سياسة دولية

روسيا تسابق الزمن للحاق بركب الذكاء الاصطناعي وسط تحديات العقوبات الغربية

يرى الخبراء أن روسيا لا تزال متأخرة عن الولايات المتحدة والصين في سباق الذكاء الاصطناعي- الأناضول
في ظل احتفاظ الولايات المتحدة بصدارة قطاع الذكاء الاصطناعي عالمياً، تعمل روسيا على تسريع خطواتها للحاق بالركب، مستهدفة تحقيق مساهمة تصل إلى 110 مليارات دولار في اقتصادها من هذا القطاع بحلول عام 2030.

وكشف تقرير صادر عن جامعة "ستانفورد" الأمريكية لعام 2024 أن الذكاء الاصطناعي تجاوز القدرات البشرية في بعض المجالات الأساسية، ما أدى إلى زيادة إنتاجية العمال وتحسين جودة الوظائف، فضلا عن تقليص فجوة المؤهلات بين المستويات التعليمية المختلفة.

وأشارت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستينا جورجيفا، خلال منتدى "دافوس" في 22 كانون الثاني /يناير الماضي، إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي ارتفع إلى 60 بالمئة في الاقتصادات المتقدمة، و40 بالمئة في الاقتصادات النامية.

ومن المتوقع أن يصل الحجم الاقتصادي لهذا القطاع إلى 400 مليار دولار هذا العام، في حين تواصل الولايات المتحدة ريادتها عبر شركات عملاقة مثل "غوغل" و"أوبن إيه آي" و"أمازون" و"إنفيديا" و"ميتا".

وفي المقابل، بدأت الصين تلفت الأنظار بتطويرها تطبيقات قوية مثل "ديب سيك"، الذي بات يشكل تحديا للهيمنة الأمريكية في المجال.

ورغم تركيز النقاش حول الذكاء الاصطناعي على الولايات المتحدة والصين، إلا أن روسيا تتقدم بخطوات واسعة من خلال شركات بارزة مثل "سبيربنك" و"ياندكس".

وتهدف موسكو إلى تعزيز قدراتها في الذكاء الاصطناعي عبر مشاريع متعددة، حيث أطلقت شركة "سبير" نظام "غيغاشات" للإدارة العامة، والذي يساهم في تحسين الكفاءة في الخدمات العامة.

وكشفت "ياندكس" عن الجيل الرابع من "ياندكس GPT"، بينما تعمل شركات أخرى مثل "تي بانك" و"إم تي إس" و"في كي" على تطوير الشبكات العصبية الاصطناعية.

وفي قطاع النقل، بدأت اختبارات القيادة للجرارات ذاتية القيادة على طريق موسكو-سانت بطرسبرغ، باستخدام أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة لتصميم أجزاء المعدات.

وفي إطار استراتيجية رسمية وقعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تسعى روسيا إلى إتمام منصات رقمية متكاملة في مجالات الرعاية الصحية والصناعة والنقل والإدارة العامة بحلول 2030، بالإضافة إلى زيادة عدد خريجي الجامعات المتخصصين في الذكاء الاصطناعي من 3 آلاف إلى 16 ألفا سنويا.

ورغم طموحاتها الكبيرة، تواجه روسيا عقبات رئيسية، أبرزها العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب حربها على أوكرانيا، والتي تؤثر بشكل مباشر على وارداتها الحيوية من الرقائق الإلكترونية والأجهزة اللازمة لتطوير الذكاء الاصطناعي.

وللتغلب على هذه التحديات، تحاول موسكو تأمين احتياجاتها عبر دول وسيطة مثل الصين، إضافة إلى تقديم حوافز داخلية مثل قروض الإسكان منخفضة الفائدة للعاملين في قطاع التكنولوجيا، وبرامج تدريب مجانية في مختلف المدن، خاصة في موسكو.

و أطلقت روسيا "شبكة تحالف الذكاء الاصطناعي" داخل مجموعة "بريكس"، التي تضم دولا مثل الصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا.

وأصدر بوتين تعليماته للحكومة و"سبير" لتعزيز التعاون مع الصين في هذا المجال.

ويرى الخبراء أن روسيا لا تزال متأخرة عن الولايات المتحدة والصين في سباق الذكاء الاصطناعي، حيث يحدّ نقص التعاون الدولي بسبب العقوبات، إلى جانب قلة الكوادر المتخصصة، من فرصها في المنافسة خلال السنوات المقبلة.

ومع التطور السريع لأنظمة الذكاء الاصطناعي، فقد بات هذا القطاع أحد أبرز العوامل التي ستغير أنماط الحياة والاقتصاد العالمي، ما يدفع الدول الكبرى، بما فيها روسيا، إلى بذل جهود استثنائية لضمان موطئ قدم قوي في هذا المجال.