قال مصدر دبلوماسي جزائري في تصريح حصري لـ"عربي21"، إن
الجزائر ستقوم بوساطة في مفاوضات مرتقبة بداية الشهر الحالي تموز/ يوليو، بين حكومة باماكو بمالي والحركات
المعارضة شمالي البلد، من بينها ثلاثة حركات تنتمي إلى إقليم" الأزواد" الذي يطالب بالانفصال، وذلك من أجل إنهاء الأزمة الأمنية في
مالي والحفاظ على وحدته الترابية في إطار
مصالحة شاملة.
وقال المصدر إن الحركات الأزوادية، الثلاث التي وقعت بيان "إعلان الجزائر" بالجزائر، الاثنين التاسع حزيران/ يونيو الجاري، أبدت موافقتها على التفاوض مع حكومة باماكو (عاصمة مالي) إزاء المطالب المرفوعة لديها، من أجل إنهاء الأزمة الأمنية، وحقن الدماء". وأضاف أن الجزائر " ألزمت اليوم الاثنين، الحركات الازوادية والحكومة المالية بضرورة فتح باب الحوار لإنهاء الأزمة التي عمرت لعقود من الزمن".
وعقد وزراء خارجية ما يعرف بـ"دول الساحل" وهي: الجزائر و مالي و النيجر و موريتانيا و بوركينافاسو و تشاد، بحضور ممثلين عن الإتحاد الإفريقي و بعثة الأمم المتحدة إلى مالي، الاثنين، 16 حزيران /يونيو، اجتماعا بالعاصمة، الجزائر، خصص لبحث أزمة شمال مالي.
ورفعت الحركات الازوادية وهي: "المجلس الأعلى لتوحيد الازواد"، و"الحركة الوطنية لتحرير الأزواد" و"الحركة العربية للآزاواد" مطالب للحكومة المالية، تتعلق بتنمية إقليم" الازواد" المتاخم للجزائر، اقتصاديا واجتماعيا، وتمثيل الإقليم في حكومة باماكو بوزراء وفي البرلمان المالي بنواب كأهم المطالب السياسية.
لكن التنظيم " الأم" الذي كان يمثل إقليم الازواد وهو: "الحركة الوطنية لتحرير الازواد"، يرفع منذ عقود مطلبا رئيسا هو الانفصال عن مالي، بيد أن هذا المطلب بدا وأن التنظيم بدأ يتراجع عنه بظهور حركات ازوادية أخرى ركزت في مطالبها على ملفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتمثيل السياسي لدى حكومة باماكو.
واشتعلت في الأسابيع الماضية نيران حرب ضروس بين الفصائل الازوادية من جهة والجيش المالي من جهة أخرى، لكن مساعي دول الساحل وخاصة الجزائر، كللت بتوقيع هدنة قائمة لحد الآن على أساس الشروع بمفاوضات.
وتم ترسيم الهدنة من جانب الحركات الأزوادية، ضمن "إعلان الجزائر" التاسع حزيران يونيو، الجاري بالجزائر، الراعية للاتفاق.
وأفاد الأمين العام لـ"الحركة العربية الأزوادية" بلال ولد شريف، لـ"عربي21" الاثنين، أن " المشاورات التي تمت بالجزائر كانت مثمرة ونأمل أن نتوصل من خلالها إلى حل مع حكومة باماكو كما نأمل أن يكون اتفاق الجزائر بادرة خير على سكان الأزواد وسكان مالي إجمالا بانتظار بدء مفاوضات مع حكومة مالي".
وأكد بلال ولد شريف " نحن مستعدون للتفاوض، هذا أكيد، نسعى إلى الوصول إلى حل جذري مع باماكو، تزول من خلاله كل مشكلات عدم الاستقرار والمشكلات الأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية لدينا نية حسنة ونسعى إلى بلورة مقترحات جيدة للجميع لعرضها على حكومة مالي". وقال أيضا" لدينا ثقة كبيرة وأمل في الاجتماعات التي تعقد بالجزائر.. نحن مستعدون لتعيين وفد عنا للتفاوض مع حكومة مالي، لكن في بلد محايد والكرة حاليا في مرمى النظام".
لكن متحدث باسم "الحركة العربية للأزواد" أكد ل"عربي 21" أن " الدارج أن حكومة باماكو هي من يخرق الاتفاقات الأمنية، نحن ملزمون بوقف اطلاق النار هذه المرة إلا إذا تم خرقه من قبل الجيش المالي".
ويهم الجزائر إنهاء الأزمة الأمنية، شمالي مالي، باعتبار الأزمة نافذة لتسلل التنظيمات الإرهابية، إلى التراب الجزائري، عبر حدود شاسعة، سخرت لها الجزائر إمكانات عسكرية هائلة، لكن ومع بروز أزمة أمنية على حدودها الشرقية مع ليبيا، تسعى الحكومة الجزائرية، إلى تخفيف الضغط على الترسانة الأمنية جنوبا، من أجل التفرغ للجبهة الشرقية التي تنذر بتهديدات خطيرة على الجزائر، بإجماع المراقبين.
وكانت قيادة أركان الجيش الجزائري أرسلت مطلع حزيران/ يونيو، الجاري خمسة آلاف عسكري إلى حدودها مع ليبيا لتعزيز المراقبة الأمنية ومنع تسلل مليشيات ليبية تتكون من مسلحين من مختلف الجنسيات حسي تقارير أمنية تحذيرية.
وقال وزير الخارجية الجزائري، رمظان لعمامرة خلال اجتماع الاثنين، ان الجزائر " مستعدة لمرافقة كل الأطراف المالية على مسار السلم و المصالحة الوطنية"، مشيدا ب" الجهود التي تبذلها جميع الأطراف في مالي من أجل التوصل إلى حل نهائي في شمال البلاد".
أما وزير الخارجية المالي ، عبدولاي ديوب، فأكد ان" التنسيق الأمني بين الجزائر ومالي يوجد بأعلى مستوى"، لكنه وجه انتقادات ضمنية لباقي دول الجوار على أنها لم تضاعف مجهوداتها لحل أزمة بلاده.
وحذر "البير جيرار كوندرس"، المبعوث الأممي إلى مالي، الذي حضر اجتماع الجزائر، الاثنين، من أن " منطقة شمال مالي معرضة لخطر اكبر، في ظل غياب المصالحة الوطنية" ودعا الماليين إلى إنهاء أزمتهم ، مشيرا إلى أن "دور الجزائر، لا مناص منه في جهود السلم والمصالحة في مالي".