سياسة دولية

دعوات إسرائيلية لاستغلال الوضع في سوريا بهدف تفكيك "محور الشر"

سيطرت فصائل المعارضة في سوريا على عشرات البلدات والنقاط العسكرية في ريف حلب- الأناضول
اعتبرت أوساط إسرائيلية أن الهجمات من قبل المعارضة السورية كشفت عن ضعف كبير في نظام بشار الأسد و"محور الشيعة"، دون دعم روسيا وايران، وأن على "إسرائيل" استغلال الفرصة لتفكيكه تماما أو إعادة النظر في سياستها تجاه سوريا.

وقال المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، آفي أشكنازي، إن "القتال في لبنان من قبل الجيش الإسرائيلي ضد حزب الله والتأثير الكبير على المنظمة، بالإضافة إلى الهجوم على إيران الذي نجحت فيه إسرائيل في إزالة بطاريات الدفاع الجوي، أدى إلى تغيير دراماتيكي في الشرق الأوسط، والحدث الحالي في سوريا هو بداية كرة ثلجية تعتمد على المصالح والفرص والقدرات".

وأضاف أنه "بعد الربيع العربي، توقفت سوريا عن الوجود كدولة ذات سيادة كبيرة وأصبحت مجموعة من كانتونات، كل منها تسيطر عليه جهة مختلفة: المليشيات الإيرانية، وتركيا، وروسيا، والمتمردون الأكراد، والدروز، والعلويون الموالون لنظام الأسد، وغيرهم".

وذكر أن "الانهيار الكبير لحزب الله في لبنان والتأثير القوي على حماس في غزة كانا بمثابة إشارة لجميع الشرق الأوسط عن الحالة الصعبة للهلال الإيراني، أو كما يُسمى "محور الشر"، وقبل عشرة أيام تقريبا، وفقاً لتقارير أجنبية، قامت إسرائيل بتوجيه ضربة قوية إلى قواعد حزب الله في سوريا، ومن خلال قصف يُنسب لسلاح الجو الإسرائيلي تم القضاء على أكثر من 100 مسلح وأصيب عدد مماثل".

واعتبر أن "هذا القصف كان له معنى يتجاوز العمل التكتيكي، فقد أرسل رسالة إلى الأسد بأن القوة التي تحميه معرضة للخطر، ومن المشكوك فيه أن يكون الأسد قد فهم الرسالة، والمتمردون الذين يحصل بعضهم على دعم من تركيا ويبدو أنهم مزودون بأسلحة غربية، فهموا الرسالة، وقد أضاءت لهم الضوء الأخضر للانقضاض على حلب وحمص ومناطق أخرى تحت السيطرة السورية والروسية والإيرانية".

وأشار إلى أن "الوضع الآن في سوريا شديد التقلب ومشكوك فيه، ومن جهة فانهيار محور الشر مفيد للمنطقة ولإسرائيل، ومن جهة أخرى رغم جميع المشاكل التي تواجهها إسرائيل مع نظام الأسد، فإن سوريا ليست دولة ذات سيادة وعدوة بشكل كامل، وهي رغم ذلك عنوان يمكن لإسرائيل أن تعمل معه".

وقال أشكنازي إنه "لهذا السبب، يعرف الأسد متى يجب أن يوقف مليشيات حزب الله والمليشيات المؤيدة لإيران، وعلى سبيل المثال، فإنه في الهجوم الإيراني في 13 نيسان/ أبريل، لم يُطلق أي صاروخ إلى إسرائيل من الأراضي السورية".

وأضاف أنه "مع دخول مجموعات متمردة غير متجانسة إلى مناطق مختلفة في سوريا فقد يتعقد الوضع على المدى القصير والمتوسط، كما أن سقوط أسلحة غير تقليدية في يد المتمردين قد يشكل تهديداً للمنطقة كلها ولإسرائيل، ولهذا السبب كانت هناك مشاورات عاجلة عقدها رئيس الوزراء مع قادة الأمن في ليلة السبت".

وأوضح أنه "في هذه الأثناء في إسرائيل، يجلسون على الحافة ويراقبون دون التدخل، والأنظار موجهة نحو تفكك الوكلاء الإيرانيين، والتصعيد تحت الطاولة في العلاقات مع أنقرة، ورد الفعل الروسي الغارق حتى أذنه في الحرب في أوكرانيا والديون الثقيلة للصين وإيران".

واعتبر أنه في الأيام الأربعة الأخيرة منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، "أظهرت إسرائيل هجمات مثيرة للإعجاب، يقوم سلاح الجو بتشغيل كمية كبيرة من الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار التي تجوب سماء لبنان وتعمل على تحديد انتهاكات الاتفاق، بما في ذلك نشطاء حزب الله الذين يحاولون الوصول إلى القرى في جنوب البلاد لإنقاذ الأسلحة والذخائر التي تركت في الأرض، وللعثور على جثث مسلحين مدفونة تحت أنقاض المباني، واكتشف الجيش الإسرائيلي محاولات من المسلحين لتشغيل منصات إطلاق صواريخ، لكن من المشكوك فيه أنهم كانوا ينوون إطلاق النار على الأراضي الإسرائيلية".

