قضايا وآراء

الأعمال التحضيرية للجــــــــريمة

أحمد قاسم البياهوني
بعض الانقلابيين المرتدين، وهم شركاء الانقلاب المعارضين لقادته حاليا، يحاولون الآن أن ينفضوا أيديهم من المشاركة في جريمة الانقلاب العسكري على شرعية الثورة الدستورية، متجاهلين أن الجرائم العمدية ذات الاوصاف المشددة، ومنها جريمة الانقلاب العسكري بالطبع، لا تقع فجأة أبدا، بل لابد أن يكون لها تحضير وتدبير مادي ملموس.

 والأعمال التحضيرية المادية التي تجد لها مكانا على الأرض وتخرج من مجرد التفكير في احداث الجريمة الى مرحلة الاعداد والتحضير لها، قبل الوصول الى مرحلة التنفيذ، تعتبر حلقة من حلقات الجريمة ذاتها، وان كان العقاب عليها إذا لم تتم الجريمة لأسباب خارجة عن ارادة المجرم وشركاؤه، يتم على جريمة الشروع في ارتكاب الجريمة فقط، والشروع جريمة مستقلة بذاتها، ومن مكوناتها تلك الأعمال التحضيرية.

وهذا ما ينطبق على جريمة الانقلاب العسكري وأعماله التحضيرية التي بلغت ذروتها في سهرة الانقلاب على مسرح السلطة المتمردة في 30 يونيو الاسود، وكان قد سبق تلك السهرة الشيطانية الملعونة مراحل الاعداد الصغرى من أحداث مفتعلة ومدبرة واصرار على تسويق مبررات الانقلاب العسكري لتنتهي تلك الأعمال بالإعلان على وقوع جريمة الانقلاب ونفادها في الثالث من تموز/ يوليو. 

ومالا يعلمه كثير من غير المتخصصين أن الجريمة الوحيدة التي يتم العقاب عليها قانونا ـ من باب القدرة على العقاب ـ في حالة الشروع فيها فقط هي جريمة الانقلاب العسكري، وهذا أمر طبيعي لأنها إذا تمت سيكون مجرموها على رأس السلطة العامة كما أنها لن تكون في ذلك الوقت، تلك الجريمة التي تم الاعداد لها في نظر الحكام الجدد ـ المنقلبون المجرمون ـ ولا حتى في نظر أتباعهم وشركائهم وان اختلفوا فيما بينهم على غنائم التقسيم، وربما هذا ما يفسر لنا موقف بعض الانقلابين المرتدين الملتبس تجاه جريمة الانقلاب العسكري. 

ولهذا فان جريمة الانقلاب العسكري التي تمت في الثالث من يوليو لا تنفصل عن أعمالها التحضيرية بحال من الأحوال، وأهم حلقات تلك الأعمال كانت سهرة الانقلاب في الثلاثين من يونيو والتي لولاها لما تم الاعلان عن بدء تنفيذ جريمة الانقلاب وإعلان خارطة طريق مجرميه.
وهذا ما يجب أن يدركه الثوار الشرعيون ـ أنصار الشرعيةـ وغيرهم من الذين لم يشاركوا في الانقلاب من خلال مشاركتهم في أعماله التحضيرية، جيدا حتى لا ينخدعوا مجددا في مجرمين يحاولون التنصل من مسئوليتهم ويدعون الفصل بين 30 جزيران/ يونيو، و3 تموز/ يوليو الأسوْدين، فالانقلاب ليس الثالث من يوليو، كما أن محاولات قطع الطريق على اكمال الرئيس المنتخب مدته الدستورية لأسباب سياسية مختلف حولها تعد في حد ذاتها انقلابا ولو لم يتدخل في الامر العسكر بسلاحهم، إضافة إلى أن الانقلابيين ليسوا عسكر فقط.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع