في إطار عدوانها المتواصل على
غزة،
تتكشف يوما بعد يوم مدى الجرائم التي ترتكبها أو تسمح بارتكابها قوات
الاحتلال
الإسرائيلي في القطاع.
آخر الوسائل للتضييق على حياة الغزيين
التي انكشف أمرها هو إطلاق الاحتلال بشكل متعمد ليد
عصابات مسلحة لنهب
المساعدات
الإنسانية.
هذا ما كشف عنه تقرير لصحيفة
"هآرتس" العبرية، التي قالت إن قوات الاحتلال تتيح لمسلحين فلسطينيين في
قطاع غزة نهب وجباية إتاوة من شاحنات المساعدات التي تدخل إلى القطاع، في الوقت
الذي يستهدف فيه أفراد شرطة في غزة، كلّما حاولوا منع هذه العصابات من السيطرة على
الشاحنات.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في منظمات الإغاثة
الدولية العاملة في غزة تأكيدها أن "المسلحين المرتبطين بعشيرتين معروفتين في
منطقة رفح، يقومون بعرقلة جزء كبير من الشاحنات التي تدخل القطاع عبر معبر كرم أبو
سالم، بطريقة ممنهجة، ومن خلال تحويل مسارها بشكل متعمّد".
وأكّد التقرير أن ذلك يحدث في ظلّ
"غض الطرف" من قِبل قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأكدت تلك المصادر أن "عمليات النهب
ممنهجة ويغض الجيش الطرف عنها، وبما أن منظمات إغاثية ترفض دفع أموال حماية، فإنها غالبا
ما تنتهي المساعدات في مستودعات تابعة للجيش".
وقالت الصحيفة إن "المساعدات تحتوي
على مواد غذائية ومعدات يحتاجها سكان غزة بشدة".
وتؤكّد المنظمات الإنسانية، أن قوات من
الشرطة المحلية، "حاولت في عدة حالات التحرك ضد اللصوص، لكنهم تعرضوا لهجوم من
قبل الجيش الإسرائيلي، الذي يعتبرهم جزءًا من حماس".
وأكد التقرير أن مشكلة العصابات المسلّحة،
قد تفاقمت منذ سيطرة الجيش الإسرائيلي على معبر رفح، الذي كان حتى ذلك الحين بمثابة
المحور الرئيسي لدخول البضائع إلى القطاع. ومنذ توقف المعبر على الحدود بين غزة ومصر،
تدخل معظم البضائع إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، وهي المنطقة المتاخمة التي
سيطر عليها المسلّحون.
ووفق التقرير فإن "حالات السرقة تضاعفت
في الأسابيع الأخيرة، إلى حد أن الطريق تم تحديده على الخرائط الصادرة عن الأمم
المتحدة على أنه "منطقة شديدة الخطورة"، بسبب انهيار النظام المدني بشكل
رئيسي".
ولفت التقرير إلى أن "الشاحنات تدخل
القطاع عبر معبر كرم أبو سالم، وتمرّ عبر منطقة سيطرة الجيش الإسرائيلي عند محور فيلادلفيا،
ثم تتجه شمالا نحو رفح، حيث يهاجمها المسلحون".
ونقل التقرير عن مسؤولين إسرائيليين، مطلعين
على عملية نقل المساعدات، قولهم إن "المسلحين يوقفون الشاحنات باستخدام حواجز
مؤقتة، أو إطلاق النار على إطارات الشاحنة، ثم يطلبون من السائقين دفع "رسوم مرور"
بقيمة 15 ألف شيكل".
وأضافوا أن "السائق الذي يرفض الطلب
يكون في خطر باختطاف الشاحنة، أو الاستيلاء عليها، وسرقة محتوياتها".
وبحسب قوله فإن "المسلحين يضربون السائقين،
ويأخذون كل الطعام إذا لم يُدفع لهم". ولتجنّب ذلك، توافق بعض منظمات الإغاثة
على دفع رسوم الابتزاز.
ولفت التقرير إلى أنه "عادة ما يتم
الدفع من خلال شركة فلسطينية، تعمل كوسيط".
وبحسب المصادر التي نقل عنها التقرير، فإن
مسؤولين في وحدة تنسيق عمليات الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة، والمسؤولة عن
المساعدات الإنسانية، "هم الذين نصحوهم بالعمل من خلال تلك الشركة".
ونقلت "هآرتس" عن مصادر عاملة
في قطاع غزة، أن "الهجمات المسلحة تتم تحت أعين قوات الجيش الإسرائيلي، وعلى مسافة
مئات الأمتار منها".
وأفاد التقرير بأن بعض منظمات الإغاثة التي
تعرّضت شاحناتها للهجوم، اتصلت بالجيش الإسرائيلي بشأن هذه القضية، لكن جيش الاحتلال
رفض التدخّل؛ وتؤكد المنظمات أن الجيش يمنعهم أيضًا من السفر على طرق أخرى، تُعدّ
أكثر أمنا.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير من إحدى المنظمات
العاملة بغزة لم تسمه قوله: "رأيت دبابة إسرائيلية ومسلحا ببندقية كلاشينكوف على بعد
مائة متر فقط منها.. ضرب المسلحون السائقين وأخذوا كل الطعام".
وعن عدم تحرك الجيش لمنع نهب المساعدات،
قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون للصحيفة إن "الجيش يفضل عدم المخاطرة بمهاجمة
أي شخص في محيط الشاحنات".
ويتناقض هذا مع ما فعله الجيش في السابق، إذ إنه كثيرا ما قصف عمليات توزيع مساعدات ينفذها ناشطون متطوعون، ما أودى بحياة مئات الفلسطينيين.
وأفادت الصحيفة بأنه "على بعد كيلومتر
واحد من معبر كرم أبو سالم، وقبل الأحياء الشرقية من رفح بقليل، توجد منطقة يطلق عليها
الجيش اسم "منطقة النهب".
وتابعت: "وهذه هي المنطقة التي تجري
فيها أغلب عمليات نهب شاحنات المساعدات، وهي تخضع بالكامل لسيطرة للجيش، ويتمركز جنوده
على بعد مئات الأمتار فقط، وأحيانا أقل، من الحواجز التي تقيمها العصابات على الطريق".
و"تراقب القوات الجوية الإسرائيلية
المنطقة باستخدام طائرات بدون طيار، في حين يراقب الجيش ما يحدث من على الأرض. ويقول
الجنود العاملون في غزة إنهم على دراية تامة بعمليات النهب، التي يقولون إنها أصبحت
روتينية"، وفق الصحيفة.