ملفات وتقارير

"موازين" ينطلق بالمغرب بشبهة استغلال المال العام

مهرجان موازين يستضيف فنانين من الصف الأول ويتهمه معارضون بالفساد- أرشيفية
 ينطلق الجمعة بالمغرب المهرجان المثير للجدل "موازين" في إطار دورته 13 الممتدة حتى 7 يونيو/حزيران، المقبل وذلك وسط اتهامات له باستغلال المال العام وتبخيس الفن المحلي ونشر الإباحية، فضلا عن اعتباره من طرف معارضيه دائما أحد مظاهر الفساد والاستبداد بالمغرب. وينضاف لكل هذا هذه السنة اعتماد المهرجان بشكل كبير على المال الإماراتي.
 
المهرجان الذي يحضره مئات الفنانين من مختلف دول العالم ويتابعه عشرات الآلاف من المتفرجين، لا تعرف بالضبط أرقام ميزانيته، ففي حين يقول المنظمون إنها في حدود 66 مليون درهم، يرى الخبراء أن الرقم يتجاوز ذلك بكثير وأن الجمعية المنظمة لا تريد أن تكشف حقيقة عن الميزانية تفاديا لارتفاع حدة الانتقاد الشعبي والإعلامي خاصة أن رئيس الجمعية المنظمة للمهرجان هو الكاتب الخاص للعاهل المغربي محمد منير الماجدي.
 
كما أن منتقدي المهرجان وهم كثر خاصة بعد الحراك الذي عرفه الشارع المغربي سنة 2011 ومع "حركة 20 فبراير"، يؤاخذ على المهرجان تزامنه مع فترة الامتحانات النهائية للطلبة والتلاميذ كل سنة حيث يشكل مصدر إلهاء أساسي بالنسبة للكثيرين منهم.
 
ويواجه المهرجان الذي لا تعرف أجرة مئات الفنانين الذين يستدعيهم، (يواجه) اتهامات كثيرة بكونه مهرجان يشجع على الإباحية والرذيلة من خلال استدعائه لمغنيين شواذ جنسيا بل منهم من تعرى فوق المنصة، وأيضا يستدعي فنانات قمن بالظهور شبه عرايا على منصاته لأكثر من مرة فضلا عن السهرات الليلية المختلطة والتي يحضرها حتى القاصرين وتستمر إلى غاية الصبح تقريبا.
 
كما يلاحظ على موازين الذي يستدعي عادة فنانين من الصف الأول بالداخل كما الخارج، "احتلاله" للإعلام العمومي حيث لا يصبح من حديث لمختلف القنوات والإذاعات العمومية وحتى الخاصة غير مهرجان "موازين" والنقل المباشر لسهراته كيفما كانت، بالإضافة إلى الدعاية الواسعة له بمختلف وسائل الإعلام وبالشوارع واللافتات الرئيسية بها، فضلا عن حالة التأهب الأمني التي تكون غير مسبوقة وواسعة واستثنائية، وهي كلها امتيازات إلى جانب أخرى يلاحظ المتتبعون أنها لا تتوفر لمهرجان آخر غيره.
 
 المهرجان مغربي والمال إماراتي

بعد أن أصبحت شركة اتصالات الإماراتية هي المساهم الأكبر في رأسمال اتصالات المغرب بنسبة 53 في المائة، أضحت دولة الإمارات العربية المتحدة هي المحتضن الأساسي لمهرجان موازين إيقاعات العالم. الذي تنظمه جمعية "مغرب الثقافات"، حيث بالإضافة لما تملكه الغمارات من نسبة في اتصالات المغرب فإن الشركة الثانية "طاقة الإماراتية" تعد المحتضن الرئيسي الثاني.

وتعد شركة طاقة الإماراتية هي المحتضن الرئيس للمهرجان منذ عدة دورات، بينما المحتضنان الرسميان هما شركة اتصالات المغرب وشركة إعمار، وهي مؤسسة إماراتية من بين أكبر العاملين في قطاع العقار في العالم، وبذلك سيتم، لأول مرة منذ بداية هذه التظاهرة العالمية، الاعتماد كليا على محتضنين إماراتيين في لائحة المحتضنين الرئيسيين، في حين تتشكل لائحة المحتضنين الثانويين من أبناك ومؤسسات اقتصادية مغربية وأخرى مملوكة للدولة. 
 
وكان مهرجان موازين  مابين سنتي 2001 و2005  يعتمد على  مساهمات المؤسسات العمومية بنسبة 60في المائة  هذه النسبة انخفضت ما بين سنتي 2006 و2007إلى 57  في المائة? قبل أن تنزل إلى ستة في المائة ما بين سنتين 2008 و 2010 ? وابتداء   من سنة 2011 اصبح المهرجان يعتمد مائة في المائة علي مداخيله وعلى المحتضنين الخاصين. 
 
