تقارير

بلدة سعير الفلسطينية.. أرض الينابيع والزيتون والتين والعنب تقاوم

سعير مكان أثري يحتوي على مدافن منقورة في الصخر، وتقوم فوق رقعة جبلية من الأرض وتحيط بها من الجهات الشمالية والشمالية الغربية والجنوبية الغربية سلاسل جبلية عالية..
بلدة دائمة الخضرة من حيث البستنة وتنوع أشجارها، ولا يمكن الحديث عنها دون الحديث عن عين الماء التاريخية التي تقع وسطها فهي شاهد من شواهدها الحضاربة. نشأت بلدة سعير على موقع بلدة "صعير"، وهي كلمة كنعانية تعني صغير، وترجح المراجع التاريخية أن اسم سعير يعود إلى جد سكان المنطقة "سعير الحوري" الذي سكنها قبل الكنعانيين. وفي عهد الرومان عرفت باسم "سيور" ويبدو أنها من "سار" بمعنى الصخر والشاهق.

وسعير مكان أثري يحتوي على مدافن منقورة في الصخر، وتقوم فوق رقعة جبلية من الأرض وتحيط بها من الجهات الشمالية والشمالية الغربية والجنوبية الغربية سلاسل جبلية عالية، منها رأس طورة في الشمال ويعلو 1,012مترا عن سطح البحر.


                                              قرية سعير في عام 1928..

وتقع سعير في جنوب الضفة الغربية إلى الشمال الشرقي من مدينة الخليل، وهي تابعة لمحافظة الخليل. ويحدها من الشمال قضاء بيت لحم ومدينة بيت فجار ومخيم العروب وكوازيبا، ومن الجنوب بني نعيم، بينما يحدها من الشرق أراضي البرية الممتدة إلى عين جدي والبحر الميت، ومن الغرب يحدها حلحول وأراضيها.

تبلغ مساحة أراضيها 92,422 دونما، وهي أرض غزيرة المياه تزرع فيها الخضار لتوفر المياه الجوفية، وتنتشر فيها أشجار الزيتون والعنب والتين وتحيط بالبلدة بساتين العنب والزيتون والتين وغيرها، وتعتمد الزراعة على مياه الأمطار والينابيع ذات المياه الغزيرة.

ويهتم بعض الأهالي بتربية المواشي التي تجد في الأعشاب الطبيعية في المرتفعات الجبلية مرعى خصيبا لها، ولذا قامت في البلدة صناعة منتجات الألبان والجلود والمزاود والبسط.


                                                 أحد البيوت الأثرية في البلدة

قدر عدد سكان سعير عام 1922 بنحو 1477 نسمة، وفي عام 1945 ارتفع إلى 2,710 نسمات، وبلغ في عام 1967 حوالي 3,200 نسمة، وفي عام 1987 بلغ 8,300 نسمة، وفي عام 1996 بلغ 15000 نسمة،  وبلغ في عام 2007 أكثر من 15 ألف نسمة. ويبلغ عدد سكانها حاليا أكثر من 30 ألف نسمة.

في عام 1596 ظهر اسم سعير في سجلات الضرائب العثمانية كجزء من ناحية من الخليل في لواء القدس. وكان عدد سكانها مسلمين بالكامل يتكون من 72 أسرة. تم دفع الضرائب على القمح، والشعير، والمحاصيل الصيفية، وأشجار الزيتون، الماعز و/أو خلايا النحل.

وفي أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، وبعد اتفاقيات الهدنة، أصبحت سعير تحت الحكم الأردني.

وبعد حرب عام 1967 خضعت سعير للاحتلال الإسرائيلي، ثم بعد اتفاقيات أوسلو عام 1993، تم تصنيف سعير ضمن "المنطقة ب" ما أعطى السلطة الوطنية الفلسطينية السيطرة على الشؤون المدنية للبلدة بينما يحتفظ الاحتلال بالسيطرة الأمنية.

وفي عام 1997، أنشأت السلطة الفلسطينية مجلسا بلديا منتخبا من 13 عضوا لإدارة سعير. وتضم حدودها البلدية عددا من القرى الصغيرة، منها العديسة، والدوارة، عرقان طراد، وكزيبا، ووادي الرم، ورأس الطويل.



وتقع سعير حاليا بين عدد من المستوطنات المحيطة في محافظة الخليل، حيث تحيط البلدة من الجهة الجنوبية مستوطنة "كريات أربع"، وهي أكبر مستوطنات الجنوب الفلسطيني، ومن الشمال الشرقي مستوطنة "كدوميم"، ومن الجهة الغربية يطوقها الشارع الالتفافي رقم "60" الذي يربط مستوطنات الجنوب بالشمال، والذي قطع أراضي البلدة عن أراضي مدينة الخليل، كما أصبح نقطة مواجهة ساخنة لشباب البلدة مع قوات الاحتلال التي تقتحم البلدة بشكل متواصل وتعتقل الشبان وتنفذ عمليات هدم للمنازل.

ولم تكن بلدة سعير حديثة عهد بالمقاومة بل كانت دوما في مقدمة الثورات والعمل المقاوم، وقد تجددت فيها روح المقاومة خلال انتفاضة القدس (الانتفاضة الثانية) حيث ارتقى فيها 12 شهيدا، ومنها انطلقت عدة عمليات طعن ودهس ضد جنود الاحتلال. واحتلت بلدة سعير في انتفاضة القدس المرتبة الأولى على مستوى بلدات محافظة الخليل في عدد الشهداء وتنفيذ العمليات ضد المحتل ومستوطنيه.

ولا تزال البلدة تقدم الشهداء والمقاومين ضمن عملية  "طوفان الأقصى" والحرب الوحشية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة والضفة الغربية أيضا.

المصادر

ـ دليل بلدة سعير، معهد الأبحاث التطبيقية- القدس (أَريج) ،2009.
ـ موقع المعمار الشعبي الفلسطيني ( رواق).
ـ بثينة حمدان، "سعير: حرمتها التوراة..استباحها الاحتلال!"، وكالة معا، 27/2/2017.
ـ إدريس محمد صقر جرادات، "عبير الأزاهير في تراث سعير وجغرافيته"، جامعة النجاح الوطنية، 2015.
ـ "بلدة سعير وعين مائها التاريخية"، وكالة معا، 28/5/2014.
ـ مصطفى مراد الدباغ، "بلادنا فلسطين"، ج5، ق2، بيروت، 1972.
ـ "سعير..شموخ جبل الخليل الثائر"، المركز الفلسطيني للإعلام، 13/7/2016.