لا تتوقف
الأضرار الناتجة عن السياسة اليمينية لدولة
الاحتلال على الجوانب السياسية
والقانونية والأمنية فقط، بل إنه كلما زادت الحكومة من الأضرار التي لحقت بمؤسسات
الدولة، زاد نفور المستثمرين منها، والإضرار بمصيرها الاقتصادي.
غاد ليئور، الكاتب الاقتصادي بصحيفة
يديعوت أحرونوت، كشف أن "العواصم الكبرى حول العالم،
لاسيما لندن وواشنطن وفرانكفورت وطوكيو وبروكسل وباريس، شهدت اجتماعا لكبار
الاقتصاديين في الأيام القليلة الماضية، وهم يتابعون باهتمام كبير ما يمكن وصفها
بـ"رقصة الشياطين" التي تجري في
إسرائيل، التي تترك تبعاتها الكارثية
على بيانات البورصة في تل أبيب، وأداء كبرى شركاتها، وتقارير ميزان المدفوعات،
وبيانات العجز المتزايد في موازنة الدولة".
وأضاف في مقال
ترجمته "عربي21"، أن "النتيجة الأكثر كارثية لسياسة
حكومة اليمين
على
اقتصاد دولة الاحتلال تتمثل في تزعزع مركزها لدى
صندوق النقد الدولي والبنك
الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمفوضية الأوروبية، وأكبر البنوك في
العالم، وشركات التصنيف الائتماني، وهناك يجلس كبار الاقتصاديين حول العالم،
ويحدقون مندهشين لما تشهده حليفتهم الأولى في الشرق الأوسط".
وأوضح أن
"دوافع قلق كبار الاقتصاديين حول العالم من تدهور سمعة إسرائيل الاقتصادية
ليست مفاجئة، بل إنها تعود لعامين تقريبا حين بدأ الانقلاب القانوني، واليوم يتجدد
من خلال خطوات قمعية تتخذها حكومة اليمين مثل إغلاق هيئة البث، وتوسيع حصانة أعضاء
الكنيست، وإعطاء الشرطة الإذن بإلقاء قنابل الصوت على المتظاهرين، وتجنب تعيين
رئيس دائم للمحكمة العليا، واستهداف المستشارين القانونيين المستقلين، والسماح
لرئيس الوزراء بالرقابة على تعيينات مفوض الخدمة المدنية".
وأشار أن
"كل هذه الخطوات يوجد بينها شيء واحد مشترك وفق تشخيص كبرى المنظمات
الاقتصادية العالمية، ومفاده أننا أمام نهاية للنظام السياسي الإسرائيلي الذي
يتباهى كونه الوحيد من أنظمة الشرق الأوسط المتماهي مع المنظومة الغربية، وهو الذي
قام بتحسين أدائه الاقتصادي ومصداقيته في العالم المالي طوال 76 عامًا منذ تأسيس
دولة الاحتلال".
وحذر أن
"معدلات تدهور الاقتصاد الإسرائيلي تمثلت في ثلاث تخفيضات حصلت له في التصنيف
الائتماني، للمرة الأولى على الإطلاق، في الأشهر التسعة الماضية، مع العلم أن
القضاء على النظام السياسي في الدولة اليهودية الوحيدة قد يؤدي لتخفيض حاسم في
مركزها الاقتصادي العالمي بداية عام 2025، مما سيجعلها قريبة جدًا من دول العالم
الثالث المتخلفة".
وتساءل الكاتب
عن "علاقة إغلاق هيئة البث، أو التحكم بتعيينات القضاة، ومفوضي الخدمة
المدنية، بتراجع الترتيب الاقتصادي لإسرائيل في العالم، موضحاً أنها إجراءات تهدف
لتقويض النظام السياسي، وأن نتنياهو الحاصل على ماجستير في إدارة الأعمال يعلم
جيدا أن دولة لا توجد فيها محاكم عادلة، سيكون المستشارون القانونيون تابعين
لوزرائهم، وحيث لا يوجد إعلام حرّ، وتحبط الشرطة المظاهرات بالقنابل اليدوية، يعني
أنها دولة "مجذومة" اقتصاديا، وحينها لن تجد المستثمر الذي سيأتي
للاستثمار فيها".
وختم بالقول إنه
"عندما يستيقظ الإسرائيليون من سباتهم الشتوي المبكر الكئيب، سيجدون أن
تصنيفهم الائتماني قد تم تخفيضه، ووقف الاستثمار في الدولة سيقودها كثيرًا
للإفلاس، مع فرض أسعار فائدة ضخمة على قروضها، وتخفيضات ضريبية متعددة، وارتفاع
البطالة، ودفع العديد من سكانها لما دون خط الفقر".