مقالات مختارة

عشر أكاذيب فاضحة في خطاب محمود عباس

1300x600

كتب محمد رشيد:
 
"مازال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا".. حديث نبوي شريف

ليلة أمس الاثنين، وفي اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح بمدينة رام الله، ألقى محمود عباس خطابا من الكذب والدجل والافتراء، وتعرض زورا وتزويرا لرجال رحل بعضهم عن هذه الدنيا، مثل الفقيد الراحل اللواء عمر سليمان وزير المخابرات المصري الأسبق الذي خاض ثلاث حروب في فلسطين، ظانا أن ذلك سيمر مرور الكرام، لإن أولئك الرجال لم تعد لديهم قدرة الرد على ما تفوه به في حقهم .

كما أن عباس تعرض لي ولغيري في ذات الخطاب بالكذب والافتراء، ونسب لنفسه ما ليس فيه طبعا من مزايا الأمانة والشرف والصلابة الوطنية، وهو يعلم بأنه يكذب، ويعلم أيضاً بأن معظم الحضور يعرفون بأنه يكذب، والأدهى من كل ذلك أن الواقع والتواريخ والبيانات تضعه ليس موضع الكذاب المنافق فحسب، بل موضع المتهم، لكنني سأكتفي في هذا الرد السريع بتفنيد بعض محتويات "خطاب الكذب والنفاق" مع وعد أن أعالج كل كذبة من أكاذيبه في مقال مستقل ومفصل.

الكذبة الأولى

يقول عباس في كلمته بأن "لجنة التحقيق في أحداث غزة خلصت إلى نتائج تحمل القيادي محمد دحلان بالضلوع في ذلك السقوط، وأن اللجنة قد أوصت بإقصاء دحلان عن موقع مستشار الأمن القومي"، لكن عباس لا يقول أين هو ذلك التقرير والتوصيات، ولماذا لم يرد لا هو ولا غيره على خطاب محمد دحلان في المؤتمر العام لحركة فتح الذي خصص كله تقريبا لأحداث غزة، بل إن ذلك الخطاب والصراحة التي تحدث بها دحلان كانت أحد أسباب فوزه الساحق في انتخابات اللجنة المركزية، كما أن عباس ينسى بأنه القائل إن " كلا الطرفين على خطأ " وينسى أيضاً بأنه أصدر أوامره إلى حرس الرئاسة وقوات الأمن الوطني بالانسحاب من مواقعهم وعدم خوض معركة الدفاع عن شرعيته!

الكذبة الثانية
 
يقول عباس إن محمد دحلان نفذ اغتيالات بحق مقربين من الزعيم الراحل ياسر عرفات مثل المرحوم هشام مكي لأنه كان يتعرض للأخ محمد وللأخ حسن عصفور ولي، والرد على هذه الكذبة بسيط، أين كنت يا عباس، وأين كانت عدالتك في السنوات التسع الماضية، وكيف لنا أن نصدق من يستبق العدالة ليصدر أحكاما باسمها، وكيف نصدق من يحاول تجنيد الأدلة والشهود بالضغط والإكراه والترغيب ورشاوي الأوسمة، ولماذا يحجز عباس حتى الآن على أملاك وحسابات ورثة المرحوم هشام مكي، إلا إذا كان من باب ابتزازهم واستنزاف إرادتهم!
 
الكذبة الثالثة
 
يقول عباس بأن دحلان عرض عليه أخذ مبلغ 150 مليون دولار من صندوق الاستثمار ومن خلالي ودون علم أبو عمار لتسيير شؤون الحركة، لكن عباس لا يقول بماذا رد هو على اقتراح دحلان! وعباس ينسى أيضاً كما يكذب، لذلك هو ينسى بأن الراحل أبو عمار كان يحفظ الأرقام عن ظهر قلب كما كان يستطيع تمييز الرجال عن غير الرجال، وقد "كرم" عباس وميزه بلقب "كرزاي فلسطين".
 
الكذبة الرابعة
 
 يقول عباس في كلمته بأن الراحل اللواء عمر سليمان "ضغط على دحلان ورشيد" لنبيع أسهم صندوق الاستثمار في شركة أوراسكوم إلى الشريك المصري الأخ نجيب ساويرس، والرجل براء من تلك التهمة، لكن التاريخ يؤكد بأن المرحوم عمر سليمان هو من حسم مسألة تولي عباس رئاسة وزراء السلطة، وأن عباس كان يقدم تقارير منتظمة للراحل الكبير ويسعى إلى لقائه كل أسبوع تقريبا، وهناك واقعة يعرفها عباس وأبو علاء ودحلان الذي كان هو من حمل رسالة عمر سليمان إلى أبو عمار، وفي طريق عودته للقاء أبو عمار اجتمع دحلان مع عباس وأبو علاء في بيت اللجنة التنفيذية بعمان وأبلغهما بما قاله الوزير سليمان.
 
