نشرت صحيفة "
الغارديان" اللندنية تقريرا جاء فيه أن الجمعية الأمريكية لأطباء النفس، رفضت معاقبة أحد أعضائها الذين شاركوا في استجواب وتعذيب المعتقلين في سجن
غوانتانامو.
ويشكل قرار عدم اتخاذ إجراءات عقابية ضد جون
ليسو، وهو ضابط احتياط سابق في الجيش الأمريكي برتبة رائد، آخر حالات الامتناع عن معاقبة شخص شارك في
تعذيب المعتقلين في غوانتنامو، لا قضائيا ولا حتى مهنيا.
ففي رسالة بتاريخ 31 كانون الأول/ ديسمبر حصلت "الغارديان" على نسخة منها، قالت جمعية الأطباء النفسيين الأمريكية إنها لم تتمكن "من توجيه تهم رسمية بهذا الشأن، ولذلك فإن ملف الشكوى ضد ليسو أُغلق".
ولم تنكر الجمعية مشاركة ليسو في التحقيق الوحشي مع المشتبه به "العشرين" في أحداث 11 أيلول/ سبتمبر محمد القحطاني، الذي اعتبر مسؤول في البنتاغون يشرف على لجنة التحقيق العسكرية معاملته بأنها "تعذيب".
وقد تم تعريف ليسو في ملفات مسلسل التحقيق مع ليسو التي تم تسريبها ونشرتها مجلة تايم عام 2005 بـ"ماج (الرائد) ل".
وتظهر الملفات أن "ليسو" حضر على الأقل جزءا من فترات التعذيب، حيث كان القحطاني يُعطى الماء عن طريق الشرايين، وكان يمنع من الذهاب لقضاء حاجته حتى يتبول في ملابسه. كما أنه تعرض للموسيقى الصاخبة والحرمان من النوم، حيث كان يُخبَر بأنه "يستطيع الذهاب للنوم عندما يقول الحقيقة.
وفي إحدى حلقات التعذيب، تلقى القحطاني أمرا بأن ينبح كالكلب. وجاء في ملفات التحقيق: "استمرت لعبة الكلب، فاحتج أنه يجب أن يعامل كإنسان، مستدركا بأنه يجب عليه أن يتعلم من يحمي ومن يهاجم مثل كلب.
وفي حلقة أخرى من حلقات التعذيب في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، وكان "ليسو" حاضرا، وتذكر الملفات: "وضع المسؤولُ المعتقلَ على كرسي دوار بناءً على اقتراح "الرائد ل"؛ وذلك لمنعه من النوم، ومنعه من التركيز على نقطة واحدة في الكشك".
وكان قرار الجمعية المذكور محصلة سنوات من الجهود من داخل الجمعية، لجعلها تشجب أعضاءها الذين يشاركون في التعذيب. ويقول المؤيدون لتوبيخ "ليسو" في الجمعية إن قرارها سيفتح الباب أمام الأعضاء للمشاركة في جرائم حرب في المستقبل دون الخوف من عقوبة.
يقول ستيفن ريسنر وهو طبيب نفسي من نيويورك ترشح لرئاسة الجمعية العام الماضي ولم ينجح: "إن الأدلة ضد ليسو كانت واضحة وغير قابلة للجدل، فكان على الجمعية المراوغة بشكل كبير لإغلاق الملف، والسابقة التي حققتها الجمعية هي أنها لن تحاسب أي نفساني في أي ظروف".
وتعتقد ترودي بوند، وهي طبيبة نفسية من من أوهايو، وهي التي رفعت القضية ضد "ليسو"، أن الجمعية بإغلاقها لهذا الملف تبعث برسالة لأعضائها مفادها أن الأطباء النفسيين بإمكانهم خرق لوائح الجمعية؛ في بعض الحالات على الأقل.
ونقلت "الغارديان" عن المسؤولة الإعلامية للجمعية ريا فاربرمان قولها إن التحقيق استغرق سبع سنوات، ولم يتم التوصل فيه لقيام "ليسو" بـ"تصرف لا أخلاقي مباشر".
وأضافت أنه من الخطأ الاستنتاج بأن هذه القضية تعني أن الجمعية تقبل بفكرة الحصانة من العقاب في المهنة.
وأضافت أن المراجعة الدقيقة للمواد المتوفرة وفهمنا للسياسات، يظهر بشكل واضح أن "الجمعية لن تتسامج مع مشاركة المحلل النفسي في التعذيب.
وكشفت الوثائق عن لجنة القوات المسلحة في الكونغرس حول التعذيب تفاصيل عن الدور الذي لعبه "ليسو" في إعداد ملف "السلوك العلمي لفريق الاستشارة" في معتقل غوانتانامو، وأنه لعب دورا مهما في تشكيل أساليب وتقنيات التعذيب التي تم تلقينها للحراس حتى يكون بإمكانهم تحمل المعاملة الوحشية.
أُخفي اسم "ليسو" في التقرير المطول الذي أعدته اللجنة عام 2008. كما ساعد "ليسو" في إعداد مذكرة عام 2002 تحت عنوان "استراتيجيات مكافحة– المقاومة" التي أعدت خصيصا للموظفين في غوانتانامو الذين كانوا يتعرضون لضغوط من مسؤوليهم الكبار للحصول على معلومات من المعتقلين.
وفصّلت المذكرة طرقا عدة لتعذيب السجناء مثل: العزل و"الأوضاع المجهدة"، والحرمان من النوم والتلاعب بالطعام وتعريضهم للبرد. وهاجرت هذه الأساليب من غوانتانامو لاحقا كي تستخدم في سجن أبو غريب عام 2003.
وأوصت "استراتيجيات مكافحة- المقاومة" بالتحكم بالأوضاع المعيشية للمعتقلين خارج غرف التحقيق، مثل تحديد ساعات النوم لـ"الصامدين" منهم بأربع ساعات يوميا، وحرمانهم من "أدوات الراحة" مثل الأغطية والمخدات، والتحكم بحصول المعتقلين على نسخ القرآن واستخدامه.