مقالات مختارة

"الرجولة" على طريقة "برهامى"!

1300x600
كتبت أماني ماجد: يقينا، ومن الوهلة الأولى لم أصدق أن الشيخ الدكتور ياسر برهامى طبيب الأطفال ، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية بالإسكندرية أفتى بأن الزوج يجوز له ترك زوجته ينهشها المغتصبون إذا ظن أن حياته مهددة ، لكننى راجعت نص فتواه ، فوجدت الأمر صحيحا.

فالشيخ برهامى كما قال اعتمد فى فتواه على كلام الإمام العز بن عبد السلام - رحمه الله- في كتابه (قواعد الأحكام في مصالح الأنام)، حينما ذكر وجوب تقديم المال لحفظ النفس، أي أن الرجل  غير مطالب بالدفاع عن ماله أو مقاومة اللصوص إذا علم أنه سيقتل ، بل يترك أمواله ويهرب!  

وما ينطبق على ترك الأموال للصوص والهرب خوفا على الحياة ، ينطبق (للأسف) من وجهة نظر الشيخ على الزوجة أو الابنة، فإذا تعرضت الزوجة للاغتصاب فهى كالمال ، يتركها الزوج للمغتصبين ، ويفر ناجيا بحياته .. ولما لا فإذا فقد المال سيأتى بغيره وإذا اغتصبت زوجته سيتزوج أخرى  حتى لو ظلت على قيد الحياة ! 

الغريب أن الشيخ  برهامى يبرر فتواه باختيار أخف المصيبتين .. فاذا شعر الزوج إنه سيقتل وتغتصب زوجته فلا يجب عليه الدفاع  في هذه الحالة لأن تخفيف إحدى المصيبتين أولى من جمعهما .. "على رأيك يا مولانا .. يعنى موت وخراب ديار" ، هل يقتل الزوج وتغتصب الزوجة ؟  لا يجوز طبعا، بل  الزوج "الشهم" يعيش والزوجة  تغتصب.!! 

ولا أدرى أى مبرر يستند إليه مولانا الشيخ برهامى باستثناء ما نقله عن الإمام العز بن عبد السلام ، وأين هذه الفتوى من حديث الرسول صلى الله عليه  وسلم : "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد".

ولا أعلم أيضاً ماذا يفعل رجل الأمن إذا فوجئ بسيدة غريبة عنه وليست زوجته أو ابنته تغتصب من رجال كثر،  وشعر أنه مقتول مقتول، هل سيفر استنادا إلى فتوى الشيخ، وماذا عن الجندى فى أرض المعركة هل يترك موقعه إذا ساوره الشك بأن الأعداء سيطرحونه أرضا وسيقتل لا محالة ؟ 

وماذا يا مولانا عن أولادنا .. هل نعلمهم الشجاعة والشهامة .. أم النذالة والخسة.. هل أقول لابني اسمع كلام الشيخ برهامى ولا تلتفت الى نص حديث الرسول، هل أقول له يا ابنى أترك زوجتك (لا قدر الله) إذا يعنى شعرت بخطر على حياتك؟ 

هل أقول  لصغيرتى "يا مأمنه للرجال يا مأمنه للميه فى الغربال"، هل أقول لها يا ابنتى لا تكترثى إذا وجدتي زوج المستقبل متبلد المشاعر لا يخاف عليك .. قل لى بالله عليك يا مولانا ماذا أقول لهما؟!  

يا دكتور برهامى  .. الفتوى أمانة يسألك عنها المولى عز وجل يوم القيامة..

يا شيخ برهامى إنك دون أن تشعر تؤسس لمفاهيم وقيم جديدة ..

ترسخ لمعنى مختلف لـ"الرجولة"،ومفهوم جديد لـ"الشهامة" وتفسير جديد للدفاع عن "العرض"،..

فهل الرجولة إذن أن يهرب الزوج ويترك زوجته تغتصب، وهل الشهامة أن يخاف على نفسه ويلوذ بالفرار ، وهل يعنى الدفاع عن العرض ترك الزوجة المسكينة تنهشها كلاب السكك؟ أجب علينا .. يرحمك الله .

بوابة الأهرام