صحافة دولية

لماذا تؤخر "إسرائيل" انسحاب قواتها العسكرية من لبنان؟

لم يلتزم الاحتلال بموعد الانسحاب من لبنان - الأناضول
نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية تقريرًا تحدثت فيه عن مخالفة القوات الإسرائيلية الاتفاق الذي ينص على الانسحاب من المناطق الحدودية في جنوب لبنان بحلول 27 كانون الثاني/ يناير.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إسرائيل أبلغت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة اعتزامها إبقاء قواتها في عدد من النقاط الحدودية.

وتضيف الصحيفة أن الجانب الإسرائيلي يبرر خرقه للاتفاق بعدم التزام الجيش اللبناني بتعهداته في نزع سلاح حزب الله. من جهتها، كشفت بيروت عن خرق جيش الدفاع الإسرائيلي الاتفاق في أكثر من 500 موقع.

فشل الانسحاب الإسرائيلي من لبنان

وتم تمديد اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة حزب الله اللبنانية إلى حدود 18 شباط/فبراير المقبل، إلا أن الانسحاب المخطط للقوات الإسرائيلية من المناطق الحدودية في جنوب لبنان، والذي كان من المقرر حدوثه  في 27 كانون الثاني/ يناير، لم يحدث. من جانبها، بررت إسرائيل قرارها بعدم وفاء لبنان بالتزاماته في نزع سلاح حزب الله.
 
تُبرر إسرائيل رفضها سحب قواتها بالحاجة إلى التصدي إلى التهديدات من جانب حركة حزب الله. وفقًا للجهات الرسمية، لم يحتفظ حزب الله بأسلحته فحسب، بل يحاول أيضًا استعادة قوته في المناطق الحدودية. كما تتهم إسرائيل الجيش اللبناني بالفشل في تنفيذ شروط الهدنة، التي تشمل نزع سلاح المقاتلين ووقف نشاطاتهم بالقرب من الحدود الإسرائيلية.




وتنقل الصحيفة ما جاء في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" التي ذكرت أن إسرائيل قررت الإبقاء على لواءين احتياطيين على الحدود الجنوبية للبنان، مؤكدة أن وجود هذه الوحدات ضروري لمراقبة الانتهاكات المحتملة من جانب حركة حزب الله.

وتنقل الصحيفة أيضًا عن مصادر في القوات المسلحة الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي يواصل تسجيل الانتهاكات من جانب حركة "حزب الله"، وأنه يعتزم اتخاذ إجراءات في إطار الاتفاقيات مع لبنان، رغم محاولات الحركة الشيعية العودة إلى المناطق الجنوبية. من بين الانتهاكات التي تم الكشف عنها، استمرار احتفاظ الحركة بمخازن للأسلحة تشمل قذائف هاون ومنصات صواريخ.

من جانبه، قال الجنرال اللبناني المتقاعد جورج نادر، إن الجيش الإسرائيلي لا يزال متمركزًا في المناطق التي تُعتبر مهمة وتتحكم في محاور التقدم نحو الأراضي الإسرائيلية في القطاعات الغربية والوسطى والشرقية. وأضاف نادر أن الجيش الإسرائيلي لا يزال يتمركز في المناطق وبعض القرى المتاخمة للحدود بين لبنان وإسرائيل.

وبحسب جورج نادر لم تلتزم إسرائيل بالاتفاقية؛ حيث ارتكبت مئات الانتهاكات، كما لم تنفذ السلطات اللبنانية  المطلوب منها في إطار الصفقة.

إسرائيل ولبنان تتبادلان الاتهامات بانتهاك الاتفاق

وادعى قائد القيادة الشمالية اللواء أوري جوردين في 22 كانون الثاني/يناير ارتكاب حزب الله مئات الانتهاكات لوقف إطلاق النار. وفي جلسات الكنيست، زعم مسؤولون عسكريون إسرائيليون أن حزب الله يواصل إنتاج الأسلحة في جنوب لبنان، وأن مقاتلي الحركة موجودون في الأماكن التي كان من المفترض عليهم مغادرتها.




من جهتها، كشفت السلطات اللبنانية عن تسجيل 564 خرقًا لوقف إطلاق النار من قبل إسرائيل. وتقول صحيفة الشرق الأوسط إن الجيش اللبناني نفذ منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، 500 غارة لتفقد مواقع لحزب الله وتفكيك بنيته التحتية والاستيلاء على أسلحة. وأشارت الصحيفة، نقلاً عن مصدر يتابع تنفيذ الاتفاق، إلى أن الحركة تتعاون بشكل كامل مع السلطات اللبنانية.

ونقلت الصحيفة عن جورج نادر أن الجيش اللبناني يتولى السيطرة بشكل مباشر على أي موقع في الجنوب بعد انسحاب القوات الإسرائيلية منه مع التأكد من أن المنطقة خالية من الألغام والمتفجرات لضمان سلامة المواطنين العائدين، معتبرًا أن الضامن الرئيسي للاتفاقية هو الولايات المتحدة، التي تراقب مدى التزام الجانب اللبناني والإسرائيلي بتنفيذها. وبحسب جورج نادر فإن الأحداث في الجنوب ستتطور بشكل سلمي.

يتفق معظم المحللين على أن إسرائيل و"حزب الله" غير مهتمان باستئناف الأعمال القتالية واسعة النطاق، لا سيما في ظل إضعاف الحركة بشكل كبير لا فقط بفعل الهجمات الإسرائيلية، بل بسبب التغيرات في السلطة في سوريا، مما أدى إلى تقليص قدرة إيران على توفير طرق إمداد الأسلحة لـ "حزب الله".

وفي الوقت نفسه؛ صرحت حركة "حزب الله" أن أي انحراف عن المهلة المقدرة بـ60 يومًا سيُعتبر انتهاكًا خطيرًا للاتفاق واعتداءً على سيادة لبنان، وهو ما سيجبر البلاد على محاربته بكل الوسائل والطرق.

في بداية كانون الثاني/ يناير، قال المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى لبنان، عاموس هوكشتاين، إن تنفيذ الاتفاق يسير بشكل عسير ولكن بنجاح، وأن إسرائيل تسحب قواتها تدريجيًا من جنوب لبنان كما كان مقررًا، مع التحرك من الغرب نحو الشرق.

والجدير بالذكر أن الوضع يزداد تعقيدًا بالنسبة للبنان في ظل اقتراب البلاد من تشكيل حكومة جديدة بعد انتخاب الرئيس جوزيف عون وتعيين رئيس المحكمة الدولية السابق نواف سلام رئيسًا للوزراء.

وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة بأن انتخاب عون ملأ الفراغ الرئاسي الذي كان قائمًا في البلاد منذ تشرين الأول/أكتوبر 2022. وعليه، تعتبر موازنة مصالح الطوائف الدينية، مع تشكيل حكومة تكنوقراط لإجراء الإصلاحات الهيكلية إحدى المهام الرئيسية لرئيس الوزراء الجديد.