أعلن الجيش
التشادي انتهاء هجومه المضاد على تنظيم "
بوكو حرام" في منطقة بحيرة التشاد، مؤكدا القضاء بشكل كامل على هذه المجموعة.
وقال المتحدث باسم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التشادية الجنرال شنان إسحاق خلال مؤتمر صحفي، إن الهجوم أسفر عن مقتل "297 إرهابيا" مقابل مقتل 27 تشاديا، 24 منهم جنود و3 مدنيين، إضافة إلى 41 جريحا.
وأشار إلى أن القضاء على بوكو حرام بشكل نهائي في المنطقة تم من خلال عملية "حسكنيت" التي بدأت 27 أكتوبر 2024 بقيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة التشادية المشير محمد إدريس ديبي إتنو رئيس الجمهورية.
وأضاف: "لقد تمكنت القوات المسلحة التشادية من قتل 297 من جماعة بوكو حرام خلال عملية حسكنيت التي أعلنتها الدولة بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له القوات المسلحة التشادية بالمنطقة والتي قادها شخصيا المشير محمد إدريس ديبي إتنو رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة التشادية بجانبه القائد العام للقوات المسلحة الفريق أبكر عبد الكريم داوود، وعدد من قيادات وجنود الجيش الوطني التشادي".
وأوضح المسؤول العسكري، أن العمليات الجوية والبرية المختلفة التي أطلقها الجيش التشادي "بشكل متزامن وبفعالية"، استهدفت "الخطوط الأمامية والقواعد الخلفية لهؤلاء الإرهابيين".
وتابع: "عملية حسكنيت، تمت برا وجوا وبحرا، حيث حاصرت جميع مناطق الإرهابيين بمنطقة بركارام، وخلال ذلك تمت مصادرة عدد كبير من مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة وزوارق مجهزة".
وكان الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي إتنو، أشرف لمدة أسبوعين في بحيرة تشاد على إطلاق عملية عسكرية عرفت باسم "حسكنيت"، وذلك بعد هجوم لجماعة بوكوحرام أواخر شهر أكتوبر الماضي خلف مقتل 40 جنديا.
هجمات "بوكو حرام"
وتعرضت تشاد على مدى الأشهر الأخيرة، لهجمات من "بوكوحرام" وكانت أعنف الاشتباكات تلك التي وقعت يوليو الماضي، في جزيرة كاريا في شمال غرب كايغاكيندجيريا في إقليم بحيرة تشاد، وتمكن خلالها الجيش التشادي من قتل 96 من عناصر "بوكوحرام" فيما قتل 15 جنديا تشاديا وأصيب العشرات في المعركة.
كما شن مقاتلو الجماعة أواخر يوليو الماضي هجوما على قاعدة عسكرية في منطقة بحيرة تشاد أسفر عن سقوط نحو 40 قتيلا، وفق السلطات المحلية.
رسائل الإعلان التشادي
ويرى المحلل السياسي المتابع للشأن الأفريقي، الولي سيدي هيبه، أن إعلان التشاد القضاء بشكل نهائي على تنظيم بوكو حرام، هو بمثابة إرسال رسائل للمجتمع الدولي والجوار الإقليمي، بأن الجيش التشادي قادر على الدفاع عن البلاد وإبعاد خطر الإرهاب.
وأشار في تصريحات لـ"عربي21"، إلى أن تزامن إعلان الجيش التشادي القضاء على "بوكو حرام" مع اكتمال انسحاب القوات الفرنسية من البلاد "هو محاولة من القادة الممسكين بالسلطة في هذا البلد التأكيد على أن قرار إنهاء الاتفاقات العسكرية مع
فرنسا وطلب مغادرة القوات الفرنسية كان صائبا".
ولفت إلى أن تنظيم "بوكو حرام" أحد أكثر التنظيمات المسلحة في غرب أفريقيا تدريبا وتسليحا، مشددا على ضرورة الانتظار لمعرفة ما إن كان الجيش التشادي قد تمكن بالفعل من القضاء على هذا التنظيم.
