يعرف حجم الكراهية التي يخبئها له الإعلاميون والنشطاء العرب على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر أثير الفضائيات، ومع ذلك يتعلق بهم ويتجاوب معهم ويستفزهم بشتى الوسائل والطرق لفتح حوار معهم حتى وإن كان هذا الحوار بأكمله سيلا جارفا من الشتائم والألفاظ البذيئة.
أفيخاي أدرعي المولود عام 1982 في مدينة حيفا المحتلة، خدم في الجيش منذ عام 2001 في مناصب مختلفة، يتحدث العربية بطلاقة، لانحداره من أصول سورية حيث ينتمي لعائلة يهودية سورية ممن هاجروا من الدرعية منذ عقود.
أدرعي الناطق باسم الجيش
الإسرائيلي منذ عام 2005 ويحمل رتبة رائد، اشتهر بعد ظهوره على قناة الجزيرة أثناء تغطيتها العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز/ يوليو عام 2006 بوصفه ناطقا باسم الجيش.
وكانت المرة الأولى التي يذكر فيها منصب الناطق الرسمي باللغة العربية باسم الجيش الإسرائيلي عام 2000، وكان أول من شغل هذا المنصب إيتان عروسي الذي قدم استقالته من الجيش الإسرائيلي وسافر إلى الولايات المتحدة مع زوجته، وبعدها تم تعيين أدرعي في نفس المنصب متحدثا ومخاطبا ومستفزا للإعلام العربي.
معروف بتعليقاته اللافتة على كثير من الأحداث العربية، سياسية واجتماعية وفنية ورياضية، مستخدما آراءه العنصرية المتطرفة مضيفا لها نكهة كوميديا سوداء، وأحيانا، نجح في أن يكون له أكثر من مليون متابع باللغة العربية على "فيس بوك"، وحوالي مائة ألف متابع عربي أيضا على "تويتر".
ولا يبدو أدرعي وحيدا في مواجهة آلاف العرب الغاضبين رغم أنه يظهر في المواجهات الإعلامية وحيدا إذ يقف خلفه جيش من المتخصصين في العلوم المختلفة، وبالتالي يعرف متى وأين وكيف ولماذا ولمن يرمي بتعليقه!
باللطف والاستفزاز والمشاعر الزائفة، نجح أدرعي في أن يكون له متابعون، يشتمونه نعم، لكن متمسكين بارتياد صفحاته والتمعن في تعليقاته، بدليل أنهم يهتمون بنقلها عبر مواقعهم الخاصة، ويتندرون عليها، حتى ولو كان ذلك بالتهكم والسخرية، فالنتيجة أنها تؤدي إلى مزيد من المتابعين، من خلال الترويج لها عبر مواقع مختلفة، وبالتالي فإن الرسالة ستصل إلى المتلقي العربي على دفعات وبالتدريج وضمن خطة منهجية ذكية.
الطريقة واللغة التي يتحدث بها الضابط الإسرائيلي، جعلتاه ضيفا دائما على بعض الفضائيات العربية، الأمر الذي منحه مساحة أوسع للتأثير في الجمهور العربي، والتعامل معه بصورة طبيعية، ربما ساهمت، بحسن نية من بعض العرب، في تحطيم الحواجز النفسية أحيانا، وأحيانا أخرى قد تسمح بحرف الصراع مع "إسرائيل" عن مساره التاريخي الوجودي، لحساب تحويله إلى صراع إنساني حدودي.
أدرعي يستضاف من قبل الفضائيات بحجة تعريف المشاهد أو القارئ العربي بوجهة نظر الطرف الآخر، وأحيانا تبرر هذه الاستضافة بأن الهدف هو إحراج "الضيف الإسرائيلي" وتعرية حقيقة مواقف "إسرائيل"، وهذه التبريرات تذكرنا بزيارة تطبيع قام بها نائب أردني لتل أبيب وحين عاد إلى عمان برر فعلته بأنه ذهب لهداية قادة "إسرائيل" للإسلام.
وجهة نظر "إسرائيل" لا تحتاج لاستضافة أدرعي أو أي إعلامي أو صحافي إسرائيلي لتوضيحها فهي واضحة على الأرض، وهي مدعمة بأدلة وبراهين لا تحتاج إلى أدلة وبراهين من الكلام، فثمة شهداء وجرحى وبيوت ومدارس ومستشفيات ومساجد مهدمة، ومسجد هو قبلة المسلمين الأولى يدنس في كل لحظة.
أحيانا حين تستمع للناطق باسم الجيش الإسرائيلي تسترجع ذاكرتك عبارة رئيس وزراء "إسرائيل" جولدا مائير التي تقول فيها: "قد نغفر لك قتل جنودنا ولكننا لن نغفر أبدا أن تموت بأيدينا".
وينسى كثيرون في أوج لعبة "الرأي والرأي الأخر" أن هذا الكوكب أميركي ويهودي أكثر من اللازم، وأكثر من الضروري للتنفس وللعيش، ولا يحتاج إلى مزيد من وجهات النظر والكراهية الأميركية والإسرائيلية فقد وصل حد التخمة والتجشؤ قولا وفعلا.
أدرعي الناعم في حديثه وتعليقاته، آخر ما يريده هو أن يبدو وكأنه مجرد مثقف عديم القلب يتقن العربية أو جندي لا يرحم، وهي الصفة التي يخفيها معظم العسكريين والساسة الإسرائيليين خلف سترات "مسيمو دوتي" "وفالنتينو" وربطة عنق "بيير كاردان".