كتاب عربي 21

هل سافر الوفد الرسمي المصري لموسكو للتزحلق على الجليد؟!

1300x600
هكذا "منفذ الانقلاب" في مصر، فهو في كل جولاته وصولاته "كعبد كل على مولاه، أينما يوجهه لا يأت بخير"!



فقد سافر إلى موسكو بزي مدني، وهو الذي لا يزال حتى ساعته وتاريخه وزيراً للدفاع. وكان هذا "الطقم" المختار بعناية، ومن أول الحذاء اللميع انتهاء بربطة العنق، كاشفا عن أن الرجل يقدم نفسه باعتباره مرشحاً رئاسياً، وإن كان المعلن أنه سافر ليبرم صفقة سلاح قيمتها بحسب بعض الصحف الموالية للانقلاب 3 مليارات جنيه. وإحدى هذه الصحف، قالت إن ضمن الصفقة أسلحة خفيفة، علة نحو بدا لافتاً، فالحديث عن الخطوة الجريئة للسيسي، وقيامه بتنويع السلاح، والتصدي للهيمنة الأمريكية، جاء ليوحي أن السيسي سافر في مهمة رسمية، من أجل أن يشتري مسدسات وبنادق. ومن يدري فربما كان من بين الصفقة مسدسات رش الماء، لأن المثل الشعبي في مصر يقول: "رش الماء عداوة"!



من نشروا عن صفقة الأسلحة التي تضم أسلحة خفيفة ربما أردوا التأكيد على مصداقية المنشور لنسلم به، لكن ها هي الفضيحة تتجلى بتصريحات للسفير الروسي بالقاهرة الذي أكد أنه لا توجد صفقة أسلحة وقعت مع الجانب المصري. ليصبح الحديث عن التصدي للهيمنة الأمريكية وسعي وزير الدفاع المصري لتنويع سلاح الجيش المصري، هو كأساطير الأولين!



لقد احتفى إعلام الثورة المضادة في مصر بمحاولات تحرير عبد الفتاح للقرار المصري، بعد أن تبين أن شقيق أوباما من الإخوان، وأن أوباما نفسه من الخلايا النائمة، وأن السيسي عندما انقلب علي حكم جماعة الإخوان المسلمين كان يواجه واشنطن رأساً.



وفي المقابل، ذهبنا نحن لنؤكد على أنه لا قيمة لهذه الصفقة، وأنها لا تعدو أن تكون محاولة لشراء ذمة بوتين بالمليارات الثلاثة، مع أنه كان قد عُرض عليه في بداية الانقلاب تمويل الجيش المصري بـ15 مليار دولار تدفعها المملكة العربية السعودية، "فعاش في الدور" وقال إن القرار الروسي غير قابل للشراء، وفي المقابل قال الانقلابيون في مصر إن بوتين إخوان أيضاً.



وللعلم، أنه في ظل حكم الرئيس محمد مرسي تم رمي عبد الفتاح السيسي، ومحمد إبراهيم وزير الداخلية، بذات التهمة، فكل من لا يقف مع الجبهة الأخرى هو من الإخوان، وعندما انحزت للشرعية ولإرادة الشعب المصري، قال قائلهم أنني من الخلايا النائمة، فاعترفت بأنني المرشد.



الوفد الرسمي المصري، برئاسة عبد الفتاح السيسي وعضوية وزير الخارجية، سافر إلى موسكو للتزحلق على الجليد إذن. فالمهمة التي قيل إنهم سافروا من أجلها كذّبها السفير الروسي بالقاهرة، عندما أكد بأنه لا صفقة للأسلحة بين مصر وموسكو. ويصبح من حقنا أن نتساءل عن الأسباب التي دعت إلى ضم عسكريين للوفد، سافروا مع وزيري الدفاع والخارجية، وشاهدناهم في المطار يشمرون عن سواعدهم، وهم في بلد درجة حرارته تحت الصفر "بمراحل"، وذكرونا في عدم مبالاتهم بالصقيع بزمن "السمن البلدي"؟!



لا أحب أن أكون من الذين يأتون في التافه من الأمور ويتصدرون، فأتساءل عن الجهة التي تحملت نفقات سفر الوفد في طائرة خاصة، وما أنفق يمكن أن يحل مشكلة عدد هائل من المصريين الذين يكملون عشاءهم نوماً، ما دامت الرحلة لم تحقق أي مردود علي المستوى الرسمي، فلا صفقات سلاح، ولا عقود استثمار، ولا حتى الحصول علي مساعدات، ولو كانت ملابس مستعملة. ولغير المتابعين، فقد عشنا ليلة كاملة مع برامج "التوك شو" على فضائيات الثورة المضادة وهي تهتف لإنجازات أهل الحكم التي تمثلت في ملابس مستعملة قادمة من دبي، ما مثّل فضيحة مكتملة الأركان. وأحد مقدمي البرامج كاد ينشد شعراً في نعومة بطانية من بطاطين المساعدات الإماراتية.