وختم أشكنازي بأنه "على أي حال، فإن هذه العزيمة تنقل رسالة وتخلق معادلة جديدة: إسرائيل عازمة على الرد بالنار على أي انتهاك للاتفاق، يقدر الجيش أنه في وقت قريب ستثبت هذه الحقيقة في لبنان وبين نشطاء حزب الله، وربما سيسمح ذلك بخروج القوات من أرض الأرز قبل إتمام 60 يوماً التي تم تحديدها في اتفاق وقف إطلاق النار".

وفي مقال آخر عبر صحيفة "يسرائيل هيوم"، قال أيال زيسر إنه "يخيل أن التاريخ يكرر نفسه، بالضبط قبل عقد، في ربيع 2015، تمكن الثوار من السيطرة على مدينة ادلب في شمال سوريا، المدينة الكبرى الأولى التي سقطت في أيديهم، وكان يخيل للحظة أن مصير بشار الأسد حسم وأن سقوط الحاكم السوري، الذي سيطر في حينه فقط على ربع أراضي سوريا هو مسألة أيام أو أسابيع".

وأضاف زيسر: "غير أنه عندها تدخلت إلى جانبه في الحرب روسيا وإيران، فقد بعث الروس بطائرات قتالية قصفت مناطق الثوار، وأساسا السكان المدنيين الذين جاءوا منها، لكنهم تركوا القتال على الأرض لإيران، فقد بعثت هذه إلى سوريا بمقاتلي الحرس الثوري ومليشيات شيعية جندتهم في كل أرجاء الشرق الأوسط وبالطبع مقاتلي حزب الله".

وأوضح أنه "ضُرب الثوار وتشتتوا في كل صوب ونجا بشار من الحرب، غير أن نظامه تبين كضعيف وعديم القوة والتأييد، وعمليا سيطر فقط في نحو ثلاثة أرباع أراضي سوريا، حيث إن الأكراد أقاموا في شرق الدولة برعاية أمريكية حكما ذاتيا، أما في إدلب في الشمال فواصل ثوار العمل برعاية تركية".

وذكر أنه "في نهاية الأسبوع الماضي حسم شيء ما في سوريا وفي الشرق الأوسط كله، الثوار ورجال جبهة النصرة (أو باسمها الجديد جبهة تحرير الشام) خرجوا على نحو مفاجئ إلى هجوم ضد قوات النظام في شمال الدولة. في الماضي كانوا ينتمون إلى القاعدة لكنهم أصبحوا براغماتيين، والدليل أنه في الوقت الذي سيطروا فيه على الجولان السوري في العقد الماضي فإنهم حرصوا على الإبقاء على الهدوء على طول الحدود مع إسرائيل، ويبدو أن تركيا هي التي وقفت من خلفهم وساعدتهم في تسليح وتدريب رجاله".

وأضاف أن "الهجوم  فاجأ الجيش السوري تماما وكشف ضعفه، وضعف نظام بشار الذي لا يمكنه وحده أن يتصدى لأعدائه من الداخل، وفي غضون يوم احتلوا مدينة حلب التي لم ينجحوا في احتلالها على مدى العقد الماضي، ومن هنا فتحت أمامه الطريق جنوبا نحو دمشق، ومن التقارير من سوريا يفهم أن الجيش السوري انهار وأن وحداته فرت من وجه الثوار وأن هؤلاء يستقبلون بالترحاب في القرى والمدن التي يحتلونها".

واعتبر الكاتب أنه "قبل عقد كان الروس وإيران وحزب الله هم الذين أنقذوا بشار، غير أن الروس غارقون اليوم في حربهم في أوكرانيا، وإيران توجد تحت ضغط أمريكي ثقيل ومردوعة من إسرائيل، في حين أن حزب الله لا يزال ملقى على الأرضية التي ألقت به إليها إسرائيل في الحرب الأخيرة في لبنان، وبشار وحده لا يمكنه أن يتصدى لأعدائه، وهذا ما يعرفونه في موسكو، وفي طهران وكذا في صفوف الثوار الذين حددوا بناء على ذلك موعد هجومهم.. ومع ذلك، فبالنسبة لإيران وروسيا هذه مسألة حياة أو موت ومستقبل مكانتهم في المنطقة، ولهذا فانهم سيفعلون كل شيء كي ينقذوا بشار الذي يواصل الاستمتاع بالدعم من أبناء طائفته الذين يسيطرون في الجيش السوري".

وقال إنه "بشكل تقليدي.. إسرائيل كانت إلى جانب بشار لأنها رأت فيه حاكما حذرا يحرص على الحفاظ على الهدوء على طول الحدود في هضبة الجولان، وهكذا بالمناسبة تصرف أيضا في أثناء الحرب في السنة الأخيرة، لكن بشار يشكل حلقة حرجة في المحور الذي يربط بين طهران وبيروت. فبعد كل شيء، وردت سوريا سلاحا متطورا لحزب الله وسمحت لإيران بأن تنقل عبر أراضيها سلاحا للحزب. الآن بعد أن أزيل تهديد حزب الله عن إسرائيل وتغيرت الخريطة الإقليمية، فيجدر بنا إعادة النظر في موقفنا، والمؤكد هو أنه يجدر بنا أن نستغل الواقع الجديد في سوريا كي نعمل بتصميم وبحزم أكبر من الماضي كي ندحر إيران ووكلائها من هذه الدولة".
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع