شكّل
إعلان الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب عن خطته لتهجير الفلسطينيين من غزة، "حبة
النشوة" التي لم يكن
اليمين الإسرائيلي يعرف أنه يحتاج إليها، والجرعة التي
كان يريد أن يتناولها. وفيما ركض بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة لمدح صديقه الحقيقي
في البيت الأبيض، فقد أعلن رئيس الكنيست أمير أوحانا أننا أمام "فجر يوم
جديد"، أما إيتمار بن غفير وبيتسلئيل سموتريتش فسارعا لإحضار الشمبانيا
والكؤوس لشرب نخب الانتصار.
وأكد
دان بار-نير، المستشار السياسي السابق، والمتخصص بدراسات الشرق الأوسط، أن
"ردود الفعل في صفوف المعارضة على خطة ترامب تراوحت بين التلعثم والصمت، وكتب
زعيم المعارضة يائير لابيد على "فيسبوك" أن "هذا كان مؤتمرا صحفيا جيدا
لإسرائيل"، أما وزير الحرب ورئيس الأركان الأسبق بيني غانتس فكتب أن الفكرة
"ستصمد أمام اختبار الواقع".
وأضاف
في مقال نشره موقع
زمن إسرائيل، وترجمته "عربي21" أن "رئيس الحزب
الديمقراطي يائير غولان أعلن أنه فهم من تصريحات ترامب أن "جميع المختطفين
يجب أن يعودوا الآن، فيما غضبت زهافا غالؤون رئيسة حزب ميرتس السابقة عندما سمعت
أن معارضة الترحيل تنبع من حقيقة أنه غير عملي، وليس أنه غير أخلاقي".
وأوضح
أنه "عندما ننظر للابتهاج بين الائتلاف وأنصاره مقابل التذبذب بين ممثلي
المعارضة التي تدّعي خلق بديل للحكومة، فربما يكون هناك سبب وراء نشر أن 70% من
الجمهور يؤيد فكرة ترامب، وأن هناك دعما شبه توافقي له. صحيح أنه تم انتخاب الرئيس السابع
والأربعون للولايات المتحدة بأغلبية أصوات الأمريكيين، لكنه في واقع الأمر يتمتع
بشعبية أكبر بكثير بين الإسرائيليين، وفي استطلاعات مختلفة أجريت بينهم، أعرب
60- 70% منهم عن تأييدهم له، مقارنة بـ53% من الأمريكيين، ويشعرون بأنه "جيد
لإسرائيل".
وأوضح
أن "هذا التأييد الاسرائيلي الجارف لترامب يعود للدعم الشعبي الذي يقدمه
لمصلحتهم، والخط العدواني الذي يتخذه ضد إيران ووكلائها، وفي عالم يشعرون فيه بأن
دولتهم معزولة في الساحة الدولية، لا يُنظر لتصريحات ترامب على أنها منارة ضوء في
نهاية النفق، بل أنها قوس قزح في يوم شتوي كئيب ممطر".
واستدرك
بالقول إنه "رغم كل ذلك، فإن فكرة ترامب بتفريق الفلسطينيين في دول العالم
العربي ليست فكرة سيئة من الناحية النظرية فحسب، بل فاشلة تاريخياً، لأن الملايين
منهم فرّوا بالفعل إلى بلدان أخرى بعد حرب النكبة، خاصة سوريا ولبنان والأردن والضفة
الغربية الخاضعة آنذاك لسيطرة الاحتلال".
وأكد
أنه "في ظل الفقر والإهمال والشعور بالانتقام من الاحتلال، أصبحت مخيمات
اللاجئين حاضنة للمقاومة، وقد عانى منها الاحتلال على مدى عقود من الزمن بسبب
هجماتها المنطلقة من لبنان والأردن".
وقال: "إننا اليوم نشهد التأثير المتطرف المناهض للاحتلال القادم من مسلمي أوروبا،
كما أن المظاهرات الضخمة المؤيدة لغزة وحماس، والعنف المنظم ضد الإسرائيليين،
ومطاردة الجنود المسرّحين في الخارج، كلها أسباب تثير تساؤلات حول جدوى خطة تهجير
ملايين الفلسطينيين في الشرق الأوسط ودول العالم، حتى قبل المناقشة الوهمية حول
قضية طردهم من ديارهم دون أن يتحول ذلك إلى مذبحة جماعية".
وخلص
الى القول إن "أي زعيم إسرائيلي مهتم بتشكيل الحكومة المقبلة يجب أن يفهم
أمراً واحداً، أن كل ما يتصل بمستقبل غزة بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر، لن
يناقش الجمهور الإسرائيلي القضايا الأخلاقية، لأنه غير مبالٍ بالمعاناة في غزة،
لأنه يبحث عن الحلّ الأمني فقط، وسيتبع من يقدّمه، بغض النظر عن مدى أخلاقيته".