 امرأة ومساعدتهن على الاعتماد على أنفسهن، من خلال تدريبهن على العمل في مجالات كالطبخ والمرطبات والتجارة.
وتقول ذيبي حول انتقالها من العمل كخيّاطة إلى العمل في الجمعية، إن روحها الثورية ورفضها السلبية وانعدام العدالة هو ما دفعها للانتقال من مدينة الجديدة قرب الدار البيضاء إلى مدينة الصويرة بعد زواجها، وهناك وجدت أن النساء يعشن ظروفا صعبة، حتى مع وجود المعيل، فهن يعانين من الإهمال وسوء المعاملة والتبعية المطلقة، وقررت مساعدتهن لتحقيق ذواتهن والاعتماد على أنفسهن.
ولكن ذيبي تؤكد أنها رغم دفاعها عن المساواة بين المرأة والرجل، فإنها تحترم العادات والتقاليد ولا تساند الجمعيات النسوية المتطرفة، حيث تدافع هذه الناشطة عن المرأة ضمن مقاربة تكاملية وتشاركية بين الجنسين بعيدا عن نظريات الصراع والصدام.
كما اختارت الصحيفة الناشطة التونسية هالة شيخ روحو، التي تركت عملها في قطاع البنوك ورفضت أن تقضي حياتها في الجري وراء الأرباح والأسهم والعملة، وفضلت بدل ذلك أن تعمل في مجال الدفاع عن البيئة.
وتعمل اليوم هالة روحو كمديرة للصندوق الأخضر للتغير المناخي، الذي يهدف إلى تأمين الدعم المالي لمساعدة الدول المتضررة من التغير المناخي على التأقلم مع التغيرات.
وتعيش روحو اليوم في كوريا الجنوبية، وتقود فريقا مكونا من 50 شخصا وتعمل على الإعداد لمشاريع وأفكار ستكون حاسمة في دعم الجهود الدولية التي ينتظر أن تتوج بتوقيع أول اتفاق عالمي حول المناخ في كانون الأول/ ديسمبر المقبل في باريس.
وتتجول روحو في كافة أنحاء العالم، لإقناع الحكومات بالاستثمار في حماية المناخ وطرح المشاريع التي قد تساهم في الحد من ارتفاع حرارة الأرض، كما ستكون خلال الأسابيع القليلة القادمة في جولة إفريقية لإقناع الحكومات بأن القارة السمراء ستكون أول المستفيدين من الصندوق الأخضر للتغير المناخي، وهي حسب الصحيفة الفرنسية مؤهلة للقيام بهذه المهمة، إذ عملت سابقا في البنك الإفريقي للتنمية لمدة سبع سنوات نجحت خلالها في إنجاح مشاريع تنموية مبتكرة في قطاع الطاقة، مثل مشروع الطاقة الحرارية الأرضية الذي أضاء أرياف كينيا.
كما وقع اختيار الصحيفة على الشابة الكينية المولعة بالتكنولوجيا جوليانا روتش، التي تميزت في مجال التكنولوجيا والتصميم من خلال مشاركتها في منتدى دافوس للاقتصاد واجتماعات "MIT LAB" المتخصصة في البحوث التكنولوجية ودورها في مساعدة إحدى أكبر مدن الصفيح في القارة في جنوب نيروبي، حيث قامت عالمة الكمبيوتر بمساعدة أصدقائها بالعمل عبر الشبكة العنكبوتية على مكافحة الجرائم الانتخابية والعنف، من خلال تطوير برامج للكمبيوتر سموها "made in Africa" (صنع في إفريقيا) لتجميع المعلومات وتسهيل الوصول إليها، وهو ما ساعد فيما بعد في لفت أنظار الجمعيات الخيرية الأمريكية والشركات الكبرى التي اكتشفت فرصا جديدة لمساعدة القارة والاستثمار فيها. وبفضل حماس وابتكار جوليانا ورفاقها، بدأت نيروبي تبرز كعاصمة تكنولوجية لإفريقيا.
واختارت الصحيفة من غينيا الإستوائية المغنية باتريما، التي تكافح ضد سوء معاملة النساء من خلال موسيقى "الماشكندو" التقليدية. ورغم أن موسيقاها خفيفة ومسلية، تقول باتريما إن كلماتها تدافع عن قضايا المرأة التي تعاني في إفريقيا من العنف والإهانات. وتحلم هذه الفنانة بنشر الوعي في صفوف النساء ودفعهن للتحرر والأخذ بزمام الأمور.
كما ورد في هذا التقرير إسم الكونغولية ماري تيريز التي وهبت حياتها للأيتام، حيث تعتني هذه المرأة اليوم بثلاثة وخمسين طفلا بمساعدة أربعة مساعدات، وتقدم لهم الرعاية والحنان. هؤلاء الأطفال الفاقدون للسند، ومنهم المصابون بالإعاقة واللاجئون من رواندا المجاورة، تؤمن لهم ماري تيريز الرعاية والتعليم والتربية والتحضير، ليكونوا مواطنين صالحين في المستقبل بعد أن يغادروها في سن الثامنة عشرة.
وأوردت الصحيفة في تقريرها التنزانية فيدي تاشا، وهي فلاحة من دار السلام عملت بجد على إنجاح مشروعها لإنتاج الحليب، وتمثل اليوم مثالا يحتذى به بفضل عزيمتها ونجاحها في تخطي العقبات الاجتماعية والمالية، بعد أن بدأت في عائلة وظروف متواضعة، وحصلت على تعليم متواضع، لكنها أصبحت فيما بعد من بين أكبر منتجي الحليب في تنزانيا.
ونوه التقرير كذلك بالناشطة الكونغولية كوليت كيتوغا، التي بذلت أكثر من 30 سنة من عمرها لمساعدة الفئات المستضعفة في بلدها الذي مزقته الحرب الأهلية. فقد حولت كوليت منزلها لمأوى للأرامل والأيتام من ضحايا الحرب، ويقدر عدد الذين ساعدتهم خلال العشرين سنة الأخيرة بخمسة آلاف شخص. كما نجحت هذه الناشطة في الحصول على تبرعات في أوروبا لتطوير نشاطها من خلال إنشاء مركز متكامل يقدم الرعاية الصحية والتعليم والإحاطة النفسية.