الكذبة الخامسة
 
يقول عباس إن مبلغا قدره 46 مليون دولار اختفى من صفقة أوراسكوم لأنه دفع سمسرة، وهو يعلم أن هذا المبلغ تعثر سداده بسبب قرار محكمة أمريكية تطلب تجاوزه إصدار قرار من القضاء المصري لحماية المبلغ ودافعه، وهذه تفاصيل مثبتة في القضاء المصري وتقارير صندوق الاستثمار ومرجعية كل التفاصيل هو الأخ الدكتور سلام فياض بصفتيه رئيساً للوزراء ورئيساً لمجلس إدارة الصندوق آنذاك، والمشكلة وقعت بعد أشهر من استقالتي من إدارة الصندوق ومع ذلك ساهمت في حلها من خلال ترتيب اجتماع بين نجل عباس والأخ الكريم نجيب ساويرس.
 
الكذبة السادسة
 
في كذبة أخرى يقول عباس "دحلان ورشيد وعصفور ذهبوا إلى السويد للاجتماع مع وفد إسرائيلي قبل اجتماعات كامب ديفيد ومن ثم ذهبوا إلى صائب عريقات وقالوا له إن هناك أفكارا يجب أن تساندنا فيها لإقناع أبو عمار"، وردا على تلك الكذبة أقول بأنني لم أذهب في حياتي إلى السويد، وأن دحلان ذهب إلى السويد برفقة الراحل أبو عمار، والأخ حسن عصفور ذهب في إطار جلسات التفاوض المجازة من الرئيس الراحل وكان ذلك دوما مع الأخ أبو علاء وآخرين.
 
الكذبة السابعة
 
يقول عباس بأنه "تم وضع دحلان وعصفور وأنا بفيلا في كامب ديفيد قريبة من الوفد الاسرائيلي، وأن دحلان كان ينقل رسائل الإسرائيليين إلى أبو عمار دون أن يسمع أبو عمار تلك الآراء مباشرة"، وواضح كم هو كذاب عباس هذا، لأن الأخ حسن عصفور لم يكن يسكن معنا، وسكني والأخ دحلان كان الأقرب لسكن الزعيم الراحل، في حين اختار عباس سكنا بعيدا ليطبخ مؤامراته على أبو عمار، وكنا نتندر على سكنه ونسميه قهوة "البو كمال" لكثر ما كان يشهد من نميمة ومؤامرات.
 
الكذبة الثامنة
 
ويكذب عباس أيضاً ليقول بأنه "كانت هناك شراكة تجارية بين دحلان ورشيد وليبرمان وأرييه درعي"، وهنا الكذبة تبان من حجمها، لكنها تعكس أيضاً جهلا "عباسيا" خطيرا بواقع الأحزاب والشخصيات الإسرائيلية، وعلى أي حال من المفيد تذكير عباس بأنه كان يسعى سعيا وهرولة للقاء "درعي"، بل إنه كان يتمنى الجلوس إليه كما يتمنى اليوم الجلوس إلى ليبرمان، ولأنه شخص مريض بـ "المال " فإنه يعتقد بان أية علاقة يجب أن تكون لأسباب تجارية أو مالية.
 
الكذبة التاسعة
 
لم يستطع عباس أن يكتم غله وحقده على أبو عمار في خطابه أمس، ولام على دحلان ذهابه إلى مصالحة أبو عمار في أغسطس 2004، لكنه لماذا كذب وأخفى ولم يكمل بأنه هو شخصيا لم يجتمع مع الراحل أبو عمار ولم يقابله أو يتحدث إليه وقاطع كافة الاجتماعات الرسمية منذ استقالته من رئاسة الحكومة لغاية اليوم السابق لنقل أبو عمار إلى فرنسا للعلاج، كما أنه لم يكشف عن اجتماعاته السرية مع الإسرائيليين والأمريكيين بهدف تشديد الحصار على أبو عمار وتصفيته نهائيا، وخلاصة المشهد أن أبو عمار رحل وهو راضٍ عن دحلان وغاضب على عباس .
 
الكذبة العاشرة
 
يستمر عباس في الكذب فيقول "أتحدى دحلان أن يقول بأني أرسلت إليه أي شخص للصلح معه"، وأنا أقول له لا داعي لمثل هذا التحدي، فقد أرسلت ثلاثة موفدين خلال فترات متفاوتة ومن بينهم نجلك، وكذلك عضوين من اللجنة التنفيذية للمنظمة وسفيرا عربيا، حتى وإن افترضنا بأن اجتماع عمان بين الأخ سمير المشهراوي والأخوين عزام الأحمد وماجد فرج لبحث هذا الملف لم يكن بقرار منك، فإنه من الكذب أن تدعي بأنه لم يكن بموافقتك الشخصية، وتفاصيل ذلك الاجتماع معروفة للجميع.

هناك طبعا أكاذيب أخرى في ذلك الخطاب، لكن هناك أيضا ما يمكن أن يرقى إلى جرائم جنائية وأخلاقية، لأن عباس عرّض بصورة مقصودة وواضحة سلامة وسمعة مناضلين كبار من حركة فتح إلى الخطر الجسيم، بأن وجه إليهم اتهامات مباشرة وبالأسماء، وتلك سقطات لن تمر دون رد وعقاب.

•الكاتب المستشار الاقتصادي للراحل ياسر عرفات، ويعرف باسم خالد سلام. 

منقول عن موقع "إن لايت برس"