سياسة دولية

روسيا وبيلاروسيا توسّعان نفوذهما في ليبيا.. اتفاقات عسكرية مع حفتر

تواصل روسيا تعزيز مصالحها في ليبيا - جيتي
نشر موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي تقريرا تحدث فيه عن تصاعد النفوذ الروسي والبيلاروسي في ليبيا مع حصول خليفة حفتر على دعم غير مشروط من ألكسندر لوكاشينكو خلال زيارته إلى بيلاروسيا مقابل السماح بإنشاء قاعدة عسكرية مشتركة في طبرق لتعزيز الوجود الروسي في المنطقة.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن روسيا وبيلاروسيا تواصلان توسيع نفوذهما وحضورهما العسكري في منطقة برقة الليبية. وفي إطار زيارة غير مسبوقة إلى مينسك في 17 فبراير/شباط الماضي، حصل الجنرال خليفة حفتر على تأكيد من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو حول الاستعداد الكامل لبلاده لتعزيز التعاون الثنائي بين مينسك وطبرق "بجميع الطرق الممكنة"، خاصة في المجال العسكري.




ووفقًا لبنود الاتفاق، التي كشف عنها قسم "أتلانتيدي" على موقع الأنباء الإيطالي "أجينسيا نوفا" فإن الوعد الذي قدمه حفتر مقابل ذلك لكل من لوكاشينكو وبوتين يتمثل في السماح بإنشاء جيب عسكري صغير داخل أراضي مدينة طبرق، حيث ستتمركز بشكل دائم وحدة عسكرية روسية وبيلاروسية.

وأوضح الموقع أن تزايد الوجود العسكري الروسي في شرق ليبيا ليس بالأمر الجديد على الإطلاق، بل هو امتداد لديناميكية تاريخية ازدادت حدتها مع التغيرات في موازين القوى التي شهدتها سوريا خلال الأشهر الأخيرة. فمنذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، لوحظ مرارًا وتكرارًا كيف أن روسيا، بعد فقدانها لحليف استراتيجي مع سقوط الأسد، بدأت إعادة النظر في استراتيجيتها الجيوسياسية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، من خلال نقل مركز ثقل مصالحها من سوريا إلى شرق ليبيا عبر سلسلة من الجسور الجوية العسكرية التي رصدها موقع "إيتاميل رادار" بين القاعدة الجوية السورية في حميميم ونظيرتيها الليبيتين في الخادم والجفرة.

الارتباط بمنطقة الساحل

تعكس التطورات الأخيرة إعادة تموضع روسيا استراتيجيًا بعد تراجع نفوذها وقوتها في سوريا، حيث تخوض حاليًا مفاوضات مع الحكومة الجديدة برئاسة الشرع بشأن استمرار وجود قواعدها العسكرية في دمشق. وفي هذا السياق، أعادت موسكو تقييم أولوياتها الجيوسياسية، مركزة اهتمامها على ليبيا كجزء من خطة أوسع لتعزيز حضورها في أفريقيا وترسيخ نفوذها في المنطقة. وقد أفاد موقع "ليبيا أوبزرفر" مؤخرًا بأن موسكو حصلت على امتياز جديد من المشير خليفة حفتر يتيح لها الاستخدام الحصري لقاعدة عسكرية أخرى ذات موقع استراتيجي، وهي قاعدة معطن السارة الواقعة على الحدود مع تشاد والسودان.



وذكر الموقع أن زيادة الوجود والتنسيق العسكري الروسي في شمال أفريقيا تتيح لموسكو إنشاء رابط لوجستي مع منطقة الساحل، حيث يزداد نفوذها بشكل متسارع بفضل سلسلة من الاتفاقيات السياسية والتجارية والعسكرية التي تحظى بدعم الحكومات المحلية، مثل حكومة مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو.

وتشهد المنطقة نشاطًا ملحوظًا لمجموعة "أفريكا كوربس" الروسية شبه العسكرية (المعروفة سابقًا باسم مجموعة فاغنر)، التي اكتسبت أهمية مركزية أكبر ضمن الأهداف الاستراتيجية الروسية، فضلًا عن تعزيز قدراتها العسكرية بعد إعادة الهيكلة التي أعقبت وفاة زعيمها السابق بريغوجين أولًا، ثم سقوط الأسد لاحقًا. وأكد تحقيق حديث نشره موقع "أفريكا ريبورت"، استنادًا إلى تحليل صور الأقمار الصناعية وشهادات شهود عيان، أن روسيا توسّع سيطرتها ونفوذها العسكري بشكل متزايد، قاعدة بعد أخرى، سواء في جنوب ليبيا أو داخل الأراضي التشادية.

بالتزامن مع الانسحاب الجزئي للقوى الأوروبية الأطلسية من أفريقيا، تواصل روسيا تعزيز مواقعها تدريجيًا في هذه المنطقة الجغرافية من القارة الأفريقية، التي تعد حاسمة من حيث زيادة نفوذها وفعاليتها على الأرض، وأيضًا لتأسيس نقطة ارتكاز للسيطرة والمراقبة عند أبواب البحر الأبيض المتوسط وحلف شمال الأطلسي. في هذا السياق، يظهر الدور الإيطالي ضعفًا كبيرًا في القدرة على تقديم أي مبادرة سياسية فعالة تهدف إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا، التي تظل منطقة استراتيجية بالنسبة لروما ولمصالحها.