صحافة دولية

مركز روسي: هل يصبح "رجل ترامب" بابا الفاتيكان القادم؟

طالب بيرك البابا فرانسيس سابقا بتوضيح موقف الفاتيكان من المثلية والإجهاض - جيتي
نشر موقع "المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات" تقريرا سلط خلاله الضوء على هوية بابا الفاتيكان الجديد في ظل ما تداولته وسائل الإعلام الإيطالية خلال الأيام الماضية حول إصابة البابا فرنسيس بمرض خطير ألزمه العلاج بالمستشفى، موضحا أن أحد المقربين من الرئيس الأمريكي ترامب قد يكون على رأس الفاتيكان خلال الفترة القادمة.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الفاتيكان أعلن مساء الثلاثاء الماضي أن التصوير المقطعي الذي خضع له البابا فرنسيس كشف عن "بداية التهاب رئوي ثنائي". كما نقل عن صحيفة "بليك" السويسرية قولها في وقت سابق إن مصادر من الحرس السويسري الذي يتولى الأمن في الفاتيكان منذ سنوات عديدة، أكدت أن الاستعدادات لجنازة البابا بدأت بالفعل، لكن متحدثا باسم الحرس السويسري نفى تلك الأخبار.

ونشرت صحيفة الفاتيكان "أوسيرفاتوري رومانو" بيانا مطمئنا ذكرت خلاله نقلا عن القسم الصحفي في الفاتيكان، أن صحة البابا شهدت "تحسنا طفيفا" يوم الجمعة. وفي المقابل، ذكرت صحيفة "جورنالي" الإيطالية في 22 شباط/ فبراير، نقلاً عن مصادر طبية، أن حالة البابا حرجة.

وضع متأرجح

أوضح الموقع أن تدهور صحة البابا أثار نقاشا في إيطاليا حول صعوبة استئناف مهامه بشكل طبيعي في حال تعافيه، وإمكانية تنحيه عن منصبه. 

وقد كشف الكاردينال البارز في الفاتيكان جان فرانكو رافازي عن احتمال تنازل البابا فرنسيس عن الكرسي الرسولي. ونقلت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية عن رافازي قوله: "أعتقد أنه قد يفعل ذلك، لأنه شخص حاسم جدًا في قراراته".



ورجّح الكاردينال رافازي احتمال تنحي البابا فرنسيس عن منصبه في حال أدرك أن "قدرته على التواصل المباشر مع الناس وإمكانية التفاعل معهم أصبحت مهددة".

وقد أشارت صحيفة "جورنالي" إلى أن البابا فرنسيس كان قد وقّع في بداية مهامه على رأس الفاتيكان في 2013، رسالة تتعلق بتخليه عن منصبه في حال إصابته بمرض أو وجود أي عائق يمنعه من ممارسة مهامه بالشكل الأمثل. 

المرشح الأقرب للمنصب

أوضح الموقع أن وسائل الإعلام بدأت خلال الأيام الماضية بتسليط الضوء على الوجوه المرشحة لتقلد منصب رئيس الكنيسة الكاثوليكية، في ظل الحالة الصحية الحرجة للبابا فرنسيس.

وقالت صحيفة "نيويورك بوست" إن الكاردينال بييترو بارولين، الذي يشغل حاليا منصب أمين سر دولة الفاتيكان، يعدّ أحد أبرز المرشحين المحتملين لتولي المنصب. وقد وُلد بارولين سنة 1955 في مقاطعة فيتشنزا شمالي إيطاليا، وعقب تخرجه من المعهد اللاهوتي في فيتشنزا، عُين عام 1980 كاهنا مساعدا في أبرشية الثالوث الأقدس بمدينة سكيو شمالي إيطاليا.

بعد ذلك، التحق بارولين بـ"الجامعة الغريغورية الحبرية" في روما، وفي سنة 1983 التحق بـ"الأكاديمية الكنسية الحبرية" التي تهيئ القساوسة للعمل في السلك الدبلوماسي للكرسي الرسولي. وفي سنة 1986، أُرسل إلى السفارة البابوية في نيجيريا، ثم إلى المكسيك.

في تسعينيات القرن الماضي شغل بارولين منصبا في الكوريا الرومانية (الجهاز الإداري والتنفيذي والاستشاري الذي يساعد بابا الفاتيكان على إدارة مهامه المختلفة)، وتحديدًا في قسم العلاقات مع الدول، حيث أشرف على العلاقات مع إسبانيا وإيطاليا وأندورا وسان مارينو. وفي الفترة ما بين 2002 و2009، شغل منصب نائب أمين سر الفاتيكان للعلاقات مع الدول.



وأضاف الموقع أن البابا فرنسيس عيّن بارولين في آب/ أغسطس 2013 في منصب أمين سر دولة الفاتيكان، وهو منصب يعادل رئيس حكومة الفاتيكان ورئيس الكوريا الرومانية. 