وستشكل  مساهمات المحتضنين 32في المائة من الميزانية?  في حين 68 في المائة هي عبارة عن مداخيل متنوعة  تتمثل في مداخيل المساحات الإشهارية وعائدات الرسائل الهاتفية المكتوبة? بالإضافة إلى مداخيل التذاكر والحفلات الخاصة.
 
استنكار استدعاء مغنيين مثليين

استنكر العديد من مرتادي موقع التواصل الاجتماعي الشهير "الفايسبوك"، مشاركة المغني البورتوريكي "ريكي مارتن"، المعروف بمثليته، في مهرجان موازين المثير للجدل.
 
وعبر مجموعة من رواد الشبكة العنكبوتية عن امتعاضهم من استدعاء "ريكي مارتن"، الذي سبق وأعلن مثليته وتضامنه المطلق مع المثليين من خلال كتابه المعنون ب " أنا "Me، الذي يتناول فيه سيرته الذاتية وميوله الجنسي ، ومن خلال حفلاته التي ينظمها عبر العالم ويستغلها لتسليط الضوء على "معاناة المثليين"، مستغربين إقدام منظمي مهرجان موازين على دعوة هذا المغني الذي سبق أن حصل على الجنسية الإسبانية من أجل الزواج من صديقه بسبب حظر زواج المثليين في بلده الأصلي "بورتوريكو".
 
يذكر أن دورة 2010 من مهرجان موازين عرفت مشاركة المغني البريطاني المثلي إلتون جون، رغم الانتقادات التي رافقت ذلك بسبب ميوله الجنسية وتصريحاته المسيئة لعيسى عليه السلام، لكن إدارة المهرجان تشبثت بتنظيم الحفل.
 
 
نجيب: استغلال المال العام وتبخيس الفن المحلي مشكلتا "موازين"
 
في تصريح ل "عربي21" قال المعطي منجيب أستاذ التاريخ السياسي، إن مهرجان "موازين" يطرح مشكلتين أساسيتين الأولى مالية "فرغم كل ما يقال فإن المالية العمومية تساهم بطريقة غير مباشرة في مهرجان عالي التسعيرة" والمشكلة الثانية حسب الفاعل المدني والحقوقي منجيب تتمثل في غياب مهرجان وطني موازين لمهرجان "موازين" يهتم بالفن والمغنيين المحليين، وهو ما عنى للمتحدث أن في هذا الأمر تبخيس للفن المحلي.
 
واعتبر منجيب في تصريح للموقع، أنه ومن حيث المبدأ فإن أي تلاقي بين الثقافات العالمية من خارج المغرب أمر جيد جدا، ولا يمكن إلا تحبيذ الفكرة والترحيب بها.
 
  مسرور: المدمنين أولى بأمواله والمهرجان موازينه مختلة
 
من جهته اعتبر الفنان الساخر مسرور المراكشي في حديث له مع "عربي21" أن مهرجان "موازين" موازينه مختلة وأن الميزان مائل لصالح الفنان الخارجي، وأن المتضرر من ذلك هو الفنان المغربي.
 
واستغرب مسرور استمرار مهرجان "موازين" رغم معارضته من طرف فئات واسعة من الشعب المغربي والعديد من الفنانين والفاعلين السياسيين والحقوقيين وغيرهم.
 
وسجل مسرور أن لموازين أجندة منفصلة عن هوية وقيم المغاربة، وقال إنه يريد ترويج صورة غير حقيقية عن المغرب، بحيث يعمد إلى تلميع الصورة، وشدد مسرور المراكشي وهو أحد الكوميديين الممنوعين من التلفزيون المغرب، على أن معالجة المدمنين على المخدرات أولى من صرفها على هذا المهرجان.
    
وبطريقته الكوميدية، قال مسرور إن التخوف بات حقيقيا مرتا أخرى من تعري أحد المغنين أو المغنيات على الهواء مباشرة، معتبرا ذلك نوع من الاختلال العقلي، مستشهدا بالقول أن المغاربة عندما تقو له هل أنت مختل عقليا؟  وذلك في صلة بسوابق أقدم عليها فنانون مشهورون بالتعري داعيا الله لهم بالستر.  
    
 السنوسي: "موازين" مهرجان مفروض على المغاربة
 
من جانبه دعا الفنان الساخر أحمد السنوسي اليساري الميولات ولأكثر من مرة إلى إلغاء مهرجان "موازين" لكونه "مهرجانا مفروضا بالقوة على الشعب المغربي ويسوق لثقافة مخزنية ويعد من أكبر تجليات استغلال النفوذ ونهب المال العام بالمغرب".
 
 واستغرب الفنان المعروف بالمغرب بلقب ''بزيز'' في حوار سابق مع جريدة "التجديد" المغربية ''كيف تتحدى الدولة شعبا بأكمله وتقيم مهرجانا ضدا على رغبته وضدا على جيوبه، ثم توظف وسائل الإعلام العمومية التي يؤدي ضرائبها هذا الشعب لتحريف الحقائق وتشويهها".
 
