مقالات مختارة

هل نحترم الدستور‏?‏

1300x600
سينجج المصريون في اختبار الاستفتاء الذي بدأ أمس ويتواصل اليوم‏.‏ فهم يعرفون في الأغلب الأعم أن التصويت بنعم يمثل خطوة إلى
الأمام‏.‏

ولكن المهم هو أن تنجح سلطات الدولة في الاختيار الأصعب الذي يبدأ فور إقرار الدستور, وهو الالتزام به وعدم مخالفته. فلا قيمة لدستور ما لم تحترمه السلطة. وهذا هو الفرق بين دولة دستورية وأخرى لا دستورية.

في الدولة غير الدستورية, يستطيع الحاكم مخالفة الدستور وانتهاكه متى يشاء, كما يمكنه تعديل ما لا يعجبه فيه حين يرغب. ولذلك كان سهلا أن يقوم الرئيس الأسبق أنور السادات بتعديل المادة76 في دستور1971 بشأن ولاية رئيس الجمهورية لتصبح هذه الولاية مددا لا نهائية بدلا من مدتين. ولم يتطلب الأمر أكثر من ساعة من الزمن وحفنة من المهللين والراقصين للعصف بإحدى أفضل المواد في ذلك الدستور.

وكان هذا سهلا في غياب ثقافة دستورية تمكن أغلبية الناس من إدراك قيمة الدستور, وبالتالي حمايته والتصدي لمخالفته. وهذا هو ما ينبغي أن نضعه في اعتبارنا بحيث لا يكون الاستفتاء نهاية الحوار المجتمعي الذي لم يتوفر له وقت كاف في الأسابيع الماضية. ولذلك وجب علينا أن نواصل هذا الحوار في الشهور القادمة سعيا إلى نشر الثقافة الدستورية في المجتمع.

فهذه الثقافة هي التي تضع حدا للميل المتواصل إلى انتهاك الدستور وتجعل المخالفات التي حدثت لبعض مواده هي الأخيرة من نوعها. فقد استبق من لا يرعون للدستور حرمة إقراره بمخالفات لبعض نصوصه آخرها عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحاسبة على تسجيل مكالمات وبثها بدون أمر قضائي في انتهاك فاضح للمادة 57 التي تحظر حتي مراقبة المحادثات الهاتفية إلا بأمر قضائي مسبب.

وقد سبق ذلك إصدار قانون يفرض الحصول على تصريح مسبق للتظاهر بالمخالفة للمادة 73 التي تجعل هذا التظاهر بالإخطار كما رفضت وزارة التضامن الاجتماعي تأسيس جمعية لبعض الإخوان المنشقين بالمخالفة للمادة 75 التي تكفل تأسيس الجمعيات بالإخطار أيضا.

فلتكن هذه المخالفات هي الأخيرة إذا أردنا احترام الدستور الذي ندعو المصريين المحبين لوطنهم إلى المشاركة في الاستفتاء عليه.

(الأهرام)