انقسام داخل الفاتيكان

ذكر الموقع أنه في حالة وفاة البابا أو الاستقالة من مهامه، يتولى مجمع مغلق اختيار البابا الجديد في اجتماع للكاردينالات، وهو عبارة عن خلوة انتخابية لاختيار أحد المرشحين.

وحسب الموقع، ينقسم الفاتيكان حاليا إلى تيارين سياسيين رئيسيين، الليبراليون الذين ينتمي إليهم البابا فرنسيس، والمحافظون. وقد شهدت السنوات الأخيرة صراعا متفاقما بين التيارين بعد نشر مذكرات البابا بنديكتوس السادس عشر، والتي تضمنت انتقادات حادة للعديد من إصلاحات البابا فرنسيس.

وقد ردّ البابا فرنسيس على تلك الخطوة بتطهير مجلس الكرادلة من خصومه المحافظين. وفي الوقت الراهن، يضم المجلس 142 كاردينالا عيّنهم البابا فرنسيس بنفسه من مجموع 253، من بينهم 113 كاردينالًا مؤهلا للمشاركة في انتخاب البابا الجديد.

"رجل ترامب"

أوضح الموقع أنه يوجد إلى جانب بييترو بارولين، مرشح بارز آخر لمنصب البابا، وهو الكاردينال الأمريكي ريموند بيرك، الذي يحظى بدعم قوي من أنصار الرئيس دونالد ترامب.

ووفقا للموقع، يُعد بيرك من المحافظين الأشد تطرفًا في الكنيسة الكاثوليكية، وعُرف منذ سنوات بمعارضته الشديدة لسياسة البابا فرنسيس. وتتعلق أبرز نقاط الخلاف بينهما بمواقف الكنيسة من الإجهاض والمثلية الجنسية والطلاق. 

وذكر الموقع أن الأساقفة المتشددين يرون أن إجراءات البابا فرنسيس في هذه القضايا الحساسة غير صارمة، وهو ما أثار استياء التيار المحافظ داخل الكنيسة الكاثوليكية، مضيفا أن المحافظين يشعرون بالقلق أيضا إزاء نهج البابا الليبرالي في تعزيز الحوار بين الأديان. 

وفي أيلول/ سبتمبر سنة 2016، أرسل بيرك مع مجموعة من الكرادلة رسالة رسمية إلى البابا فرنسيس، طالبوا خلالها بتوضيح موقف الفاتيكان من قضايا الطلاق والمثلية الجنسية، وهي سابقة غير مألوفة في تاريخ الكنيسة خلال القرون الأخيرة وفقا للموقع.

وأوضح الموقع أن الإدارة الأمريكية الجديدة تجمعها علاقات وثيقة بالتيار المحافظ في الفاتيكان، وكان بيرك همزة الوصل لتعزيز هذا التقارب. 




وقال الموقع إن ترامب وإدارته الحالية يرون أن الكنيسة تمثل حليفًا قويًا في الحرب ضد الأيديولوجية الليبرالية للحزب الديمقراطي، كما أن الولايات المتحدة تسعى للحفاظ على علاقات جيدة مع الفاتيكان، لا سيما أن عدد رعايا الكنيسة الكاثوليكية يبلغ 1.27 مليار شخص حول العالم، مما يجعلها قوة مؤثرة. كما يشكل الكاثوليك نسبة كبيرة داخل القاعدة الانتخابية الأمريكية. في المقابل، يحتاج الفاتيكان بدوره إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة التي تحتل المرتبة الرابعة عالميًا من حيث عدد الكاثوليك.  

خلافات فرنسيس وترامب

أضاف الموقع أن البابا فرنسيس لم يُبدِ حماسًا كبيرًا تجاه ترامب حتى وقت قريب، ولم يكن يعتبره "مسيحيًا صالحًا" بسبب سياسته بشأن الهجرة ورغبته ببناء جدار فاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك الكاثوليكية، لكن موقفه تجاه الرئيس الأمريكي اتسم مؤخرا ببعض المرونة، مع استمرار الخلافات في عدد من القضايا مثل الهجرة.

وقد صعّد الرئيس الأمريكي إجراءاته ضد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة، بينما دعا البابا في أكثر من مناسبة إلى استقبال المهاجرين لأسباب إنسانية. 

وفي ختام التقرير، اعتبر الموقع أن تنحي البابا فرنسيس عن منصبه لأي سبب، ينذر باحتدام الصراع على السلطة داخل الفاتيكان، بينما تهتم العديد من الأطراف في أنحاء العالم بماهية البابا القادم الذي سيتولى القيادة الدينية لأكثر من مليار كاثوليكي.