واعتبر "بزيز" وهو الممنوع كذلك من الإعلام العمومي، في الحوار ذاته أن المنظمون يفرضون الضحك على المغاربة، ويظهرون الاحتفال فوق الأزمة والظلم" واصفا حالة الفرح التي يروج لها "مزيفة ومزورة لكون المغاربة يريدون الكرامة والعدل لا "موازين".
   
برشيد: "موازين" مقرصن وينبغي أن يعود للشعب

فنانو عدة ينتقدون هذا المهرجان ومنهم الفنان والمؤلف المسرحي عبد الكريم برشيد، الذي صرح لوسائل إعلام مختلفة منها "عربي21" بالقول "إن مدخل مواجهة مهرجان موازين هو المطالبة بالمحاسبة والشفافية، وأن "نقول بأن هذا المهرجان مقرصن ومسروق من طرف جهة معينة، وبالتالي ينبغي أن يرجع إلى الشعب الذي يدفع الضرائب وهو أساس كل سلطة".
 
وقال الفنان المعروف بكتاباته المسرحية، إنه على كل المهرجانات أن تعود إلى الشعب الذي هو الممول وهو صاحب القرار كما للمغاربة حسب برشيد حق المطالبة بمهرجان في مستوى المغرب ومستوى إمكانياته وأن تراعي في تنظيمه أولويات واحتياجات الشعب المغربي في السكن والصحة والشغل والتعليم.
 
منسقية تخصصها مناهضة "موازين"

في سابقة في تاريخ المهرجان "موازين" وفي صلة بالحراك العربي الديمقراطي، عمد عشرات الشباب إلى تأسيس تنسيقية تطالب بإسقاط مهرجان موازمين، حيث دعت منسقية "الحملة الوطنية لإلغاء مهرجان موازين" منذ أول بيان رسمي لها صدر صباح الأربعاء 13 أبريل/نيسان 2011، (دعت)  جميع شرائح الشعب المغربي وكافة الفنانين الشرفاء وكل الهيئات والقوى المغربية الحية إلى مقاطعة مهرجان "موازين" والانخراط في حملة إلغائه معتبرتا إياه يجسد أحد أوجه الاستبداد الثقافي والاحتكار الفني والفساد المالي الذي يتطلب رصدا له ومحاسبة مبذري أموال الشعب والكشف عن الميزانية الحقيقية وعن مصادر التمويل وطرق صرفه.
  
"اختلافاتنا تجمعنا" شعار الدورة 13 من "موازين"

ووفقا لقصاصة أوردتها وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية، فإن شعار" اختلافاتنا تجمعنا " يؤطر برمجة غنية ومتنوعة ظلت وفية لأهداف المهرجان الذي يروم إرساء فضاء للتبادل والإنصات إلى عبقريات نجوم وشعوب وتجارب فنية مختلفة.
 
وعلى غرار الدورات السابقة، تتابع الوكالة، تستقبل الرباط نخبة من نجوم الصف الأول في الأغنية العالمية والشرقية والمغربية، بإيقاعات عصرية وتقليدية، فضلا عن ورشات فنية وعروض الشارع ليكتمل مشهد باقة بكل ألوان الطيف.
 
إلى ذلك ينتظر أن يعطي انطلاق فعاليات "موازين" المغني "جستين تمبرليك"   لأمسيات الموسيقى الغربية على منصة السويسي التي تتعاقب عليها أسماء ذائعة الصيت في مقدمتها الفنان الظاهرة "ستروماي" ثم "جايزون ديرولو" و مجموعة "كول أند غانغ" و "روبيرت بلانت" و"ريكي مارتن" ثم النجمة "أليسيا كييز".
 
ويضيف تقرير الوكالة الممجد ل "موازين" بأنه "سيتألق رموز الأغنية الشرقية بمختلف أجيالها وفنونها على منصة النهضة. القيصر كاظم الساهر يجدد علاقته المتميزة بجمهوره في المغرب. في القائمة أيضا نانسي عجرم، كارول سماحة، وائل جسار، ونوال الكويتية، على أن يتوج أمسيات "النهضة" علم كبير في سماء الأغنية الخليجية والعربية، الفنان محمد عبده، صاحب الرصيد الغنائي الحافل.
 
يشار إلى أن المهرجان يعرف أيضا حضور فنانين مغاربة غير أن عددهم يظل قليل جدا مقارنة مع المغنيين الأجانب والمرافقين لهم، كما أن أجور الفنانين المغاربة تبقى أقل بكثير من الأجور الضخمة التي تمنح للفنانين الأجانب، يحدث ذلك في وقت لا يجد فيه فنانين مغاربة كثر ما يدفعون به أجرة الكراء ومواكبة متطلبات الحياة الضرورية.