السيسي ذهب إذن في مهمة غير رسمية على حساب الدولة المصرية، فقد قدم نفسه لبوتين على أنه مرشح رئاسي. ومن هنا يعد سفر وزير الخارجية ولفيف من العسكريين إساءة للسلطة وانحرافاً بها على نحو يرتقي إلى مستوى الجرم الجنائي، لا سيما في جانبه المالي. فتكاليف هذه الرحلة من خزانة الدولة، وهو تبديد للمال العام في غير أوجه إنفاقه!



رحلة موسكو بالتالي تشبه أن يقرر الوفد الذي سافر أن يقضي وقتاً جميلاً في حديقة الحيوان بالجيزة، فهل تتحمل ميزانية الدولة مثل هذه الرحلات المدرسية؟!



ما علينا، فلم يقف تلفيق جماعة الانقلاب عند الحديث عن صفقة الأسلحة مع موسكو، وإنما امتد ليشمل ارتكاب أخطاء في الترجمة لما قاله بوتين، فاستحق ان نلعنه دبر كل صلاة، باعتباره يتدخل في الشأن المصري وينحاز للانقلاب، ليكتمل به مثلث العداء الغربي لإرادة الشعب المصري، وحقه في تقرير مصيره واختيار حاكمه، وكان هذا المثلث ناقصاً لأحد أضلاعه بجانب ضلعيه الأمريكي والأوروبي!



لقد نصبوا زفة عظمى؛ لأن بوتين يؤيد ترشيح السيسي رئيساً للجمهورية. وقد قال بوتين: "ان ترشحه يجب أن يكون مسؤولاً" فجاءت الترجمة من قبل أهل التزوير: "إن ترشحه سيكون مسؤولاً".



لقد جاءت كلمة الفريق السيسي في حضرة بوتين منسحقة، وكانت صورته وهو مطأطئ الرأس فضيحة لا تليق بكبرياء مصر وشموخها، فاتجهت النية لصنع صورة له وهو يجلس بشكل رسمي مع بوتين وفي كامل أناقته، وبدا واضحاً أنها صورة جرى افتعالها بواسطة "الفوتشوب"، لأنها نشرت بعد أربعة أيام من المقابلة، على نحو يدفع للسؤال: وأين كانت من قبل، ولماذا لم يبثها التلفزيون الروسي والتلفزيون المصري في حينه؟! فهل كانت تائهة في "جيب الزعبوط" الذي أهداه بوتين للسيسي؟.. ومعلوم أن "الزعابيط" تكثر فيها الجيوب، وبعضها يطلق عليه جيوب سرية، وهي تلك التي لا تقع عليها الأعين بسهولة، وتستخدم في إخفاء من يرتدي "الزعبوط" لجزء من المال فيه بعيداً عن المفتش العام الذي هو زوجته.



كانوا يتحسسون موضع أقدامهم وهم ينشرون هذه الصورة، وعندما تعرضوا لسخرية الناس تراجعوا عن اعتمادها رسمياً.



وهكذا يا قراء جاءت سفرة السيسي والوفد الرسمي المصري بلا فائدة تذكر.



فلا صفقة للسلاح وقعت..



ولا تأييدا بالباع والذراع صدر من بوتين



ولا كان في نية السيسي مواجهة الهيمنة الأمريكية بالتوجه شرقاً



ولا موسكو وعدت بمساعدات مالية أو عينية.



فالسيسي سافر إلى هناك طلباً لوساطة بوتين بما له من "دلال" على أوباماً ليؤيده مرشحاً رئاسياً، ويعتمده رسمياً. وأوباما لا يمانع في ترشح السيسي لكن بدون الاعتماد الرسمي، كما أعطى الضوء الأخضر للانقلاب علي السلطة الشرعية في مصر، وظل خطابه عائماً، فلم يجهر بالمعصبة لكنه في الوقت ذاته لم يدن الانقلاب.



لقد ظلمنا الزعيم الروسي بسبب أباطيل جماعة الانقلاب، ولا يمكن لمثلي ان يكابر، وعليه أقول له: "احنا آسفين يا بوتين"، فجماعتنا الذين أساؤوا إليك، كانوا في رحلة مدرسية للتزحلق على الجليد الروسي؟



ما أروعه!