حذر الكاتب
الإسرائيلي إيال زيسر، من الغرق في "المستنقع السوري" في محاولة لتحقيق أهداف هي في الأساس أكبر من قدرات "إسرائيل"، مضيفا أنه "من المبرر محاولة ضرب مخازن الأسلحة التي تركها الجيش السوري المتداعي، حتى لا تقع في الأيدي الخاطئة ويتم استخدامها ضدنا".
وقال زيسر في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، إنه "على مدار العقود الأخيرة، كانت
سوريا حجر الزاوية في بناء محور الشر الذي أنشأته إيران في الشرق الأوسط، وفي الحقيقة، لم تكن سوريا مجرد حلقة وصل بين طهران وبغداد وغزة وبيروت، والتي عبرها تدفق السلاح الإيراني إلى حماس وحزب الله، بل كانت هي المبادرة والدافعة لإنشاء هذا المحور الشرير".
وأضاف: "هكذا كانت سوريا تحت حكم عائلة الأسد ترى دورها في منطقتنا وأنها بمثابة الحصن الأمامي في الصراع ضد إسرائيل، وكان هذا الحال في حرب الأيام الستة (نكسة 1967) وحرب يوم الغفران (حرب أكتوبر 1973)، وكان هذا أيضًا بعد توقيع مصر وإسرائيل اتفاق السلام، حين سعت دمشق إلى تشكيل جبهة رفض للسلام إلى جانب العراق تحت حكم صدام حسين".
وذكر أنه "مع ذلك، فقد فضلت إسرائيل تجاهل الدور السلبي الذي لعبته سوريا في بناء حلقة النار حولنا، وبدلاً من ذلك استمتعت بالهدوء الذي ساد على طول الحدود في
الجولان، وتمنت أن يبقى بشار في منصبه".
وأشار إلى أنه "في الأسابيع الماضية كشفت نقطة تحول في سوريا، هيئة تحرير الشام بقيادة أبي محمد
الجولاني، التي كان ينظر إليها الجميع على أنها عصابات متمردة بكثير من الاستهزاء، أصبحت بفضل الدعم التركي وربما القطري جيشًا مسلحًا مدربًا ومنضبطًا يضم عشرات الآلاف من المقاتلين، وهو تمامًا كما أخطأنا في تقدير قوة حماس".
وأكد أن "هذا الجيش شن هجومًا مفاجئًا أدى إلى انهيار النظام السوري، الذي كان ضعيفًا وهشًا ويعتمد على دعم إيران وحزب الله، ولكن بعد أحداث العام الماضي، كانت يد هؤلاء (أي حلفاء الأسد) قصيرة عن إنقاذه".
وأضاف أن "الجولاني، الناشط في تنظيم داعش الذي أُرسل من قبل التنظيم لإنشاء فرع سوري عندما اندلعت الحرب الأهلية في سوريا، انفصل بمرور الوقت عن مرشديه، واليوم أصبح يعلن تصريحات لحنها محبب للغرب، وحتى لإسرائيل: أنه لا يجب الحكم عليه بناءً على أفعاله عندما كان شابًا، وأن هدفه هو بناء سوريا جديدة وضمان العيش الكريم لشعبها".
وأوضح أن "الزمن سيثبت ما إذا كان هذا ذئبًا يرتدي جلد حمل، أم إذا كان قد مر بتغيير جذري، وفي الوقت نفسه تتضح رؤيته حول سوريا كدولة إسلامية تطبق الشريعة، ومن المثير للاهتمام كيف سيتقبل الشارع السوري هذا التحول، الذي كان يكره بشار لكنه لا يريد أن يحل محله جهادي إسلامي".
وقال إن "سقوط نظام الأسد وصعود الجولاني كقائد للدولة يضع إسرائيل أمام تحديات جديدة، وللأسف يبدو أننا نرتكب كل الخطأ الممكن، ومن المبرر أن تخشى إسرائيل من الفوضى التي قد تؤدي إلى تجدد الهجمات الإرهابية على طول الحدود في الجولان، وكذلك من نوايا الجولاني على المدى الطويل، فقد كان السنوار أيضا يتحدث بتواضع، وكان يبدو أن اهتمامه ينصب على تعزيز حكمه في غزة وليس على الصراع مع إسرائيل".
وأضاف أن "من المبرر أيضًا محاولة ضرب مخازن الأسلحة الكيميائية والمتقدمة التي تركها الجيش السوري المتداعي، حتى لا تقع في الأيدي الخاطئة وتستخدم ضد إسرائيل، لكن من هنا إلى اندفاع العمل والنشاط الذي أصابنا في الأسبوع الماضي، فإن هناك مسافة كبيرة".
وأكد أن "على إسرائيل حماية مصالحها، ولكن يجب أن تتجنب التورط العميق في سوريا، لأن ذلك سيزيد من تعقيد الوضع.. يمكننا الدفاع عن الجولان دون التوغل في عمقه، ويمكننا ضرب الأسلحة المتقدمة التي تركها بشار دون أن نهاجم بشكل عشوائي كل ما يتحرك في جميع أنحاء سوريا".
وأشار إلى أن "هذا الاندفاع في العمل والطاقة يتناقض بشكل صارخ ليس فقط مع حقيقة أننا لم نتحرك ضد الأسد وجيشه على مدار السنوات، بل بشكل أساسي مع حقيقة أنه ضد حزب الله، العدو الحقيقي الذي نواجهه وما زلنا نواجهه، اكتفينا بضربة جزئية وهرعنا للموافقة على وقف إطلاق النار الذي تركه مع الكثير من قدراته ومعظم قوته العسكرية التي سيحاول الآن إعادة بنائها".
وختم بأن "إسرائيل لا تهم أحدًا في سوريا اليوم، كما أن العداء تجاهها اختفى، ويجب ألا نغرق في المستنقع السوري في محاولة لتحقيق أهداف هي في الأساس أكبر من قدراتنا، وبدلاً من ذلك، يجب علينا متابعة ما يحدث وراء الحدود بحذر، ولنتذكر أنه حتى إذا تبين أن الجولاني كان ولا يزال جهاديًا، فهو يشكل تهديدًا أقل من إيران وحزب الله، اللذين في صراعنا ضدهم توقفنا بشكل غريب قبل الحسم".