قالت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية إن مسؤولين استخباراتيين غربيين، بمن فيهم عملاء للاستخبارات الخارجية البريطانية (أم أي-6) زاروا دمشق وتباحثوا مع المسؤولين السوريين حول "سبل التعاون في كبح جماح تدفق المتشددين الإسلاميين من الدول الأوروبية".
ويأتي هذا التطور قبل أيام من انعقاد مؤتمر
جنيف-2 حول سورية. جاء ذلك في تقرير لريتشارد سبنسر مراسل شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة، كشف فيه قيام مسؤولين في الاستخبارات الأوروبية بزيارة دمشق "من أجل التباحث مع نظام
الأسد حول سبل التعاون في مواجهة الجهاديين".
ونقلت الصحيفة ما أوردته تقارير أخرى مثل حديث نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، وتقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال". وقالت الصحيفة إن جهود التعاون الأمني مع النظام يقودها ضابط متقاعد في "أم أي-6"، مع أن المسؤولين في المنطقة نفوا صحة هذه التقارير.
وكان مقداد قد تحدث لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" قائلا إن الدول التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق تحاول استئناف علاقاتها. ويرغب المسؤولون الأمنيون في هذه البلاد بعقد محادثات حول الجهاديين الأوروبيين. وعندما سئل إن كانت
بريطانيا من ضمن الدول قال "لا يمكنني التفصيل، ولكن الكثيرين منهم زاروا دمشق".
وتقول الصحيفة إن المسؤولين الأمنيين "التقوا بعلي مملوك، المستشار الأمني للرئيس بشار الأسد رغم وجود اسمه على القائمة السوداء التي وضعها الإتحاد الأوروبي لمسؤولين في النظام السوري".
ويتحدث التقرير عن التطورات الأخيرة في الحرب السورية التي بدأت بالمطالبة بالإصلاح وإنهاء حكم 40 عاما للأسد، ثم تحولت إلى ثلاثة حروب في حرب واحدة، وقتل في الفترة الأخيرة 700 في شمال سورية جراء المواجهات بين الدولة الإسلامية في العراق والشام والجماعات المقاتلة الأخرى.
وتعتبر الدولة الإسلامية من أكثر الجماعات المقاتلة جذبا للجهاديين الأجانب. وأعربت الكثير من الدول الأوروبية عن مخاوفها من عودة هؤلاء بعد انتهاء الحرب إلى بلادهم وتنفيذ عمليات إرهابية.
وبحسب تقرير "وول ستريت جورنال"، فقد زار مسؤول أمني بريطاني متقاعد دمشق الصيف الماضي، وتبعه مسؤول من فرنسا وألمانيا في نهاية العام، فيما لم يشارك الأمريكيون بعد.
وفي تعليق على الإتصالات الغربية مع النظام قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه لا يعرف شيئا عن ذلك، موضحا وهو "بالتأكيد ليست برعايتنا".
وتقول الصحيفة إن مصادر غربية شككت في التقارير، خاصة في الدور البريطاني. وقال أحدها "لم تكن هناك أية اتصالات".
ويعلق التقرير الصحافي على ذلك بالقول "ستؤكد التقارير تطابق تقارير أوروبية أخرى مخاوف المعارضة السورية التي تحدثت بشكل منتظم عن تعامل أمريكيا، بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى مع وضع سيظل فيه الأسد في السلطة، أقله في المستقبل القريب".
وفي نفس السياق قالت صحيفة "إندبندنت" إن اللقاءات تتركز على تبادل المعلومات الأمنية بين الدول الأوروبية وسورية حول 1200 مقاتل من هذه الدول. ونقلت عن مفوضة الإتحاد الأوروبي للشؤون الأمنية سيسليا مالمستروم قولها "يسافر الأوروبيون إلى الخارج، ويتدربون على القتال في محاور الحرب ويصبحون أكثر تشددا أثناء ذلك".
وأضافت أن "بعض هؤلاء قد ينضمون إلى جماعات لها أجندة إرهابية، ولأنهم تدربوا وعركتهم الحرب فقد يشكلوا خطرا على أمننا عندما يعودون من محاور الحرب، وعلى المدى البعيد قد يلعبون دور المحفز للإرهاب".
وتقول الصحيفة إن التحدي الأكبر للدول الأوروبية يتركز على كيفية منع الشباب من السفر إلى سورية، كما يجب على الدول الأوروبية اتخاذ قرار حول الكيفية التي سيتعاملون من خلالها مع العائدين منهم.
وتقترح مالمستروم إنشاء برامج دعم لهم لتخفيف حدة التشدد. وفي الوقت الحالي فإن هذه البرامج ليست موجودة إلا في عدد قليل من الدول الأوروبية. وخصص الإتحاد الأوروبي مبلغ 20 مليون يورو لإنشاء مركز لمكافحة التشدد، والذي سيقوم بجمع المعلومات والخبرات من دول الإتحاد الأوروبي الـ28.
ومن الإجراءات الأخرى المطروحة على بساط البحث؛ التعاون مع المجتمعات المحلية والقادة الدينيون لتحديد المتشددين المحتملين، وتشديد الجهود من أجل التخلص من المواد الدعائية التي تضعها الجماعات الجهادية على الإنترنت.
وتقول مالمستروم إنها أيضا قلقة من تصاعد اليمين المتطرف في اليونان وهنغاريا.
وتقول الصحيفة إنه على الرغم من الوعي العام بالظاهرة، إلا أن عدد المتطوعين من أوروبا لم يتوقف.
ويعتبر رقم 1200 حسب الإتحاد الأوروبي متواضعا، وبحسب مركز دراسة التطرف في لندن، فالعدد يقارب 1900 والعدد مرشح للزيادة حتى يتم التوصل إلى حل سياسي للحرب التي مضى عليها أكثر من ثلاثة أعوام.