وأضاف: "يجب أن ننتظر فقد يفاجئ هذا التنظيم تشاد بهجمات جديدة، هذا تنظيم من أكثر التنظيمات بغرب أفريقيا تسليحا وتدريبا، وإن صح فعلا ما قالته السلطات التشادية من أنه تم القضاء عليه ببحيرة التشاد، فهذا سيكون حدثا مهما على الصعيد المحلي والإقليمي وفي منطقة غرب أفريقيا بشكل خاص".
اكتمال انسحاب فرنسا
وأكمل الجيش الفرنسي انسحابه من التشاد، حيث بدأت القوات الفرنسية قبل أسابيع انسحابها من هذا البلد الذي كان يصنف بأنه آخر نقطة ارتكاز لفرنسا في منطقة الساحل، حيث كانت باريس تنشر فيها ما يصل إلى 5 آلاف عسكري في إطار عملية برخان لمكافحة الجماعات المسلحة.
وكان الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي إتنو، الذي يتولى السلطة منذ عام 2021، قد اعتبر في تصريحات سابقة أن الاتفاقات العسكرية مع فرنسا "عفا عليها الزمن" بالنظر إلى "الحقائق السياسية والجيوستراتيجية الحالية".
وبجانب تشاد انسحبت القوات الفرنسية أيضا من النيجر ومالي وبوركينافاسو، وذلك على وقع توجه هذه الدول نحو المعسكر الروسي.
وبدت الفجوة واضحة بين باريس وبلدان الساحل، خلال الفترة الأخيرة، حين قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن بعض بلدان الساحل الأفريقي "ما كان لأي منها أن تصبح دولة ذات سيادة لولا نشر الجيش الفرنسي في هذه المنطقة" ما أثار غضب قادة هذه الدول، حيث وصفوا هذه التصريحات بالمستفزة.
ووصف وزير الخارجية التشادي، عبد الرحمن كلام الله، تصريحات الرئيس الفرنسي بأنها "موقف ازدراء تجاه أفريقيا والأفارقة" معتبرا أن فرنسا "لم تقم قط بتجهيز الجيش التشادي بشكل كبير، ولم تساهم في تطويره البنيوي، فخلال 60 عاما من الوجود الفرنسي، الذي شهد الحروب الأهلية والتمردات وعدم الاستقرار السياسي لفترة طويلة، كانت المساهمة الفرنسية في كثير من الأحيان مقتصرة على مصالحها الاستراتيجية الخاصة، دون أي أثر حقيقي دائم للتنمية لصالح الشعب التشادي".
"أخطر تنظيمات غرب أفريقيا"
وتعتبر "بوكو حرام" إحدى أخطر التنظيمات المسلحة في غرب أفريقيا، تأسست عام 2009، في نيجيريا، وشنت أول هجوم لها على مقرات للشرطة النيجيرية في 26 يوليو 2009.
لكن هذه الحركة لم تكن معروفة قبل العام 2014 حين اختطفت 276 طالبة من إحدى المدارس في ولاية برنو كن، بنيجيريا، ثم تتالت بعد ذلك هجمات الجماعة في شمال نيجيريا.
وعام 2015 أعلنت "بوكو حرام" البيعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وتغيير اسمها ليصبح "ولاية غرب أفريقيا".
وخلال السنوات الأخيرة توسع نشاط هذا التنظيم ليشمل العديد من بلدان الساحل وغرب أفريقيا، حيث باتت الجماعة تشن هجمات بشكل منتظم على الثكنات العسكرية في العديد من البلدان الأفريقية.
وتركزت هجمات هذه الجماعة بشكل رئيسي خلال الأشهر الأخيرة، في بحيرة التشاد، وهو ما تسبب في عرقلة صيد الأسماك والزراعة ورعي المواشي التي يعتمد عليها عشرات ملايين الأشخاص في معاشاتهم.
وفي كانون الثاني /يناير الماضي، استهدف مسلحون القصر الرئاسي في العاصمة التشادية إنجامينا، ما تسبب في مقتل 18 شخصا على الأقل وإصابة آخرين، حيث رجح البعض حينها أن تكون "بوكو حرام" وراء الهجوم.