في البداية أعتذر لطلبتي في المدارس والجامعات الذين درستهم في الأردن وخارجها ، لقد كنت أقول لهم - كما في الكتاب المقرر - أن أنواع
الحكم في وطننا
العربي وغيره من دول العالم هي : ملكي وراثي ،وجمهوري حيث ينتخب الحاكم لمدة معينة تحت أي اسم كان ،وقد ثبت عدم صحة هذا القول في وطننا العربي ، وأن العرب اخترعوا نوع ثالث من الحكم ،اسمحوا لي أن اسميه وهو "الجمهورية الملكية " بحيث يبقى الحاكم طيلة حياته ملتصقاً بكرسيه مثبتاً عليها بالمسامير لا يبعده عنها إلا الموت " من العرش إلى النعش " .
هل سمعتم أيها السادة بمصطلح " الرئيس العربي السابق " أنا لم أسمع إلا بالرئيس السوداني " سوار الذهب " ،ورؤساء
لبنان ذات الوضع العربي الخاص ،فكل رؤساءنا إما :ميت ، أو مقتول ، أو مخلوع ، حتى أن الرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي - فك الله أسره - انقلبوا عليه وعزلوه وسجنوه وحاكموه ليحمل لقب الرئيس المعزول .
وأبشركم أيها السادة أننا لم نكتف بالإنجاز السابق في وطنا العربي ، بل أنجزنا يوم أمس إنجاز آخر مميز ، وهو أن وصل إلى الحكم عندنا رئيس من ذوي الاحتياجات الخاصة ،انتخبه شعبة بشفافية مطلقة للمرة الرابعة ،وقد حضر للإدلاء بصوته على كرسي متحرك لأنه تعب فقد تجاوز السبعين من العمر .
وإذا لم يعجبكم أيها السادة تقسيمنا السابق للكراسي العربية ، فهناك تقسيم آخر نشره أحد رسامي الكاريكاتير جزاه الله خيراً ،فقال من خلال رسومه : أن الكراسي العربية ثلاثة : الأول قائم على جثث القتلى وشواهد القبور ،والثاني قائم على بساطير العسكر وفوهات المدافع ، والثالث قائم على كرسي متحرك .
لقد أبدع أسلافنا في تطبيق مبادئ الشورى والعدل والمساواة وزهدوا بالكراسي والمناصب ،ورحم الله الخليفة عمر بن عبد العزيز عندما بكى بحرارة لما جاءته كرسي الإمارة ، أما نحن فكم أبكانا قادتنا حتى وصلوا إلى كرسي الرئاسة ،ولا زالوا يبكونا دماً حتى هذه اللحظة .
لقد أصبح الكرسي في بلادنا باهظ التكاليف ،فأصبحنا نخاف منه ،حتى أنك إذا دعيت إلى مناسبة معينة لا تجلس في الكراسي الأمامية ،وإذا ركبت الباص تفضل الوقوف على الجلوس في الكرسي الأمامي ، اللهم جنبنا شر الكرسي وأصحاب الكراسي ،واجمعنا حول كرسي عرشك يا رب العالمين .